«البلوكتشين».. تقنية ثوريّة ستغيّر المستقبل «القريب»!

صدى وادي التيم – متفرقات /

«البلوكتشين» هي تقنية رقمية قائمة على قاعدة بيانات سحابية ضخمة، يمكن للأفراد من خلالها إنجاز المعاملات والقيام بنقل الأموال باستخدام شبكة من الحواسيب اللامركزية الموزّعة عبر العالم. فعلى سبيل المثال، يتم تسجيل معاملة التبادل الرقمية زمنياً وبشكل علني. ويعتبر الجانب العام لهذا التبادل هو الأكثر إثارة للاهتمام، والأكثر استخداماً، فالعملات الرقمية والبلوكتشين مترابطان بشكل وثيق.

مثلاً يتضمن بلوكتشين البيتكوين سجلاًّ لكل مرة قام فيها شخص ما بإرسال أو استلام بيتكوين أو أي عملة رقمية أخرى، ويمكن التحقق من دقتها بصورة مستمرة من خلال قوة الحوسبة الهائلة. كما أنه يمكن دمج هذه التقنية بمجالات عديدة لا ترتبط بالعملات الرقمية وغيرها. وبدأ عدد كبير من الحكومات والشركات بدمجها والعمل بها على نطاق متطوّر. وخلافاً لأنظمة التجارة التقليدية، لا حاجة لوسيط أو نظام تسجيل مركزي لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها البعض.

باختصار، إنّ العملات الرقمية ولدت من رحم تقنية البلوكتشين.

ما الهدف من هذه التقنية؟

الهدف من تقنية البلوكتشين هو السماح بتسجيل المعلومات الرقمية وتوزيعها، ولكن لا يتم تحريرها. بهذه الطريقة، فإن تقنية البلوكتشين هي الأساس لدفاتر الأستاذ غير القابلة للتغيير، أو سجلات المعاملات التي لا يمكن تغييرها أو حذفها أو إتلافها. ولهذا السبب تُعرف أيضًا باسم تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT).

تمتاز تقنية البلوكتشين بالأمان والثقة بعدّة طرق. ففي بادئ الأمر، يتم دائمًا تخزين البيانات الجديدة خطيًا ووفقاً للترتيب الزمني، أي أنه يتم إضافتها دائمًا إلى «نهاية» شبكة البلوكتشين. وبعد إضافة كتلة إلى شبكة البوكتشين، من الصعب للغاية العودة وتغيير محتوياتها ما لم تتوصل غالبية الشبكة إلى إجماع على القيام بذلك. وذلك لأن كل كتلة تحتوي على تجزئة خاصة بها، جنبًا إلى جنب مع تجزئة الكتلة قبلها.

الحكومات والبنوك

تدخل عالم البلوكتشين

تصنّف دولة الإمارات ضمن أول 5 دول في مستوى العالم في اعتماد تقنية الـ»بلوكتشين»، فيما تقوم حكومة الدولة بتوفير البنى التشريعية والتقنية لتطور هذه الصناعة ولتعزيز استفادة كافة القطاعات الحكومية والخاصة منها.

وقدرت مجموعة «رمزك» الإماراتية ومقرها دبي، بلوغ قيمة صناعة تمثيل الأصول الرقمية على شبكة البلوكتشين 24 تريليون دولار بحلول العام 2027، في الوقت الذي تبلغ نسبة المستخدمين الذين هم على دراية بهذه التقنيات حالياً 3 % فقط من جميع المستخدمين المحتملين.

وفي السياق عينه، أطلقت حكومة دولة الإمارات مبادرة «جاهز»، المعتمدة مؤخراً من طرف مجلس الوزراء الإماراتي، لتعزيز جاهزية الكوادر والمواهب الوطنية في الحكومة الاتحادية الإماراتية للمستقبل، وتمكينهم بالمهارات الجديدة المطلوبة لتصميم المستقبل والاستفادة من فرصه كالذكاء الاصطناعي والبلوكتشين والويب 3 والبرمجة وغيرها.

واعتمد مجلس الوزراء خلال جلسته مبادرة «جاهز»، مستقبل المواهب الحكومية، والتي تركز على تمكين وتدريب المواهب الحكومية في الحكومة الاتحادية بمجموعة من المهارات الأساسية بإجمالي 20 مهارة لتعزيز جاهزيتهم للمستقبل، والتي تتمثل في المهارات الرقمية، البيانات والذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الجديد، ومهارات X10 والبرمجة والميتافيرس والويب 3.0 والبلوكتشين لتسريع ومضاعفة الإنجاز. حيث تستهدف المبادرة توفير بيئة داعمة لتعزيز جاهزية المواهب الحكومية للتعامل مع المتطلبات والتحديات في بيئة العمل، وتمكينهم من مواكبة التطورات المتسارعة، وتعزيز دورهم في تطوير العمل الحكومي، والارتقاء بمستويات الجاهزية للمستقبل.

هذا وشهد أسبوع أبوظبي المالي خلال فعاليات مؤتمر «فينتك أبوظبي» إعلان محاكم سوق أبوظبي العالمي عن طرح استخدام تقنية البلوكتشين في تنفيذ الأحكام القضائية في المنازعات التجارية للمرة الأولى على مستوى العالم. وبالتالي، لن تحتاج الأطراف بعد الآن إلى انتظار نسخة مصدقة من الحكم لبدء إجراءات الإنفاذ، ما يشكل تطور ذات تأثير ملفت على التجارة الدولية.

على الصعيد المالي، أعلنت مجموعة من المؤسسات المصرفية بما في ذلك HBSC و Mastercard و Wells Fargo، عن إطلاق منصة أموال رقمية لإثبات المفهوم تسمى شبكة المسؤولية المنظمة (RLN).

بحيث ستستخدم المنصة تقنية البلوكشين، لخلق فرص لتحسين التسويات المالية. كما ستجذب المشاركة من البنوك المركزية والبنوك التجارية والبنوك غير المنظمة، بما في ذلك BNY Mellon و Citi و PNC Bank و Swift و TD Bank و Truist و US Bank.

هذا وقدّم بنك الاستثمار السويسري UBS AG سنداته الرقمية المختلطة، مدعيًا أنه أول سند يتم تداوله علنًا في العالم يتم تسويته في كل من المنصات التقليدية وتلك القائمة على البلوكتشين. وتبلغ قيمة السندات الرقمية 375 مليون فرنك سويسري، أي 370 مليون دولار.

وكشف البنك أنه سيتم إصدار السند لمدة ثلاث سنوات بكوبون 2.33 ٪ على منصة قائمة على البلوكتشين وإدراجها بشكل مزدوج في SDX و SIX Swiss Exchange.

خصائص ومزايا البلوكتشين

فضلاً عن الأمان الذي تتميّز به تقنية البلوكتشين، تتميّز التقنية بخصائص أخرى، أهمّها:

– الشفافية: إذ يمكن لأي شخص الإطّلاع على البيانات المسجّلة ضمنها، ألّا في حال شبكة البلوكتشين الخاصة.

– اللامركزية: ما من سلطة أو جهة مركزية تتحكم بشبكة البلوكتشين، على خلاف القواعد والبيانات التقليدية التي يمكن مراقبتها وحجبها والتحكّم بها من خلال الجهة المالكة.

– التكلفة المنخفضة: عادةً، يدفع المستهلكون للبنك للتحقق من معاملة، أو كاتب عدل للتوقيع على وثيقة. بينما تقنية البلوكتشين تلغي الحاجة إلى التحقق من جهة خارجية، وبالتالي، التكاليف المرتبطة بها. على سبيل المثال، يتحمل أصحاب الأعمال رسومًا رمزية عندما يقبلون المدفوعات باستخدام بطاقات الائتمان، لأنه يتعين على البنوك وشركات معالجة الدفع معالجة هذه المعاملات. من ناحية أخرى، لا تتمتع البيتكوين بسلطة مركزية ولديها رسوم معاملات محدودة.

– معاملات فعّالة: يمكن أن تستغرق المعاملات التي يتم إجراؤها من خلال سلطة مركزية ما يصل إلى بضعة أيام لتسويتها. فإذا حاولت إيداع شيك مساء يوم الجمعة، على سبيل المثال، فقد لا يمنكنك سحب أموالك حتى صباح يوم الاثنين. إنّما من خلال تقنية البلوكتشين، فيمكنك الحصول على أموالك في ظرف دقائق.

– غير قابلة للتعديل: إن التعديل على شبكة البلوكتشين هو «شبه مستحيل، لأنه يتطلّب قوة حاسوبية كبيرة جداً، وكفاءة على القيام بذلك. وبالتالي، يكون التعديل شبه مستحيل، لذلك يتطلّب التسجيل على شبكة البلوكتشين، الدقّة والتركيز بهدف عدم تسجيل أي بيانات أو إجراء معاملات خاطئة.

المصدر: شانتال عاصي – الديار 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى