التنين يحتل مساحة شاسعة في وجدان الانسان الصيني
صدى وادي التيم-متفرقات/
يحتل التنين مساحة شاسعة في وجدان الانسان الصيني ويعتبر جزءاً لا يتجزأ من ثقافته وتكوينه النفسي. كما يمثل التنين المحور الأساسي للآداب والفنون والهندسة المعمارية
وكافة المجالات الثقافية الاخرى في الصين. والتنين يرمز للسلطة العظيمة والحكمة والقوة والثروة والفأل الحسن. ويعتقد الصينيون ابان احتفالاتهم بالسنة الصينية ان التنين يطرد الارواح الشريرة التي يمكن ان تحول الاحتفالات الى كوارث.
ويعيش التنين عادة في المياه ويعتقد انه الروح التي تأتي بالمطر الذي يروي الحقول ويأتي بالخير الوفير للانسانية جمعاء ويأتي ذكر التنين في تاريخ الصين وكوريا واليابان، الا ان التنين الصيني له خمس ارجل وللكوري اربع، والياباني ثلاث ويعتقد انه كلما ابتعد التنين عن الصين كلما قل عدد ارجله.
وتقسم الميثولوجيا الصينية التنين الى اربعة انواع، النوع الاول هو تنين ـ لونج، اي التنين العملاق الذي يحرس الآلهة والاباطرة وقصورهم، والثاني هو شين ـ لونج، اي التنين الروحي الذي يتحكم في الرياح والامطار، والثالث هو تي ـ لونج اي تنين الارض الذي يتحكم في الانهار والبحار ومجاري المياه، اما النوع الرابع والاخير فهو فوت ـ لونج اي تنين باطن الارض الذي يحرس المعادن الثمينة او الكنوز المدفونة في باطن الارض.
ويقال ان التنين الصيني يتكون من عدة عناصر، هي رأس الجمل، وعين الشيطان، وآذان البقر ، وقرون الغزال، ورقبة الثعبان، وبطن السمك الصدفي، ومخالب الصقر، وباطن قدم النمر، وحراشف سمك الشبوط كثير القشور.
ومنذ العصور التاريخية الغابرة في الصين كان التنين هو شعار الاباطرة والحكام ورمز علو المقام والعظمة وكان الرجل الشجاع يوصف بالتنين وكان ذلك شرفاً عظيماً وكان التنين في تلك العصور هو شعار العائلة المالكة الذي ظل يزين العلم الوطني حتى تحولت الصين الى جمهورية العام 1911. ولا يزال التنين يحافظ على مكانته عبر السنين وحتى اليوم.
ويتوحد التنين الصيني العملاق بالجنس الصيني بلا انفصام، ويفاخر الصينيون حول العالم بأنهم احفاد التنين، ذلك المخلوق الذي يعتبر عنوان الوفرة والرخاء والفأل الحسن، ويرمز التنين الى البطولة والنبل والقدرة الهائلة على تجاوز الصعاب والعقبات. انه رمز الحيوية والامل والمثابرة والذكاء والطموح.
وبخلاف التنين في الغرب، فإن تنين الشرق يتميز بالجمال والتعقل واللطف، انه ملاك الشرق المحبوب الذي تشيد المعابد تمجيداً لقدراته وروحه الخيرة ويتوجه سكان الصين نحو المعابد ـ باجودا ـ للتعبد وحرق البخور، وتنتشر المعابد على شواطئ البحار وضفاف الانهار كما يعتقد الصينيون ان ذكور واناث التنين قد تزاوجت واختلطت مع الجنس البشري واصبح احفادها حكاماً عظاماً، ومن هؤلاء هيروهيتو امبراطور اليابان حفيد الاميرة «الجوهرة المثمرة» ابنة التنين ملك البحار كما يدعي عدد من اباطرة وحكام بعض الدول الآسيوية انهم احفاد التنين العظيم. وهذا جعلهم يتفاخرون بأصولهم ويزينون قصورهم بصور التنين ويستخدمون اسمه في وصف بعض ممتلكاتهم مثل عرش التنين ورداء التنين وسرير التنين وقارب التنين… وكان الاباطرة يشعرون بسعادة غامرة عندما يدعوهم اتباعهم بعبارة «وجه التنين» كما يعتقد هؤلاء الاتباع في قدرة الامبراطور على التحول الى تنين وطوال مئات السنين كان اباطرة اليابان يجلسون خلف ستائر من الخيزران عندما يأتي احد لزيارتهم وكان الموت مصير كل من يتطفل ويحاول النظر من خلال تلك الستائر.
والتنين عند اهل الصين هو رمز الحماية الالهية واليقظة، وهو اكثر المخلوقات نبلاً وتواضعاً، وله القدرة على العيش في اعماق البحار والطيران في السماوات والتشكل مثل سلسلة من الجبال الشماء التي تغطيها الخضرة الزاهية ولأنه مخلوق الهي فإن باستطاعة التنين طرد الارواح وحماية الابرياء وتوفير الامن لكل من يحمله او يزين به جسده.
وتقول الاساطير الصينية ان للتنين تسعة ابناء ولكل منهم جوانب قوة ينفرد بها عن الآخرين وبالرغم من عدم الاجماع على اسماء هؤلاء الابناء الا ان معظم الكتابات تشير اليهم على النحو التالي: ـ هوكسيان، المهمل والمغامر والذي تزين صوره مداخل القصور.
ـ يازي، الفارس شديد البأس والرقة والذي تزين صوره اغماد السيوف والخناجر.
ـ شيوين، الذي تحملق عيناه في البعيد والذي يزين الابراج والقباب العالية المستديرة.
ـ باكسيا، السباح الماهر الذي تزين صوره اعمدة الجسور ومداخل القصور.
ـ بولاو، عاشق التجديف الذي تزين صوره الاجراس.
ـ بيكس، مربي الحيوانات والقناص المتميز الذي يزين السلال والتنانير الواسعة.
ـ كوينيو، المرهف والمحب للموسيقى الذي تزين صوره الآلات الموسيقية الوترية.
ـ سواغي، المدخن الشره الذي يعشق النار الذي تزين صوره المباخر.
ـ جياوتو، الصامت الذي يبدو انه لا يجيد الحديث الذي تزين صوره حوائط القصور.
الصور : جمعية طريق الحوار اللبناني الصيني – طريق الحرير