شظايا إسرائيل تصيب إقتصاد لبنان

صدى وادي التيم-لبنانيات/

دخلت الأزمة الإقتصادية في لبنان رسمياً عامها الرابع على التوالي، وسط قلق متزايد من أن تشهد البلد حرباً واسعة النطاق مع إسرائيل، ما يهدد بتعميق آثار الإنهيار الإقتصادي التاريخي، الذي يعيشه لبنان منذ شهر أكتوبر ٢٠١٩ .

ورغم سوداوية المشهد وتعقيداته، لم تنجح القوى السياسية اللبنانية حتى الآن، في إحراز أي تقدم ملحوظ على صعيد تنفيذ الإصلاحيات، التي تحد من التدهور وتساعد في إعادة الدورة الإقتصادية إلى مسار النمو .

يرى الصحافي والمحلل الإقتصادي “ألفونس ديب”، أن المشكلة الحقيقية والسبب الأساسي للمشكلة التي يمر بها لبنان، هو النزاع السياسي المستمر، والتعطيل الذي كان يُمارس على مدى سنوات طويلة وهذا التعطيل نراه حالياً في جميع القرارات التي تتخذ، وحتى في الأمور الأساسية التي تتعلق بمصالح لبنان العليا، من إنتخاب رئيس للجمهورية إلى تعيين حاكم مصرف لبنان، وكل التعيينات الأساسية الأخرى المرتبطة بهيكل الدولة .

تترافق هذه الأزمات مع محيط مشتعل ما بين حروب مدمرة وصراعات عسكرية وعقوبات إقتصادية، الأمر الذي يجعل الكيان اللبناني بصيغته الحالية عرض للتأثر بإرتدادات التحولات في المنطقة بأكملها .

وبحسب بيان صادر عن مركز الأمم المتحدة للإعلام، فإن القطاعات الإقتصادية الرئيسة، السياحية والخدمات والزراعة، تضررت أكثر من غيرها، وهي التي توفر فرص العمل والدخل لنسبة كبيرة من سكان لبنان .

وشهد قطاعا السياحة والخدمات، اللذان يساهمان بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، تراجعاً ملحوظاً منذ بداية الاعتداءات، كما يتضح من تضاؤل أعداد المسافرين والطلب على خدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم .

وذكر التقرير أيضاً أن الهيئة العامة للطيران المدني اللبناني سجّلت عدد الرحلات المغادرة أكبر من الرحلات القادمة إلى لبنان، وأوضح أنه بالمقارنة شهد نشاط المطاعم على مستوى البلد إنخفاضاً كبيراً خلال أيام الإسبوع، وإنخفاضاً أكبر في عطلات نهاية الإسبوع بعد بدء الصراع .

خسائر كبيرة في قطاع الزراعة تم الإبلاغ عنها في المناطق المتضررة من الاعتداءات، وهو مصدر رزق أساسي في المناطق الحدودية جنوبي لبنان مع تلف الأراضي، والتلوث الكيميائي، والتلوث من بقايا المتفجرات، مما أدى إلى فقدان خصوبة الأرض .

وقد أدى القصف بقذائف الفوسفور إلى زيادة تلوث المحاصيل ومصادر المياه والمياه الجوفية، مما يشكل تهديداً للماشية وصحة الإنسان، كما أن المحاصيل الرئيسة مثل الزيتون والخروب والحبوب والمحاصيل الشتوية قد تضررت بشكل كبير، وخسائر كبيرة في الماشية والدواجن وتربية الأحياء المائية، ومن بين حيوانات المزارع التي قُتلت، كما أدت الاعتداءات إلى تقييد وصول الصيادين المحليين إلى مناطق الصيد .

هناك مؤشرات أولية على أن إستخدام الفوسفور الأبيض قد تسبب في أضرار بيئية واسعة النطاق .

على مدى الأشهر الماضية تعرضت أغلب القرى في النبطية وجنوب لبنان هجوماً، مما سبب في وقوع إصابات ونزوح داخلي كبير، وإلحاق أضرار جسمية بالمساكن والشركات .

وتشهد الشوارع اللبنانية تبايناً في وجهات النظر بشأن التدخل الرسمي في الحرب، مع ظل معاناة لبنان من أزمة إقتصادية لا مثيل لها في تاريخ الدولة، تتمثل بشكل القطاع المصرفي وإنهيار العملة المحلية .

صعّد حزب اللّٰه إلى جانبه حركات المقاومة من إستهداف مواقع إسرائيلية منذ إندلاع المواجهة بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، ويجمع خبراء ومحللون على عدم قدرة لبنان على تحمل حرب جديدة فيما يغرق في أزمة إقتصادية ونقدية ومالية مركبة وعميقة تفاقمت بفعل تحلل مؤسساته، وسط فراغ في رئاسة الجمهورية وحكومة شبه مشلولة وفراغ في موقع نقدي حساس هو حاكمية مصرف لبنان ‘البنك المركزي’ .

تخطت تكلفة هذه الحرب ٧ مليار دولار، منها ٣،٦ مليار خسائر مباشرة بفعل تدمير البنى التحتية من طرق وكهرباء وإتصالات وجسور ومدارج المطار والمصانع ونشآت عسكرية ومستشفيات ومدارس، وخسائر طالت الناتج المحلي ووصلت إلى حدود ٢،٤ مليار دولار .
(حسب صحيفة العرب الأولى) .

كما كان للحرب تأثير سلبي على الوضع المالي في لبنان، إذ تسببت في إنخفاض الإرادات العامة وزيادة النفقات العامة .

وفاقمت الحرب من مستوى البطالة في لبنان، ففي القطاع الصناعي وحده مثلاً، فقد نحو ١٢ ألف عامل وظائفهم لأن شركاتهم إما دُمرت وإما توقفت عن العمل، في حين فقد المزيد وظائفهم بسبب الإنكماش الإقتصادي الحاد وبسبب النزوح .

كيف يختلف اليوم عن ٢٠٠٦؟؟؟
رغم كل تداعيات حرب ٢٠٠٦ على لبنان وإقتصاده، فإن لبنان نجا بفعل تأهب العالم بمساعدته بدأ من دول الخليج، يقول مصدر في إحدى المؤسسات المالية العالمية ل”الشرق الأوسط” إن لبنان إستطاع أن يجمع نحو ٧،٦ مليارات دولار في عام ٢٠٠٧، لكن لا أحد مستعداً اليوم لمساعدته في ظل ما يواجهه الإقتصاد العالمي .

لبنان نجا في ٢٠٠٦ بفعل علاقاته التي كانت جيدة بمحيطه العربي
فهل سينجو اليوم بعد فقدانه هذه الميزة وتفويته فرصة تطبيق الاصلاحات؟

المصدر: فاطمة عطوي-ليطاني نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى