الجبهة السورية جحيم لإسرائيل

صدى وادي التيم-متفرقات/

ثبتت روسيا نقطة عسكرية لها، وهي الثالثة من نوعها بالقرب من المنطقة الفاصلة بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان، وقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه وبهذه الخطوة يكون عدد النقاط كاملة قد ارتفع إلى 12 نقطة على الأراضي السورية.
أما في المقلب الروسي، فتعتبر موسكو أن نقاطها العسكرية جنوبي سوريا “تأتي في إطار جهودها لمراقبة الوضع على طول خط “برافو” في المنطقة الفاصلة”، وتضيف أيضا أن إنشاءها يرتبط بمراقبة “الالتزام بوقف إطلاق النار بين الطرفين”.
في المقابل، لم يصدر أي تعليق إسرائيلي على تحركات موسكو بالقرب من مرتفعات الجولان من جهة، وعلى المواقف الروسية السياسية ضدها من جهة أخرى سيما إزاء الضربات التي تنفذها تل أبيب باستمرار في سوريا، وآخرها الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.

في السياق، أشار رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية خالد زين الدين في حديث لـvdlnews  إلى أن “الوجود الروسي بالقرب من الجولان هو منسق ضمن إتفاق بين القوات الروسية والإسرائيلية وله عدة أهداف على الرغم من التباين في وجهات النظر بين روسيا وإسرائيل ولكن يبقى التحالف بين الطرفين عميقا ومتينا”. وأضاف: “تتوزع نقاط المراقبة الروسية على عدة اجزاء بين محافظتي درعا والقنيطرة من الجنوب السوري وتُجري دوريات بإستمرار”.

وقد اعتبر زين الدين أن الدليل على وجود إتفاق بين الطرفين، هو غياب أي تعليق إسرائيلي على “الخطوة المهمة جداً” لأمن إسرائيل خاصة بعد تخطيها ما وصفه بـ”الخطوط الحمراء” من خلال إعتدائها على الأجواء السورية وضرب القنصلية الأيرانية وإغتيال القائد العسكري الإيراني محمد رضا زاهدي.

الجبهة السورية جحيم لإسرائيل من دون المظلة الروسية

خلال الحديث عن القرار 350 الدولي لفصل النزاع بين الطرفين، شرح زين الدين ما يلي: “وجود الخط ونقاط المراقبة يمنع أي جهة من التسلل وتنفيذ أي عملية خطف أو إغتيال أو ضرب لأهداف معينة، كما يمنع أي طرف من إستخدام الأراضي في تلك المنطقة الجغرافية لإطلاق صواريخ وتركيب منصات تهدد أمن الجولان المحتل”.

تتكون الحدود الإسرائيلية – السورية وتخضع لمراقبة الأمم المتحدة. أما في الجهة الشرقية منها، فيقع خط “برافو” الذي يشير إلى نهاية المنطقة العازلة وبداية الأرض السورية. أما غربها، فنجد خط “ألفا” حيث تنتهي المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة وتبدأ “الأراضي الإسرائيلية”. ويُذكر أنه بموجب القرار 350 الدولي الصادر عن مجلس الأمن لفصل النزاع بين سوريا وإسرائيل، يُمنع على كل من القوات السورية والقوات الإسرائيلية عبور الخطوط الفاصلة؛ أي خط “برافو” لجهة سوريا وخط “ألفا” لجهة إسرائيل.    

وعند سؤاله عن سبب توقيت الخطوة الروسية باستحداث النقطة العسكرية هذه، أوضح رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية أن “روسيا متواجدة في تلك المنطقة سابقًا ولكن بعد عام 2018 تقلّص وجودها بسبب التوترات والحرب في أوكرانيا، مما سمح للحركات المعادية لإسرائيل والقوات الأخرى الدخول للمنطقة بغية تثبيت مناطق مراقبة وإستخدامها في الوقت المناسب للضرب أو التسلل إن كان من الأراضي السورية أو عن طريق الدخول من العراق وثم للجولان، بحيث تسميهم إسرائيل مجموعات ارهابية”.

وأكمل: “هناك إتفاق روسي إسرائيلي بإبعادهم عن الحدود أكثر من ٨٠ كلم لتأمين منطقة عازلة تسمح لسكان الجولان المحتل بالإستقرار وليس بالنزوح كما حصل في المنطقة الشمالية على الحدود اللبنانية”.

