التقديمات لنازحي الجنوب غير كافية!

صدى وادي التيم-لبنانيات/

أيام ويطوي النازحون من القرى والبلدات الحدودية الجنوبية نصف عام على تركهم بيوتهم وأرزاقهم على طول الحافة الأمامية الممتدّة من رأس الناقورة الى الوزاني وشبعا وكفرشوبا.

لكن من يتكفل بتقديم المساعدات للنازحين ولا سيما في قضاء صور الذي يستضيف غالبية النازحين؟ وهل تكفي التقديمات الحالية؟

لم يكن أكثر المتشائمين من النازحين الجنوبيين يعتقد أن فترة النزوح ستتخطى الشهر أو الشهرين، وكانت الآمال معقودة على تمديد الهدنة اليتيمة التي شهدتها جبهة غزة وانسحبت لجبهة #لبنان في 24 تشرين الثاني الفائت

لكن الحرب عادت ولم يعد أمام النازحين سوى الصلاة في شهر الصوم من أجل العودة الى الديار في أقرب وقت.

النازحون الى صور: 24 ألفاً ووحدة الكوارث في اتحاد البلديات مستنفرة

لم يكن لدى الحكومة التي أقرت خطة طوارئ لمواجهة تداعيات العدوان على غزة والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، أي إحراج في ترك تلك الخطة من دون تمويل.

فالعين بصيرة واليد قصيرة. وهكذا يمكن اختصار الوضع بعد ارتفاع أعداد النازحين ولا سيما مع اتساع دائرة الاعتداءات الإسرائيلية وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين والمسعفين والصحافيين فضلاً عن إعلان المقاومة أن “أكثر من 230 شهيداً ارتقوا على طريق القدس”.

لكن كيف يتدبّر النازحون أمورهم في ظل غياب الحكومة أو على الأقل عدم قدرتها عن المساهمة سوى بنسبة بسيطة، وتتمظهر تلك التقديمات الحكومية من خلال مجلس الجنوب الذي ينشط في تقديم المساعدات ليس فقط للنازحين عن قراهم وبلداتهم بل أيضاً للصامدين في القرى والبلدات الحدودية. وفي السياق وجّه كاهن رعية رميش الخوري نجيب العميل التحيّة لمجلس الجنوب وللجمعيات التي تهتم بالجنوبيين من نازحين وصامدين، ولفت الى أن تلك المساعدات ضرورية في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الجنوب.

بيد أن احتياجات النازحين كثيرة ولا سيما لأولئك الذين تركوا ديارهم وليس لديهم حتى ثياب غير تلك التي يرتدونها. فماذا عن المساعدات التي تقدّمها لهم الجهات المحلية والجمعيات ومجلس الجنوب؟

المسؤول الإعلامي في غرفة عمليات وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور بلال قشمر يلفت الى أنه منذ بداية الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الحدودية، تقوم تلك الوحدة برعاية شؤون النازحين الذين توزعوا على قرى قضاء صور والبالغ عددهم 24 ألف نازح، يتوزّع منهم 790 نازحاً على خمسة مراكز إيواء.

أما عن المساعدات التي تقدمها وحدة إدارة الكوارث للنازحين فيوضح قشمر لـ”النهار” أن “المساعدات التي تقدّمها الجمعيات والمنظمات الدولية ومجلس الجنوب تتم بشكل دوري حيث تسلم العائلة مستلزمات الإيواء من فرش، وحرامات، وحصّة نظافة، وحصّة غذائية، فضلاً عن حليب الأطفال وكذلك حاجيات كبار السن”.

طريقة توزيع المساعدات على النازحين تكون من خلال التنسيق والتعاون مع المجالس البلدية في قضاء صور ومنسّق وحدة إدارة الكوارث والنازحين.

هذه التقديمات تشمل كل النازحين الموجودين في مراكز الإيواء والنازحين الموزعين على قرى القضاء.

مهنّا: لدينا نقص كبير بسبب شحّ الأموال

نزح الى قضاء صور خارج بلدات الحافة الأمامية في الشهر الأول من بداية عملية “طوفان الأقصى” أكثر من 20 ألفاً، فيما بقي بعض سكان البلدات الأمامية في منازلهم، ولكن مع اشتداد الاعتداءات نزحوا تباعاً، وباتت الحاجة ضرورية لتقديم المساعدات لهم، سواء كانوا في مراكز الإيواء التي يصل عددها الى 5، أو في منازل قدّمها مغتربون، أو اضطروا لاستئجار شقق سكنية.

ووحدة الكوارث تقدّم للنازحين في مراكز الإيواء ثلاث وجبات غذائية بشكل دوري وذلك عبر المطبخ التابع لمؤسسات الإمام موسى الصدر، أما في شهر رمضان فعُدّلت الوجبات لتصبح وجبة واحدة تناسب الصائمين. وتخصيص هؤلاء بوجبات الغذاء ضروري لأنه ليس لديهم في مراكز الإيواء مقوّمات الحياة العادية ولا سيما أنهم في مدارس وبالتالي ليس فيها ما يسمح بتجهيزات مطبخية وغيرها.

ويشير مدير وحدة إدارة الكوارث مرتضى مهنا الى صعوبات جمّة تعترض القيام بمهام الإغاثة بشكل عادي، ويوضح لـ”النهار” أن هناك “نقصاً كبيراً في تقديم المساعدات بسبب شحّ التمويل لدى الجمعيات والمنظمات الدولية التي تعنى بشؤون الإغاثة، وهذا يحتم استمرار المعاناة في تأمين حليب الأطفال والحفاضات”.

الى ذلك تعاني مراكز الإيواء من نقص في مادة المازوت ما يمنع تأمين الكهرباء لتلك المراكز، وأكد مهنا “متابعة بذل الجهود مع الجمعيات والمنظمات الدولية من أجل تأمين الحد الأدنى من احتياجات النازحين”.

الى جانب وحدة الكوارث هناك متطوّعون يعملون على تأمين وصول المساعدات وكذلك الاهتمام بجمع المعلومات عن النازحين، ومن هؤلاء قاسم بيضون من مدينة بنت جبيل الذي يهتم بالنازحين من منطقة بنت جبيل الى قضاء صور، ويحرص على وصول المساعدات لجميع النازحين ولا سيما في هذه الظروف الصعبة.

أما من بقي في قرى صور كعلما الشعب والضهيرة والبستان وغيرها، فإن المساعدات الغذائية تصل الى تلك العائلات القليلة دورياً من خلال تكليف أشخاص بالتوجّه لتسلّمها من اتحاد بلديات صور.

الى ذلك تنشط جمعيات في إغاثة النازحين بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، فيما تهتم جمعيات أخرى بأنشطة ترفيهية أو تربوية للنازحين.

ويشكو بعض النازحين من أن بعض الجمعيات تسعى للإفادة المادية على حساب النازحين وذلك من خلال تنظيم أنشطة لا تساعد النازحين ولكن الهدف منها جمع الأموال أو تبرير صرفها أمام الجهات المانحة.

في المحصلة لا تكفي المساعدات لسدّ رمق النازحين ولا سيما أن الحكومة غير قادرة على تأمين الأموال، وللنازحين متطلبات بديهية وخصوصاً لمن لا يستطيع استئجار منزل. لكن بعض الأحزاب تحرص على تقديم مساعدات نقدية متواضعة للنازحين على قاعدة “حجرة تسند خابية”. لكن المطلب الوحيد للنازحين يبقى بسيطاً جداً ولا يكلف أحداً أيّ قرش وهو “العودة الى الديار”.

المصدر: عباس صباغ- النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى