هذا ما تخبئه الـ2024 للأحزاب اللبنانية؟
صدى وادي التيم – لبنانيات /
قد يبدو من باب التوقعات تحديد مستقبل الاحزاب اللبنانية في ضوء التطورات الكبيرة التي طرقت أبواب المنطقة، ولكن من دون أدنى شك فإن تأثير الحرب على قطاع غزة وتمدد تداعياتها على لبنان يُحتم على الاحزاب في الداخل اعادة تموضعها لتتكيف مع اي مستجد تتم مناقشته فيما بعد على طاولة المفاوضات الكبرى.
واذا كان العام 2023 هو عام الانتكاسات لعدد من الاحزاب لاسيما المسيحية منها، فإن التيار الوطني الحر يأتي بحسب القوى المعارضة على رأس اللائحة اذ مُني بأكثر من خسارة كان آخرها معركة التمديد لقائد الجيش حيث تُرك وحيدا وسط المعركة بعد أن اختار حزب الله تخريجة الرئيس نبيه بري للتمديد للعماد جوزاف عون من المجلس النيابي. التيار ايضا الرافض لرئيس تيار المردة لسيمان فرنجية كمرشح رئاسي أو لقائد الجيش، هو نفسه بات بعيدا عن أي منافسة في هذا الاستحقاق بعد أن خرج رئيسه جبران باسيل من نادي المرشحين الرئاسيين، بل التحق بقافلة المرفوضين بالنسبة لعدد من الاطراف وأبرزهم حركة امل والقوات اللبنانية وقسم كبير من النواب السنة اضافة الى كتلة اللقاء الديمقراطي.
كان العام 2023 سيئا بالنسبة للتيار، ولكنه جيد برأي شريحة كبيرة من الحزبيين لأنه يُعيد تيارهم السياسي الى صفوف المعارضة وهو أمر طبيعي في العمل السياسي حيث تكسب المعارضة شعبيتها من جيب الموالاة. ويخطئ من يعتقد بحسب المحازبين، بأن يعود التيار الوطني الحر الى نقطة الصفر فهو وان تراجع دوره بسبب التضحيات الكبيرة التي قدمها مع الحلفاء ولكنه سيعود أقوى لأنه اختبر جيدا الساحة الداخلية وبات لديه القدرة على التكيف مع التطورات على مستوى الاحزاب والقوى السياسية.
والى التيار انضمت ايضا قوى التغيير التي اصابتها انتكاسات كثيرة في العام 2023 وتراجعت على المستوى الشعبي وباتت قوى متناحرة فيما بينها، في حين وجد الرأي العام الشخصيات النيابية المستقلة أقرب الى القوى الحزبية حتى أن بعض النواب الذي صنفوا كتغييريين هو اليوم في خندق واحد مع الاحزاب التقليدية. ولم يدم طويلا الوفاق بين هؤلاء فسرعان ما شهدنا فك ارتباط وولادة أكثر من كتلة تحمل تسميات مختلفة تتناقض مع الكتلة الام التي خرجت منها. هذا الواقع المرير لقوى التغيير سمح للاحزاب المعارضة بإعادة تموضعاتها الداخلية ورفع ارقامها من جديد.
وعلى ضفة القوات اللبنانية تعول معراب على العام 2024 انطلاقا من المكاسب التي حصدتها في العام 2023 حيث ظهرت كقوة منظمة تمكنت من تصويب بوصلة المعارضة في المجلس النيابي وفرضت ايقاعها على جلسات المجلس. ورغم تسجيل نقطة عليها عبر مشاركتها في جلسة تشريعية بجدول اعمال اختاره الرئيس نبيه بري، الا أنها تمكنت من تحويل هذه المشاركة الى هدف بطولي سجلته في شباك التيار الوطني الحر من خلال التمديد لقائد الجيش وهي معركة كانت القوات رأس حربتها.
وفي العام 2024 ثمة الكثير من الأسئلة المطروحة عن علاقة القوات بالرئيس نبيه بري وما اذا كانت الامور ستتطور بعد الجلسة التشريعية الاخيرة نحو مزيد من التعاون لانتاج رئيس للجمهورية وذلك من بوابة المشاركة بحوار قد يدعو اليه الرئيس بري لانتاج رئيس للجمهورية. التمدد لبعض الاحزب على حساب أخرى لا ينطبق على الثنائي حزب الله حركة أمل، فهذا الفريق يتمتع بحصانة شعبية غير مسبوقة وقادر على تثبيت نفسه في المعادلة الداخلية انطلاقا من هذا الثبات، وهو بحكم الميثاقية لديه ورقة تأليف الحكومة أو فرطها كما انتخاب رئيس للجمهورية أو تأجيل الاستحقاق، كما أن قدرة الثنائي على تحريك الساحة الداخلية باتت أقوى مع غياب المكون السني بعد خروج تيار المستقبل من المعادلة السياسية. ويمكن التأكيد بأن الثنائي الشيعي يتكيف مع التطورات ولكنه اليوم أمام امتحان صعب تفرضه تطورات الجبهة الجنوبية، فإما يذهب نحو مزيد من التصعيد والرفض الكامل لتطبيق الـ 1701 أو التعامل مع الواقع ببراغماتية من خلال التنازل عن الحدود مقابل الفوز بالصيغة اللبنانية الجديدة التي سترسو حكما لصالح الفريق الاقوى.
ليبانون فايلز