خارطة الحرب الكبرى والأخيرة
صدى وادي التيم – من الصحف اللبنانية /
مَنِ المستهدف استراتيجيًّا؟ وأين ستكون الحرب الأخيرة؟ ومن يتحكم بتوقيتها؟ ومن يوزع جوائز القطبية على الآخرين؟ ومن يحاول تخفيض العالم إلى ثلث سكانه؟ ومن يحاول تحريف القيم وقتل الفضيلة؟ أليست الصهيوماسونية الأمريكية؟
فالدوائر الأربع العظمى، أمريكا ومعظم أوروبا وأوستراليا وإسرائيل وحلف التطبيع معها،ومن ثم الصين ودائرتها التي هي الأكثر استهدافا بتسوية اقتصادية أو ابتداع حروب لها مع جيرانها بمحاولة من أمريكا لتفقدها اقتصادها العظيم بسرعة على قدر سرعة نموها، أما الدائرة الثالثة الروسية وهي الأقوى والأعنف ضد أمريكا ومركز ثقل الاستهداف المباشر، والدائرة الرابعة والأهم هي الشرق الأوسط أو غرب آسيا حيث اللاعب الأكبر فيها إيران وحلف المقاومة، وهي التي تحاول أمريكا جعلها مسرحا لكافة الأقطاب وتعتقد أن من يربحها يخرج منتصرا بالحرب الكبرى والأخيرة.
وأما الدوائر الأخرى مثل معظم دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية والجنوبية فهي ستكون تابعة لقطب ما، وهي إلى الآن تفصيل، لا يهمها كثيرًا إلى أي طرف تنتمي ولربما إلى القطب الرابح.
إذاً، كيف يمكن لدولة مثل أمريكا الزعم أنها ديمقراطية وفيها حرية وهي تحاول أن تتحكم في خريطة الممرات والطرق والتجارة والتحكم بصادرات النفط والغاز والطاقة بأنواعها لغاية اليورانيوم، وتسمية من يحق له امتلاك الطاقة أو حتى زراعة القمح والتصدير، ومحاولة التحكم بقرارات الأمم المتحدة، وهي تحاول أن تفرض عقوبات حتى على الدول العظمى وزعمائها، إلا إنها فعلا -أي امريكا – تتزعم سياسة نقل الصراعات وافتعال الأزمات ومن خلالها، حيث هي في مأمن نظرا لبعدها الجغرافي وأساطيلها وحاملات طائراتها، ولكن ضد من؟ على الرغم مما ذكر إلا أن نقطة أمريكا الأقوى هي إدارة وتوزان المتناقضات الداخلية التى بدأت تخرج عن السيطرة ابتداء من الكيان الصهيوني وأوروبا وصولا إلى أمريكا نفسها، إلا إنها اليوم في تراجع عما كانت عليه من قوة واقتصاد، وستقوم الجهود الروسية- الصينية- الايرانية بكسرها إذا ما تضافرت وكتب لتلك العلاقة والجهود الاستمرار.
تحاول أمريكا التفرد بكل قواها لابتلاع الشرق الأوسط عبر القضاء على حلف المقاومة بداية من حماس ومن ثم توسيع دائرة التطبيع وصولا لسيطرتها المطلقة عبر الاتفاقيات الإبراهيمية، أي الانتقال من الدولة اليهودية التوراتية إلى الدولة الصهيوماسونية التلمودية للمسار الإبراهيمي، مما يعني أنها تهيئ للحرب الكبرى والأخيرة وهذا هو المراد، أمريكا تريد الشرق الأوسط وثرواته تحت حكمها ولكن هناك حلف المقاومة من يجابهها ويبطئ نفوذها ويفشل مخططاتها ويتواجه مع ربيبتها إسرائيل، حيث إن الحرب في غزة هي حرب وجود وتحرير.
