التبدلات تطال الساحة الدرزية.. جنبلاط منزعج

 
 
 
يصرّ العديد من المراقبين على أن إدخال النظام النسبي على قوانين الإنتخابات النيابية في لبنان يؤدي، وبغض النظر عن الحجم ، إلى تبدلات في النظام السياسي اللبناني، وإلى ضرب الأحاديات المذهبية داخل الطوائف. ففي حين يبدو التنوع التمثيلي في الساحة السنية مؤمناً، يبدو المشهد في الساحة الدرزية أكثر تأثراً وتغيّراً.

فالساحة السياسية الدرزية شهدت توتراً مستجداً تزامن وترافق مع التحضيرات للإنتخابات النيابية، الأمر الذي بدا وكأنه تبدّلٌ في شكل التوازنات السياسية داخل الطائفة، خاصة أن هذه التوترات لم تظهر منذ العام 2005، أي منذ الإنسحاب السوري من لبنان. 

التبدلات في الساحة الدرزية، والتي أبرزتها الإنتخابات النيابية، أوجدت بعض الإنزعاج لدى رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب  وليد جنبلاط صاحب الأكثرية الدرزية، الذي يرى أن الحراك الإنتخابي ونتائجه جاءت مفاجأة على عدّة صعد أولها فوز “التيار الوطني الحرّ” بمقعدين في الشوف على رغم نسبة التصويت المسيحية غير العالية، إضافة إلى مقعد في عالية.

القلق الجنبلاطي من فوز “التيار” يعززه التحالف السياسي والإنتخابي الذي عقده خصمه التاريخي طلال إرسلان مع رئيس “التيار” جبران باسيل، وتالياً مع العهد، مما سيؤمن له إمكانية جدية في الحصول على وزارات بمعزل عن رغبة جنبلاط، وفي التأثير على التعيينات والحصول على جزء لا بأس به من الحصة الدرزية في الدولة، قد يستطيع “تقريشها” بالإستقطاب وإستعادة حيوية دارة خلدة.

على صعيد موازٍ، إختزل التقدم المطرد للوزير السابق وئام وهاب حساسية  بالنسبة إلى جنبلاط، إذ حصل الأول على أصوات تفضيلية (غالبيتها درزية) أكثر من الأصوات التي نالها الوزير مروان حمادة، وكاد يحقق خرقاً إستثنائياً عبر المقعد الدرزي في عقر دار جنبلاط.

الخضّة الإنتخابية التي أصابت المختارة، رافقتها خضات سياسية، حيث أنه وبالإضافة إلى علاقة جنبلاط غير السوية مع العهد، تشهد علاقته بحليفه السني تيار “المستقبل” توتراً متزايداً قد ينعكس في المراحل المقبلة على نوع وشكل حصته الوزارية، مما يجعله متحالفاً حكماً مع الرئيس نبيه برّي وتالياً مع “حزب الله” .

لكن مع كل ذلك، يمكن إعتبار ما تقدم في كفة، وفقدان الكتلة النيابية الجنبلاطية لدور بيضة القبان في كفة أخرى، إذ إن الإنتخابات النيابية أفرزت كتلاً نيابية بإمكانها، إذا تحالفت، تأمين الأكثرية من دون الكتلة الإشتراكية. فقوى الثامن من آذار مع “التيار الوطني الحرّ” مثلاً، يمكنها تأمين الأكثرية بمفردهما في حال إتفقا، والأمر ذاته ينطبق على تحالف “القوات” “المستقبل” و”التيار الوطني الحرّ”.

التراجع الجنبلاطي، يرافقه خلاف كبير مع إرسلان وتشرذم في الساحة الدرزية يشبه إلى حدّ ما التشرذم في الساحة المسيحية، مما يفتح باب الإشكالات في الشارع على مصرعيها، وهو ما شهدناه في الأسبوع الماضي في الشويفات. 

مقابل كل ذلك، يؤكد متابعون لكل التطورات والتوازنات الإنتخابية أن جنبلاط لديه من الحنكة السياسية التي تمكنه من قراءة الأرقام ومعرفة الخفايا والثُغَر، والهامش الكفيل بإنتاج واقع سياسي ملائم له يصب في مصلحته، إذ أن الأوساط الإشتراكية لا ترى في حيثية إرسلان خطراً إستراتيجياً، فالقانون النسبي يتيح بطبيعة الحال تمثيل القوى الأخرى في الجبل، لكن على رغم ذلك فإن القوى الدرزية في المقلب الآخر للمختارة لم تسطع تمثيل نفسها إلا عندما ترك لها مقعد فارغ على اللوائح الإشتراكية.

وتشير الأوساط إلى الخلل الذي ظهر في عدد الأصوات الدرزية، وهو خلل أصاب كل القوى السياسية السنية والشيعية والمسيحية، وتاليا فهو مناخ شعبي عام لا يمكن قياسه فقط على الشارع الدرزي والبناء عليه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!