لبنان يعبرُ إلى العام ٢٠٢٤ حاملًا أزماتِه ومؤجلًا استحقاقاتِه!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
دخلَ لبنان، فترةَ الأعيادِ، وتأجّلَت معها الاستحقاقاتُ الأساسيّة، لا سيّما منها انتخابات رئاسة الجمهورية، التي تبقى الأولويّة، وعلى جدول الأعمال للحراك اللبناني الداخلي، أو الخارجي، لا سيما الدول المعنية بالأزمة اللبنانيّة، والتي سُمّيت “اللّجنة الخماسيّة” المكوّنة من أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، والأنشط بينهم فرنسا، الّتي طرحت مبادرةً، ثمّ قطر الّتي سبق لها، ودخلت على خطّ الملفّ اللبنانيّ منذ اتفاق الدّوحة، وأرسلت كلٌّ منهما موفدًا خاصًّا، لمتابعة الوضع اللّبناني عمومًا والرّئاسي خصوصًا، دون أن يعني أنّ الدّول الثّلاث الأخرى، لم تكن معنيّة بما يجري في لبنان.
لكنّ الاستحقاقَ الرّئاسيَّ تأخّر مع الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة، منذ عملية “طوفان الأقصى” في ٧ تشرين الأول الماضي، والتي قامت بها “كتائب القسام” التابعة لحركة “حماس”، إذ ينصبّ الاهتمام الدوليّ والإقليميّ والعربيّ، على ما ستنتهي إليه هذه الحرب الإجراميّة المدمّرة، التي يخوضها العدوُّ الإسرائيليُّ ضدّ غزة وأهلها وسكّانها، دون أيّ رادعٍ إنسانيٍّ، ولا تحرّك دوليّ فاعل لوقف الإبادة الجماعيّة ضدّ القطاع.
وانقضى العام ٢٠٢٣، تاركًا وراءه لبنان بلا رئيس جمهوريّة، وجنوبه ملتهبًا بأعمال عسكريّة، أدّت إلى تدمير منازل وتهجير سكان، واستمرار للأزمة الماليّة والاقتصاديّة، وشلّ المؤسّسات الدستوريّة، إلّا من بعض تصريف للأعمال، وإدارة أزمات، كما تفعل الحكومة المستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي، أو مجلس النواب، الذي يُقايض التّشريع، بالتّمديد لقائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي.فالأزمةُ اللبنانيّةُ المفتوحةُ، منذ عام ٢٠٠٥، وهو العام الّذي بدأ مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وظهرت معه، مرحلة جديدة، تختلف عن تلك التي نشأت ما بعد “اتفاق الطائف” وتوقّف الحرب الأهليّة عام ١٩٩٠، بعد حرب استمرت نحو ١٥ سنة، لتقوم “حربٌ أهليّةٌ باردةٌ” منذ ما قبل ١٨ سنة، ومعها دخل لبنان، في مراحل بين التّوتر والهدوء والتّسويات والتّحالفات السّياسيّة المؤقّتة والمصالحات لا سيما تلك الّتي حصلت بين السعودية وسوريا في العام ٢٠٠٩، وانعكست إيجابًا على الداخل اللبناني، واستقبال الرئيس بشار الأسد، لخصوم لبنانيين له، حيث سبق ذلك حصول اتفاق الدوحة، الذي أنهى الشّغور الرئاسي، بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، التي أعقبها محاولة أطراف لبنانية، نزع سلاح الاتصالات من “حزب الله”، فكانت أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨، وقبل عامين العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف ٢٠٠٦.
فلبنان، الّذي يعبرُ إلى عامٍ جديدٍ، فإنّه يدخله وهو مُثقل بالأزمات، التي تتوالد، مع كلّ حقبة، وكان أبرز ما حصل خلال السّنوات الأخيرة، إقصاء “الحريريّة السياسيّة” عن السّلطة بقرارٍ سعوديٍّ، ثمّ وقوع أحداث ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، لإنهاك عهد الرئيس ميشال عون المُتحالف مع “حزب الله” الذي أتى به إلى السّلطة، كضامن للمقاومة من الغدر بسلاحها، الّذي يطالب فريق ما كان يسمّى ١٤ آذار بتسليمه للسّلطة، وحصر السّلاح بالدولة وقرار الحرب والسّلم بالحكومة، التي كان تشكيلها يُحدث أزمةً، مع كلّ حكومة تستقيل.
فلبنانُ يحملُ أزماتِهِ من سنةٍ إلى أخرى، دون أن يُلاقي الحلول لها، وإذا حصل، فتكون بتسويةٍ، أو عملية ترقيع أو بتجميل، وبقرارٍ خارجيٍّ، كما في كلّ تاريخه الحديث منذ الاستقلال حتّى هذه الأيّام، الّتي حصل فيها انحلالٌ للدّولة، وشللٌ للمؤسّسات غير المُنتظمة، وتعثّر للحلول الخارجيّة، لا بل فشلها، ويدفع اللبنانيّيون الثّمن، بسبب نظامهم السّياسيّ الطّائفيّ، وعدم تقدّم القوى السّياسيّة باتّجاه إلغاء الطّائفيّة.
وتوقّعات العام ٢٠٢٤، لن تكون أفضل من ما يحصل منذ سنوات لا بل عقود، فتولدُ أزمةٌ، ثمّ تسويةٌ، وبعدها أخرى قد تُرافقها حربٌ، وهذا كلّه يعودُ إلى أنّ اللّبنانيّين مُنقسمون على الهويّة والنّظام.
المصدر: كمال ذبيان – الأفضل نيوز