حلف المقاومة يواجه بكل قوة الحرب الأمريكية المتمثلة بالكيان الإسرائيلي وحلف التطبيع، حيث تحاول أمريكا وحلفها إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد لابتداء مرحلة جديدة من المسار الإبراهيمي، ولكن ذلك لن يحصل طالما هناك مقاومة عظيمة تقاتل عن كل الشرفاء في العالم. كما وأن السؤال الأكبر، هل الموضوع هو غزة فقط؟، وهل هذا يعني أن حلف أوكوس الانجلوسكسوني والأقوى حاليا من الناتو يحضر لحرب دائمًا ما كانت الممرات والمضائق البحرية تشكل نقاط استراتيجية وحيوية للتجارة العالمية، فكيف اذا كان يمر خلالها نبض الحضارة والصناعة والتقدم المتملثة بالنفط والغاز؟، إن مضيق باب المندب والخليج يعد خزان العالم الأكبر والأكثر حساسية للطاقة، وبالتالي فهو كما في السابق محط اهتمام العالم وافتعال الصراعات والأزمات فيه. يظهر أن الأمريكي يعيد التموضع والاستعداد للحرب في الشرق الأوسط، وذلك عبر التعزيزات العسكرية في تركيا والسعودية والأردن وزيادة القواعد الأمريكية في الكيان الصهيوني وقد أصبح للعدو الإسرائيلي عمق استراتيجي بعد أن أصبحت منطقتنا بين حلف مطبع وحلف مقاوم، وفتح الجبهات من اليمن إلى العراق مرورا بفلسطين ولبنان وسوريا، وكل يعمل من خندقه وتموضعه، الحركة الصهيوأمريكية تعلم بأن معظم شعوب المنطقة تحركها العاطفة أكثر مما تحركها الاستراتيجيا والتكتيك، وبالتالي فإنها سريعة الغضب والرضى معا، حيث لم يتجذر بمعظم أنظمة المنطقة العقل الاستراتيجي العميق لرسم خطط خمسية أو عشرية إلا إنه سرعان ما يعاود الأمريكي تكرار خططه عبر نفس الدول ضد حلف.
إن ما يجري بين دول المنطقة التي غذتها الأفكار واللوبيات الصهيوأمريكية لتكون على طرفي نقيض ونقل العداوة من العدو العدو إلى الشقيق العدو. نعم إنها التحالفات من باب التموضع.
إن استراتيجية الدول يكون عملها الأول فك شيفرات الأحداث وأعمال النافذين والحكام والمسؤولين والأشخاص واستباقها الأحداث عبر تفكيك وربط المعلومات. وقد وصل حلف المقاومة إلى الندية بهذا المكان والزمان.
لذا، فإن إسرائيل تتآكل من الداخل أمنيا وقد بدأت تنخر في مبادئ سر وجودها بين توازن وإدارة المتناقضات الصهيوماسونية، والإسرائيلي يتحضر للهجرة المعاكسة جديا بعد اندلاع الحرب، كما فعل الكثير من المستوطنين في الضفة، على الرغم من كل ذلك فإسرائيل تعلم كما جاء في كتبهم أن نهايتها تبدأ من الشمال، وان الحرب الأخيرة وفق تفسيراتهم لنبوءات حزقايل ستكون بين محورين وأن الغلبة ستكون لحزب الإله القادم من صور، يعني المطلوب هو رأس المقاومة أولا، ولكن إسرائيل ترتعد وهي مردوعة حاليا ومؤقتا لتوسيع الحرب.
وعليه، كان لا بد من الوجود والتدخل الأمريكي المباشر للدفاع عنها وفرض استمرارية الحرب، فالكيان المؤقت لم يعد يحتمل حربا مع المقاومة في المنطقة بعد 7 تشرين، ونرى كل التعزيزات الأمريكية في الكيان المؤقت وحوله في الاردن والخليج وتركيا الخ.. والجميع ينتظر ما ستؤول إليه الحرب على غزة لتكون مقدمة لحرب عالمية قد تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة المعقدة، طبعا لا يمكن لأحد تحديد الزمن وأما المكان فهو معلوم، والقراءات معظمها تشير إلى أن الكل يستعد لها وقد بدأت شراراتها من سورية ثم أوكرانيا، والتي تحاول أمريكا حاليا نقل صراعها مع روسيا إلى الشرق الأوسط لإراحة أوروبا قليلا، كما محاولة أمريكا لإعادة داعش مجددا إلى المربع الأول بميسترو صهيو-أمريكي والمستهدفون هم إيران وحلف المقاومة وروسيا وحلفاؤها ولكن على أرض الشرق الأوسط لا أوروبا، على الرغم أن الحلف الصهيو أمريكي يعلم بنصوصه أنه خاسر لتلك الحرب.
إذًا، الأحلاف والأقطاب ودوائرها في مخاض التموضع، ومع انهزام الشبكات التجسسية الأمريكية قد تغيرت الخطط إلى حين استعادة الأنفاس الأمريكية بخطط ومؤامرات شيطانية ويتم ردعها مجددًا.
وعليه، فإن غزة ستنتصر رغم التضحيات الكبيرة وأن الغلبة ستكون لحلف المقاومة لأن الأرض لنا والعزة في فوهات بنادقنا وليست بالتطبيع أو المسار والاتفاقيات الإبراهيمية.
د.علي حمية– خبير عسكري – الأفضل نيوز