إسرائيل تستخدم اليونيفيل صندوق بريد لتطيير الرسائل

صدى وادي التيم-متفرقات/

يوماً بعد يوم تشتد وتيرة القصف الإسرائيلي لقرى وبلدات الجنوب، وتشتد معها عمليات الاغتيال بحق القيادات العسكرية في حزب الله، مع تأكيدات تصدر عن قيادات تل أبيب بمهاجمة لبنان وتعديل الصورة على الحدود الشمالية لتأمين عودة المستوطنين إلى منازلهم، وقد وضعت هذه القيادات شهر آب كسقف زمني لهذا التعديل وعودة الإستقرار قبل العام الدراسي المقبل.

التصعيد المستمر، تعلن الولايات المتحدة من دوائرها الرسمية المتعددة، أنها تسابقه لاحتوائه ومنع تدهور الأوضاع العسكرية في الجنوب اللبناني، لكنّ ما قامت به إسرائيل يوم السبت الماضي يشكّل خروجاً على كل ما تعلنه واشنطن، إذ استهدفت بقذيفة طائرة مسيّرة أربعة مراقبين ومترجم لبناني تابعين للقوات الدولية العاملة في الجنوب.

إسرائيل وعلى الرغم من التلطّي وراء النفي الصادر عن جيشها، إلّا أن الاستهداف حمل رسالة واضحة للأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غويتيريش، وقد أصدرت قوات اليونيفيل بياناً قالت فيه إن أربعة مراقبين تابعين للأمم المتحدة أصيبوا اليوم (السبت)، عندما انفجرت قذيفة بالقرب منهم بينما كانوا في دورية سيراً على الأقدام في جنوب لبنان. وأضافت أنها لا تزال تحقق في مصدر الانفجار، وأنّ استهداف قوات حفظ السلام غير مقبول.

استهداف دورية اليونيفيل حمل رسائل إسرائيلية في أكثر من اتجاه: أول بوجه المنظمة الدولية، وثانٍ بوجه الولايات المتحدة وثالث بوجه حزب الله.

في الاتجاه الأول أرادت سلطات تل أبيب أن تقول للأمين العام للأمم المتحدة إن القرار رقم 2728 الداعي لوقف فوري لإطلاق النار في غزة لا يعنينا ولن نلتزم به، وكل ما يصدر عن الأنروا من مواقف واتهامات بالتجويع والقتل المتعمّد للفلسطينيين الأبرياء لا يهمّنا، من دون أن نغفل أن الجيش الإسرائيلي قد قتل حتى الساعة نحو مئة وثلاثين موظّفاً في هذه الوكالة الأممية من دون أن يحرّك العالم ساكناً.

في الاتجاه الثاني لم ترضخ إسرائيل لأيّ موقف أميركي معارض لاجتياح رفح، على الرغم من التحذيرات التي أطلقها البيت الأبيض وإدارة الرئيس جو بايدن، وقد خضعت هذه الإدارة للابتزاز الإسرائيلي في زمن الانتخابات الرئاسية الأميركية، وكشف الإعلام الأميركي عن الموافقة على صفقة قنابل ذكية ستصل قريباً إلى تل أبيب.

وفي الاتجاه الثالث أرادت أن تقول لحزب الله، إن وجود القوات الدولية لن يمنعنا من عمل عسكري واسع النطاق ضدّ قواتك لأبعادها عن الحدود.

ويرى خبير عسكري عبر موقع “ليبانون فايلز” أن “الرسالة الأساس موجّهة إلى الأمم المتحدة وفيها أن قواتكم لا تشكّل عائقاً أمام الاجتياح الذي ننوي القيام به، وكونوا حذرين لما يصدر عن مجلسِ أمنكم من قرارات بالإجماع ضد إسرائيل. هذه الرسالة تحذيرية للمنظمة الدولية لتعديل موقفها تجاه إسرائيل ولأخذ الضوء الأخضر غير المعلن لاجتياح رفح وتهجير ما تبقّى من فلسطينيين، لأن الكثير منهم قد تمّ ترحيلهم إلى بلدان أخرى، والمرفأ الذي أنشأه الأميركيون على شاطىء غزة ليس لإيصال المواد الإغاثية، بل لترحيل من يرغب بالرحيل من أبناء القطاع، وهذا المخطط يسير من دون عوائق لإفراغ غزة من أبنائها وإعادة إحتلالها لأسباب عدّة: أولها النفط، وثانيها عدم تكرار ما حصل في السابع من أكتوبر الماضي لأن إسرائيل لا تحتمل حرباً ثانية مماثلة، وثالثها لأنها كيان عنصري لا يقبل الغرباء عن الجسم الإسرائيلي ويطلق عليهم تسمية “الأغيار” أو “الغوييم” وهم بنظر اليهود كما يرد في التوراة والتلمود “درجة دنيا من البشر، وينعتونهم بالدونية والحقارة ويخرجونهم من دائرة ما هو إنساني، وإلى جانب مفهوم الغوييم، هناك مفهوم “شيكتس” الذي يعنى حيواناً قذراً أو مخلوقاً كريهاً”.

الخبير العسكري لا يستبعد انتقال إسرائيل من الضربات الجوية وعمليات الاغتيال إلى الاجتياح البري أو الحرب الشاملة على لبنان، متناولاً في هذا السياق توسيع قواعد الإشتباك من جانب إسرائيل في مقابل ردّات الفعل الخجولة من جانب حزب الله، مشيراً إلى فقدان التناسب بين الفعل ورد الفعل باللغة العسكرية، مبدياً اعتقاده بتراجع ميداني للحزب على الأرض في مقابل التقدّم الميداني لإسرائيل وصولاً إلى الهرمل، وهي قد تسعى إلى استثمار ذلك من خلال عملية بريّة، لكن لا مؤشرات على ذلك حتى الساعة إذ لا حشود هجومية على الحدود مع لبنان، في موازاة قيامها بعمليات اغتيال تطال قيادات عسكرية في حلب ودير الزور ومحيط دمشق كما في الهرمل وبعلبك، توجع حزب الله، وتجنّبها المواجهة البرية المكلفة معه، لذا هي ليست بحاجة إلى عملية برية راهناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى