تكاليف الاستشفاء تفوق قدرة اللّبناني المالية
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يُمضي المُواطن اللّبناني أيامه في وطنٍ تتلاطمَ به الأزمات، وتُحاصره المتاعب من كلِّ حدبٍ وصوب، وتتصدّرها فظاعةً وخطرًا على حياته، أزمة الاستشفاء.
التعاون ومحاربة الفساد لتقديم خدمة طبيّة أفضل
إنّ عجز الجهات الحكوميّة الضامنة عن تسديد الفواتير الاستشفائية، كبّد المُواطن أكلافًا تفوقُ قدرتَه الشّرائيَّة، وحرمَه أدنى حقوقه في الخدمات الصّحيّة التي أصبحت متاحة لميسوري الحال.
في هذا السّياق، أوضح رئيس اللّجنة الصحيّة النيابيّة الدكتور بلال عبد الله للأفضل نيوز: “الاعتمادات أقرّت بالاقتراح المقدّم للهيئة العامة وسقف الإنفاق من قِبل الحكومة على الاستشفاء أتى مقبولًا، وأقرّينا من احتياطي الموازنة مبلغًا لمرض السرطان والأمراض المستعصية”.
وأضأف: “إنّ الاعتمادات الملحوظة في الموازنة مقبولة إلى حدٍّ ما، سيّما وأننا سبق وأخذنا من الحكومة تغطية لأمراض السرطان لمدّة ثلاثة أشهر تحسّبًا لأي تأخير قد يحصل، كما نعمل على استعادة القدرة الشّرائيّة للمُواطن”.
وفي ما يخصّ الفساد قال: “نحن نحاول وضع توجه بالتعاون مع وزارة الصّحة، وكذلك وضع قانون للحدّ من الفساد ونحن بصدد مناقشته في لجنة الصّحة النيابية”.
دور الجمعيات في الخدمة الطبيّة
في زمن الفوضى، أصبحت الخدمة الطبيّة سلعة تتأرجح أسعارها، وبات اللجوء إلى طَرق أبواب الجمعيات للمساعدة يشكّل فسحة أمل للمرضى.
في هذا الصدّد، تحدّث موقعنا مع رئيس جمعية “أيما” الدكتور فراس الغضبان الذي قال: “معظم اللّبنانيين والسوريين في لبنان اليوم، أمام كارثة صحيّة؛ بسبب عجزهم عن دفع كلفة الاستشفاء والدخول إلى المستشفيات وإجراء تحاليل، لذا يلجأ بعضهم إلى جمعيات تساعدهم في تحمّل هذا العبء”.
وأضاف: “نحن كجمعية، نساعد بين ١٠٠ و١٥٠ مريضًا تقريبًا في اليوم، بالاستشفاء والرعاية الصّحيّة الأوليّة مثل حالات الحروق والأوبئة ودفع الإيجارات للعاجزين عن الدفع، بالرغم من أن الدّعم لجمعيتنا أصبح ضئيلًا”.
الضمان والتغطية الرمزية من كلفة الاستشفاء
المستشفيات لا تَرحم والدّولة لا تُحاسب، وصندوق الضمان يسدّد على سعر الصرف ١٥٠٠ ليرة بحسب السوق السوداء، و الفاتورة تصدر بحسب سعر الصّرف، ما يعني أنّ التغطية باتت شكليّة لا تمثّل عُشر المبلغ المتوجب.
في هذا الخصوص، قال وزير الصّحة الدّكتور فراس الأبيض في مقابلة تلفزيونية: “قبل الأزمة كانت موازنة وزارة الصّحة نحو ٥٠٠ مليون دولار، وموازنة الاستشفاء منها حوالي ٣٢٠ مليون دولار، وفي عام ٢٠٢٢ بلغت موازنة الاستشفاء ٢٠٠ مليون دولار وكانت وزارة الصّحة تدفع ١٠٪ من الفواتير و٩٠٪ من الفواتير كانت تُدفع من قِبل المرضى، ما أدّى إلى هذا العجز الكبير”.
وتابع قائلًا: “في الموازنة الحاليّة، ارتفع بند الاستشفاء من ٢٠ مليون دولار إلى ٢٠٠ مليون دولار، ما يعني أنّ وزارة الصّحة مدعومة في بند الاستشفاء، ولجنة الصّحة النيابية ولجنة المال والموازنة كانتا داعمتين بشكل مطلق، وفي حال أقرّت الموازنة، سيكون موضوع الصّحة هذا العام أفضل بكثير”.
المريض هو الضحية الكبرى
لا نعلم أيّ عام ينتظر اللّبناني صحيًّا، فالمريض على حافة الهاوية بحيث لا سُلطة لأي جهة رسميّة على شركات الضمان الخاصّة.
من هذا المنطلق تحدّث موقعنا مع المواطن ر.ح. الذي قال: “تقبّلنا الغلاء ودولرة القطاعات ولكن لن نرضى أن نموت أمام طوارئ المستشفيات. من فترة زمنية قصيرة، تعرّض والدي لوعكة صحيّة، وعندما وصلنا إلى أحد المستشفيات في البقاع، قالوا لنا أنه بحاجة إلى عملية جراحية تكلفتها ٣٠٠٠ دولار، فدفعنا ١٠٠٠ دولار ريثما تنتهي العملية ثم نكمل المبلغ المتبقّي، فتمّ تأجيل موعد العملية من قِبل إدارة المستشفى حتى نسدّد المبلغ كاملًا”.
وأضاف: “عن أية دولة تحدّثني عن دولة لا تتحمّل أعباء مواطنيها وترميهم في الهواء، فلماذا لا تعتمد التأمين الخاص الذي يتطلّب أن يدفع المُواطن من جيبه ليؤمّن نفسه، كما أنها لا تراقب أو تحاسب لجهة جمع الضرائب بشكلٍ صحيح”.
من المعروف أنّ قطاع الرعاية الصّحيّة في لبنان، يمرّ بمرحلة صعبة للغاية، ولكن الأهم دعم هذا القطاع واتّخاذ جميع الخطوات بطريقة أخلاقية ومسؤولة من حيث التكلفة، والسّؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن تعزيز المستشفيات الحكومية لتُصبح قادرة على منافسة المستشفيات الخاصّة؟