قصة بلدة المطلة: شريان التواصل بين عشائر الدروز
صدى وادي التيم-متفرقات/
لقرون مضت، كانت قرية المطلة الجميلة، الشريان الذي يصل بين عشائر الموحّدين (الدروز) في وادي التيم وقرى الجليل امتداداً إلى العمق الجولاني، ورغم عدد سكانها القلائل (تقدرهم بعض المصادر بين 100 و200) إلا أنهم لعبوا دوراً مهماً في ثورات الدروز في النصف الأخير من القرن التاسع عشر والتي كانت بمعظمها جزءاً من صراعهم المفتوح مذّاك على الأرض والماء، مع بدو حوران.
وكانت الدولة العثمانية تصطف غالباً مع البدو، إلا أن عشائر الموحدين كانت تتمتع بأفضلية الاتصال الجغرافي اللازم للإمداد بين مناطق توزعها، كما أفضلية السكن في الهضاب والتلال، ما جعل من قراهم منيعةً غالباً على جندرمة التُرك.
ولأن سياسات التخريب العثماني لنسيجنا التاريخي والاجتماعي كانت على قدمٍ وساق آنذاك، استملك الإقطاعي “جبور رزق الله” من صيدا أرض المطلة، وباعها بعد نزاع مع أهلها إلى البارون الصهيوني روتشيلد، والذي أوفد تاجراً عمل على مراكمة الديون على مزارعي القرية المجبرين على تأدية ضرائب الدولة العثمانية، ثم مبادلتها بتملك أراضيهم عندما يعجزون عن الدفع.
بحدود عام 1895 جرّد العثمانيون حملة ضد الدروز بعد انتفاضتهم، كسرت شوكتهم، قبض على زعيمهم في جبل العرب، ونُفي قرابة ألفٍ من رجالهم المقاتلين إلى جزر اليونان فيما سيق آلاف آخرين إلى حروب التُرك في البلقان وغيرها، وفرغت المطلة من معظم أهلها لا سيما المقاتلين، والذين فوجئوا عند عودتهم باستيطان محتلين يهود فيها، لتنطلق جولات اقتتال بين أهل الأرض ومحتليها استمرت لسنوات، كان من أبرز رموزها زعيم القرية الشيخ علي الحجار، الشيخ الذي لطالما بطش بالعثمانيين، وتفرغ الآن لمقارعة المحتلين الصهاينة.
استُدعي علي الحجار إلى مرجعيون لمقابلة قائمقامها العثماني، وكان الحجار قد حاز على أمانٍ تعهّد به نسيب باشا جنبلاط (شقيق نجيب، جدّ والد وليد جنبلاط) إلا أن الحجّار لم يعد من تلك الزيارة، وعُثر على جثته قرب نبع الدردارة.
هل قتل العثمانيون الحجار؟ هل قتله خصومه في الطائفة؟ هل قتله المشروع الصهيوني؟ لا إجابة واضحة حتى اليوم، إلا أن الأكيد أن استشهاد الشيخ علي الحجّار ضيّع المطلّة، فوقعت تسوية نقلت معظم سكانها إلى قرية الماري (قضاء حاصبيا)، وخسر الوجود العربي موقعاً استراتيجياً… لا يزال إلى اليوم أرضاً عربية سورية فلسطينية لبنانية واحدة، محتلة، اسمُها قرية المطلة.
Khodor Salameh