أيّ انتخابات رئاسيّة تنتجها حرب غزة في لبنان؟

صدى وادي التيم-لبنانيات/

منذ سنوات، ومع طرح اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية، كان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، يعلن ان الظروف هي التي تأتي به رئيساً للجمهورية، كما غيره من المرشحين، وله على ذلك وقائع سجلها تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان، اذ من الذين جرى التداول باسمائهم لرئاسة الجمهورية، لم يحظوا بها، وبعضهم نام رئيساً للجمهورية، واستيقظ بان آخر غيره وصل الى هذا المنصب، ومن الذين حصل معهم ذلك، حميد فرنجية شقيق جده سليمان، اذ كان اسمه متقدماً ليخلف الرئيس بشارة الخوري، بعد استقالته في ايلول 1952، اثر “ثورة شعبية بيضاء” ضده، وقد رشحته “الجبهة الوطنية الاشتراكية”، التي كانت تقود “الثورة” ليظهر اسم كميل شمعون، كاحد قادتها، وينتخب رئيساً للجمهورية بدعم بريطاني ـ سوري.

والوزير السابق فرنجية، حصل معه ذلك، اذ اجتمع على اسمه كتل نيابية وقوى سياسية داخلية، وبارك له الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، في العام 2016، ليحل محله مؤسس “التيار الوطني الحر” ميشال عون، الذي لقي دعم “حزب الله”، ثم جاءت ظروف داخلية وخارجية، لمصلحة عون ليصبح رئيساً للجمهورية، دون ان يغلق “حزب الله” الباب امام فرنجية كمرشح اساسي داعم له، في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، وهذا ما حصل، فاعلن الرئيس نبيه بري ترشيح فرنجية، كما فعل في الانتخابات الرئاسية السابقة، وايده “حزب الله”، في هذه الدورة بشكل ثابت،  ولا تراجع عن “وعده الصادق” له، وهو مستمر فيه، مع حليفه بري، وفق ما تؤكد مصادر الثنائي “امل” و”حزب الله”، وهما منفتحان على الحوار حول ترشيح فرنجية، وما اذا كان  يطابق للمواصفات الوطنية، لجهة ايمانه المطلق بوحدة لبنانن وعبوره الحواجز الطائفية، ثم التزامه بالعداء “لاسرائيل”، ودعمه للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وتأكيده على العلاقة المميزة مع سوريا، التي لم ينقلب عليها، كما فعل آخرون كانوا يسمون حلفاء لها، واستغلوا وجودها العسكري والسياسي في لبنان، حيث بات معلوماـ عن سليمان فرنجية مبدئيته وعدم الغدر بحلفائه واصدقائه، اضافة الى انه يتحلى بالصراحة، التي يُجمع اللبنانيون على انها امتياز عنده، وهذا ما زاد من رصيده السياسي، كرجل غير متقلب.

من هنا، فان فرنجية المنفتح على كل الاطراف، حتى الخصوم منهم في السياسة، ما زال مرشحاً، وهذه المرة تأتي الظروف لمصلحته، كما تقول مصادر في بنشعي، اذ ترصد “غرفة عمليات” فريقه السياسي والاعلامي، بان اسمه ما زال متقدما بين مرشحين، لا بل من الثابتين في ترشحه، مع استبدال مرشحين منافسين له بآخرين، فتم ترشيح جهاد ازعور، بدلاً من النائب ميشال معوض، ونال 59 صوتاً، مقابل 51 صوتاً لفرنجية، ويبدو ان ازعور خرج من السباق الرئاسي، لمصلحة اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي لن ينال تأييد “كتلة لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل، والتي تقاطعت مع ما يسمى معارضة على اسم ازعور، الذي لم يعد يظهر كمرشح، ولم تعلن الاطراف المؤيدة له، استمرارها في ترشيحه.

فترشيح فرنجية ثابت، والاسماء الاخرى المتداولة متحولة، كما ان المرشح الثالث، الذي تحدث عنه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف ـ لودريان، لم يظهر ايضاً، مما يؤكد ان استمرار ترشيح فرنجية، يعكس الظروف المتغيرة التي قد تكون لمصلحته، وفق ما تكشف مصادر في “تيار المردة”، والتي تربط هذه الظروف بما ستسفر عنه نتائج الحرب على غزة من قبل العدو الاسرائيلي، وتداعياتها على جبهات اخرى في سوريا والعراق واليمن، اضافة الى الداخل الفلسطيني.

فالمرشح الرئاسي، هو من ستأتي به ظروف لبنان الداخلية، كما التطورات المتسارعة في المنطقة والتي فتحت حرب غزة الابواب على كثير من الاحتمالات، حيث المفاجآت من الميدان يومية، وان صمود غزة، واستمرار المواجهة في جنوب لبنان، بين “حزب الله” وجيش الاحتلال الاسرائيلي سيرسمان واقعاً جديداً، وهو الذي سيأتي برئيس للجمهورية، فان تمكن العدو الاسرائيلي، من الانتصار في غزة، سيفرض شروطه، تقول المصادر، واذا تمت هزيمته فان ورقة القوة ستكون في يد “محور المقاومة”، ولن تعود السلطة الفلسطينية هي المحاور، كما ان في لبنان لن يكون رئيس الجمهورية من الفريق الذي يسمي نفسه سيادياً، بحيث ان تغير الظروف لمصلحة المقاومة في غزة، سينعكس على لبنان، الذي ارتبطت جبهة الجنوب فيه بغزة، كمساندة لمقاومتها.

لذلك، فان ما يؤكد عليه فرنجية، عن الظروف هي الواقعية السياسية، والقراءة الصحيحة، فاذا حقق “محور المقاومة”، الذي لا ينكر رئيس “تيار المردة” تموضعه فيه ضد العدو الاسرائيلي، انتصارا في الحرب مع الكيان الصهيوني، فان الظروف ستكون لمصلحته، وهذا ما ينقل عنه، بحيث يؤكد على انه لا يقيم عداءً مع احد في لبنان، ويحاور الجميع ومنذ زمن بعيد.

المصدر: كمال ذبيان – الديار 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!