اسرائيل تستعدّ للحرب: الورقة الفرنسية آخر خرطوشة دبلوماسية
صدى وادي التبم-متفرقات/
يأتي وزير الخارجية الفرنسي الى لبنان في “الويك أند” حاملاً ورقة صغيرة دوَّن فيها الإليزيه حصيلة المفاوضات الشاقّة التي خاضها الرئيس ايمانويل ماكرون مع الجانبَين اللبناني والاسرائيلي، وهي خلاصة جهد فرنسي – قطري لمنع انزلاق الجبهة الجنوبية نحو حرب شاملة بين لبنان واسرائيل وإعادة الهدوء الى منطقة جنوب الليطاني وفق المنطق الغربي الذي يشدّد على ضرورة توفير الأمن للمستوطنات الشمالية من جهة، واعطاء لبنان بعض الضمانات المرتبطة بسلاح حزب الله وبقدرة الدولة اللبنانية على حراسة أمنها.
ما تسرّب من الورقة الفرنسية والتي تقَصَّد الفريق اللبناني المعني بهذا الملف تسريبها وتحديدا الثنائي الشيعي، مشابه في شروطه لتلك التي تمّ تدوينها في الوساطة بين اسرائيل وحماس برعاية مصرية – قطرية مع فروقات تتعلّق بطبيعة الملف الذي يتفاوض عليه الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي والمرتبط بالاسرى بين الجانبَين ووقف الحرب في غزة، في حين ينحصر التفاوض اللبناني – الاسرائيلي على وقف الحرب على الحدود وتقديم تنازلات من قبل الطرفَين لدعم الهدف المنشود.
في الشقّ اللبناني، تؤكد مصادر متابعة لملف التفاوض لـ “ليبانون فايلز” ان حزب الله يريد استيضاح الفرنسي عن الشروط التي وضعها لتوفير الامن على الحدود الشمالية عند التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في غزة، ما يعني ان الحزب يرفض أي مفاوضات لوقف عملياته العسكرية جنوبا طالما ان آلة الحرب الاسرائيلية لا زالت تعمل في قطاع غزة، وبالتالي فإن الفرنسي سيسمع من جديد الاسطوانة عينها التي سمعها جميع الذين التقوا الحزب مباشرة أو عبر وسطاء، وهي: “عندما تتوقف الحرب في غزة تتوقف في لبنان”.
أمّا ما يريده الحزب من الفرنسي وغيره من الوسطاء فهو واضح ويتعلق بالاتفاق على قواعد اشتباك جديدة عند انتهاء حرب غزة اليوم أو بعد سنة أو أكثر. في هذا الشق يؤكد حزب الله أنه حاضر لأي ورقة لبحث بنودها وفق شروط المعركة، والتي يؤكد أنها لا تزال لصالحه في الجنوب رغم الدمار الكبير الذي لحق بالقرى الحدودية، الا أنه مقتنع بفوزه استراتيجيا على اسرائيل من خلال تغيير الواقع الديمغرافي في الشمال وتحويل المستوطنات الى مدينة أشباح كبيرة خالية من المستوطنين، وايضا بكسر اسرائيل جوا عبر إسقاط المسيّرات بصواريخ أرض – جو وابقاء كل الاحتمالات مفتوحة حول امكانية اصطياد الطائرات الحربية بالصواريخ الحديثة من عدمه.
قراءة حزب الله تُصَعّب مهمة الدبلوماسية الفرنسية التي تحمل معها ورقة انهاء الصراع على الحدود على الفور من دون الالتفاف الى ما يجري في غزة ولاحقا في رفح، وهي تحمل الى جانب الورقة تهديدا اسرائيليا مباشرا للبنان بأن زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت ستكون الخرطوشة الدبلوماسية الاخيرة قبل الانتقال الى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة مع لبنان وحزب الله لتأمين الحدود الشمالية وفرض منطقة آمنة على عمق 10 كلم2 يتم نشر قوات حفظ السلام عليها مع الجيش اللبناني بالتنسيق مع الدول المعنيّة بالملف اللبناني.