إسرائيل تدمّر أسطول سيارات تاريخية في علما الشعب
صدى وادي التيم – لبنانيات /
يفوق عمر السيارات، التي طمرتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية تحت ركام منزل عائلة توفيق رزق الله، في بلدة علما الشعب، عمر دولة الكيان الإسرائيلي نفسه، وتكبر إحدى السيارات الأميركية الصنع، من نوع فورد، تاريخ هذا الكيان بتسعة عشرة عاماً. الأمر نفسه، مع زيتونات علما الشعب المحترقة والضاربة بالأرض مئات السنين.
جنى العمر
فهناك عند تلة صغيرة، في علما الشعب الحدودية، المواجهة لمستعمرة الاحتلال في “حانيتا” (والتي منها أطلقت النيران على الصحافيين، وأدت إلى استشهاد المصور عصام العبدالله، وجرح خمسة آخرين، في 13 تشرين الاول 2023)، كان يرتفع منزل عائلة رزق الله، المكلل بحجارة صخرية معتقة، فحولته الصواريخ الإسرائيلية الضخمة، إلى كتل من ركام الإسمنت، دفنت في طابقه السفلي، ثلاثين سيارة قديمة وفريدة.
ورغم أهمية هذا المنزل، الذي تم بناؤه على مدار سنوات، وهو بمثابة جنى العمر، فقد كانت الخسارة الأكبر، كنز السيارات الثلاثين، التي أمضى رزق الله مع نجله، في جمعها على مدى عقدين من الزمن، من كافة أصقاع العالم والسوق المحلي. فعمل على شحن بعضها من الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما سيارة “فورد” (أبو دعسة)، المصنوعة في العام 1929، وتدور على محرك آلي “مانيفيل”. وجميعها لا يقدر بثمن.
كانت سيارات توفيق رزق الله، الذي حالفه القدر مع عائلته بأنهم تركوا المنزل بالتزامن مع اشتداد العدوان الإسرائيلي، تشكل رصيداً زمنياً وتاريخيأ وتراثاً، إلى جانب أثمانها الباهظة. وقد أصبحت بعد تدمير المنزل، التي أطبقت جدرانه وسقفه على هياكلها، في عداد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل، منذ الثامن من تشرين الأول 2023، في أعقاب إطلاق حزب الله، عملية الإشغال والدعم والإسناد لغزة.
تعتبر عائلة رزق الله أن هذه الخسارة الكبيرة، سواء منزله، الذي هدمت طوابقه الأربعة بالكامل، أو أسطول سيارات العائلة التحفة والقديمة، لا تعوض. وتقول: إن خسارتنا مؤلمة جداً وقاسية، وهي أضيفت إلى خسارة 400 شجرة زيتون معمرة، يزيد عمر بعضها على المئة عام، وأحترقت بفعل القنابل الفسفورية.
خسارات كارثية
يشير رئيس بلدية علما الشعب، جان غفري، إلى أن خسارة هذه الثروة ليست محصورة بإبن بلدتنا توفيق رزق الله، بل بمجمل أبناء البلدة، التي تحافظ على آثارها وتراثها وأرزاقها منذ مئات السنين.
وقال غفري لـ”المدن”، إن خسارة متحف السيارات القديمة التي جمعتها عائلة رزق الله، من مالها وعرق جبينها، ليصبح قبلة للذواقة، لا يمكن أن تعوض بأثمان مالية، وهي تحف نادرة.
وأضاف، لم تقتصر خسائر علما الشعب، التي يصمد العشرات من عائلاتها ورأس الكنيسة المارونية فيها، على تدمير وتضرر العشرات من المنازل، بل شملت خسارات أخرى كارثية، تمثلت بإحراق أكثر من ستين بالمئة من كروم الزيتون، على مقربة من الحدود اللبنانية الفلسطينية. وهي كروم زيتون معمرة، وسنديان معمر أيضاً.
أنواع بعض السيارات
هذا المنزل، الذي أقدمت على تدميره وتسويته مع الأرض طائرات العدو، قبل حوالى الأسبوعين، زاعمة أنه بنية تحتية لحزب الله، كحال معظم بيوت الجنوب، التي محتها عن بكرة أبيها، كان يضم في أنحائه سيارات تعود لحقبة العصر الذهبي، وهي حقبة أواخر الخمسينيات والستينيات، عندما شهد العالم انتعاشاً وازدهاراً في صناعة السيارات، خصوصاً في أوروبا وأميركا، ومن بينها سيارات الرفاهية وسيارات الشخصيات المهمة. ومن تلك السيارات المميزة في مجموعة عائلة رزق الله، واحدة Peugeot 204 موديل سنة 1964، من الطراز الكشف، ومصدرها شركة peugeot لبنان، وهي السيارة الوحيدة الكشف التى صدرت من الشركة آنذاك، إلى جانب الكثير من السيارات في المجموعة، من إنتاج شركة مرسيدس-بنز وبعضها نادر، حيث أن شركة مرسيدس أنتجت عدداً محدوداً من هذه السيارات الألمانية العملاقة في السبعينيات من القرن الماضي، وسيارتان من طراز 450 SEL 6.9، من إنتاج سنة 1978. وهذا الطراز اشتهر باسم Bankers Hotrod كونها سيارة النخبة من أصحاب المصارف ورؤوس المال، وتم انتاجه بأعداد قليلة جداً بين عام 1975 و1981 ولسنوات عدة تميزت الـSEL 450 6.9 بكونها أسرع سيارة صالون في أوروبا. وتميّزت بكونها أول سيارة بنظام فرامل ABS.
حسين سعد – المدن