كفرذبيان… الفرجة مجّانيّة والتزلّج للأغنياء حصرًا
صدى وادي التيم-لبنانيات/
“أنت في كفرذبيان”، هكذا تقول اللوحة التي تستقبل الزوّار على حدود البلدة الكسروانيّة التي يعود أصل تسميتها بحسب المؤرّخين إلى السريانيّة، فتعني قرية الغزلان، ويرجّح بعضهم أن التسمية كانت في الأصل آراميّة “دبرونا” وهي تعني “الموارد المائيّة”، نسبة لغناها بالمياه، وتحوّلت مع الوقت إلى “دبيان”، بينما “كفر” تعني كلمة قرية.
على عكس معظم لوحات القرى، لا ترحّب البلدة بالزوّار، رّبما لأنّ اللبنانيّين اعتادوا نسيان الاسم وربط “التزلّج” و”الثلج” ببلدة فاريّا، وهو ما كان يُغيظ أهالي كفردبيان منذ وقت طويل. “ليس لنا”، تُعدّ كفردبيان إحدى أشهر القرى اللبنانيّة، وشهرتها تخطّت مساحة الوطن كونها “قبلة” المتزلّجين من داخل لبنان ومن خارجه.
صلة البحر بالسماء
آلاف الأعوام هي عمر هذه البلدة الجميلة التي شهدت حضارات عديدة لا تزال آثارها قائمة حتّى اليوم، كآثار فقرا والمعاصر والمطاحن الموجودة في وادي الصليب، وهو يشكّل بدوره مقصدًا لمحبّي رياضة “الهايكينغ” في الربيع والصيف، الأمر الذي يُعلي مكانة هذه البلدة على الخارطة السياحيّة في لبنان.
يُحبّ أبناء كفردبيان توصيف بلدتهم بأنّها صلة الوصل بين البحر والسماء، فهي وإن كانت تقع في أعالي قضاء كسروان في محافظة جبل لبنان، إلّا أنّ امتدادها كأكبر بلدة لبنانيّة يبدأ من ارتفاع 600 متر عن سطح البحر وصولًا إلى 2850 مترًا.
يحدّ كفردبيان، حراجل وميروبا وفيطرون وفاريّا شمالًا، ويفصل بينها وبين هذه القرى مجرى نبع العسل. وشرقًا بعلبك المحاذية لتخومها عند مقلب جبل صنّين، وجنوبًا بقعاتة وبقعتوتة، وغربًا ملتقى نهري اللبن والعسل عند تخوم قضاء المتن الشماليّ، حيث يشكّل هذا الملتقى صليبًا أعطاه اسم نهر الصليب.
بياض الثلج واسوداد الليل
شهيرة كفردبيان بمواسم تزلّجها التي أصبحت تتأخّر في الأعوام القليلة الماضية بسب تبدّل شتاء لبنان، حيث كان الموسم ينطلق سابقًا بحسب سيرج الذي يعمل في “المزار” منتصف كانون الأول/ ديسمبر، أيّ قبل عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، فتستفيد المنطقة من هذه العطلة لتوافد المغتربين، ولكن في السنوات الماضية بات الموسم ينتظر نهاية كانون الثاني/ يناير كي ينطلق.
هذا الموقع الطبيعي الذي يُعتبر هديّة ربّانيّة ونعمة من نعم الله يمكن الجميع الاستفادة منه في زيارة الثلج و”التفرّج عليه”، أو اللعب بعيدًا عن مراكز التزلّج، “فهذه الرياضة ليست لكلّ فئات اللبنانيّين، وهذا قد لا يكون غريبًا أو مستغربًا، فرياضة التزلّج، داخل وخارج لبنان ليست لكلّ الناس، فهي هواية كباقي الهوايات، وهناك هوايات مجّانيّة وأخرى مدفوعة، وغيرها للمقتدرين”، تقول عليا وهي أمّ لطفلة أرادت لابنتها أن تجرّب رياضة التزلّج.
الثلج للأغنياء والمنقوشة بستة دولارات
تقول عليا في حديث لـ”مناطق نت”: “قصدت منزلًا لأحد الأصدقاء في المنطقة لتمضية أربعة أيام برفقة ابنتي المجهّزة بثياب خاصّة للثلج اشتريتها من خارج لبنان منذ فترة، وذلك بسبب غلاء الثياب في لبنان، واستأجرت لها معدّات التزلّج من فاريا لأنّ الأسعار أرخص من كفردبيان، مقابل عشرة دولارات للنهار الواحد، واشتريت لها “الكاسك والماسك” بـ 165 دولارًا، أمّا كلفة دخول “بيست وردة” فهي 40 دولارًا لنصف نهار خلال عطلة نهاية الأسبوع و25 من أيّام وسط الأسبوع؛ أمّا المدرب فأجرته لنصف نهار تبلغ 120 دولارًا، ومعها أجرة موقف السيارة 500 ألف ليرة”.
الأسعار على “بيست وردة” أقلّ منها في “المزار”، فالمنقوشة بحسب عليا “ثمنها ستة دولارات، وفنجان القهوة بثلاثة دولارات”، وتُشير إلى “أنّ كلفة التدريب لطفلتها مع العدّة والتزلّج لأربعة أيام، من دون المنامة والطعام والشراب، وصلت إلى 900 دولار أميركي”. وتضيف: “لو أردنا احتساب كلفة النهار الواحد بكلّ تفاصيله من الأكل والشرب مرورًا بالمنامة وصولًا إلى نشاطات التزلّج، للطفلة دون عشر سنوات، فقد تصل إلى نحو 400 دولار أميركيّ”.
برغم هذه الأسعار هناك زحمة كبيرة جدًا، وصاحب الحظّ الجيّد هو من يحظى بمدرّب متاح، ولكن بحسب سيرج “فإن هذه الأسعار طبيعيّة إذا ما تمّت مقارنتها بالتكاليف من جهة، وعمر الموسم”، ويقول: “هناك أشخاص لا يملكون مهنة طوال العام سوى هذه، وهم بحاجة إلى تأمين تكاليفهم وما يمكنّهم من الصمود بقيّة العام، فالتزلّج موسم قصير عمره ثلاثة أشهر تقريبًا.
مليئة منطقة كفردبيان ومحيطها بالفنادق وبيوت الضيافة والشاليهات، ولا يوجد إمكانيّة للحجز الآن، خصوصًا في المناطق القريبة من منتجعات التزلّج، والأسعار لا تقلّ عن 150 دولارًا للغرفة في الفندق، و250 دولارًا في الليلة للشاليه الذي يتّسع لأربعة أشخاص، وبرغم ذلك الحجوزات تصل إلى نسبة 100 بالمئة.
المصدر: مناطق نت-محمد علوش