ورأى زين الدين أن “إسرائيل بحاجة ماسة للدعم من روسيا وخاصة بعد عملية طوفان الأقصى لأنها القوة الوحيدة التي تستطيع تأمين الجبهة السورية ومنع إنزلاقها وهناك تفاهمات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو”، متابعًا: “إسرائيل تدرك جيدًا أنها من دون الدعم والمظلة الروسية ستتحول الجبهة السورية لجحيم وتهديد وعدم إستقرار”

تسوية كبرى وما وراء ميناء غزة

أما في ما يخص إدراج الخطوة الروسية في إطار التوتر في العلاقات الروسية – الإسرائيلية خصوصًا إبان الحرب في أوكرانيا، أكّد أن العلاقات العميقة أكبر من أن تتصدع فتل أبيب بحاجة كبيرة للحفاظ على الرضا الروسي ضمن ما يسمى بصراع المصالح”. واعتبر أن الدليل على ذلك هو “عندما استدعت الخارجية الإسرائيلية السفير الأوكراني للتوبيخ، وخلال أشهر الحرب الأوكرانية دأبت إسرائيل التي تعد الحليف الأكبر لكييف حيث رئيسها ينحدر من أصول يهودية، على إبقاء الأبواب مفتوحة مع الكرملين حفاظًا على مصالحها مع موسكو والمتعلقة بإستقدام اليهود من روسيا والحفاظ على مكاتب الوكالة اليهودية في موسكو فضلًا عن مواصلة التنسيق لردع الهجمات الإيرانية العسكرية وتقويض إعادة انتشارها هناك”.

والبرهان الإضافي الذي ارتكز عليه زين الدين هو تجنب إسرائيل “إغضاب” موسكو عندما امتنعت من التصويت على قرار يدعو روسيا إلى دفع تعويضات لأوكرانيا.

وبنظره المنطقة مقبلة على تسوية كبيرة وتقاسم للنفوذ بين القوى الإقليمية حيث قال أن “ميناء غزة هو بداية التسوية حيث ستكون النقطة العسكرية الأميركية العائدة إلى الشرق الأوسط لمواجهة التمدد الروسي والصيني في الاقتصاد والاستثمار بالإضافة إلى الشركات الروسية والصينية التي بدأت تضع موطئ قدم لها في الاستثمار النفطي لمنافسة الشركات الأميركية”.

وتابع: “بالإضافة إلى الصراع على السيطرة على خطوط إمداد النفط التي من خلالها ستحكم الجهة المسيطرة على أسواق آسيا وأوروبا سويا، روسيا بحاجة أيضًا لإسرائيل لإبقاء خطوط التواصل والتفاهم والتفاوض مع الولايات المتحدة على الخطوط الحمراء وهذا ما رأيناه عندما أدانت أميركا استهداف مصافي النفط الروسية من قبل أوكرانيا”.

براغماتية سياسة بوتين

يمكن وصف سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالبراغماتية للغاية، فموسكو شعرت أن الأحداث في غزة تجر الجنوب العالمي بعيدًا عن الغرب ويمكن أن يجعل مواقفه أكثر تعاطفًا مع موسكو. فروسيا وإسرائيل، سعتا على مدى عقدين من الزمن، إلى تحقيق توازن دقيق. وبينما وجد البلدان نفسيهما في كثير من الأحيان على طرفي نقيض من اللعبة الجيوسياسية، سعت تل أبيب إلى التواصل مع موسكو في سوريا وكانت حريصة على عدم استعداء روسيا، نظرًا لعلاقاتها الوطيدة مع إيران.

ومع السابع من تشرين الأول، هرع المسؤولون الروس ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة إلى اتخاذ موقف مؤيد لعملية حركة حماس، وسُلطت الأضواء على الأخطاء العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، والتي قُدِمت كدليل على الضعف الغربي.

يمكن الاعتبار أن حرب غزة أثبتت بالفعل أنها انتصار لبوتين من خلال المساعدة في صرف انتباه الغرب عن الحرب الأوكرانية، حيث تكافح الولايات المتحدة ومعها الإتحاد الأوروبي للمضي قدمًا بحزمتي مساعدات حاسمتين حيويتين لصمود كييف في الأمد الطويل.

المصدر: كريستيان أبي خليل

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!