لإستعادة نموذج فؤاد شهاب…بقلم بيار عطاالله
صدى وادي التيم-لبنانيات/
تبدو مسألة أنتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية صعبة على البعض وكل يقدم اسبابه وقراءة معينة، ويتوسل لتبرير موقفه استحالات قانونية دستورية لم يكترث لها القائمون على جمهورية الطائف ابان الاحتلال السوري 1990-2005 ولا لاحقاً. ومكمن ملاحظاتهم ان كل قائد للجيش اصبح يرنو للانتقال من اليرزة الى القصر الجمهوري في بعبدا.
لو كان لدى اللبنانيين المسيحيين أحزاب سياسية حقيقية، تعتمد مبدأ تداول السلطة من أدنى الهرم الى اعلاه وخصوصاً في اختيار قادة هذه الاحزاب وكوادرها بعقلانية ومنطق، أو لو كانت الديموقراطية التي تتوسل النقاش والحوار والاقناع في البنى الحزبية بهدف الوصول الى قرار معين معتمدة في هذه الاحزاب، لأمكن الاعتراض على خيار اللجوء الى قادة الجيش الموارنة في انتخابات الرئاسة الاولى لكن هذه الاحزاب لا تحمل من الممارسة الحزبية إلا لافتة اسم “حزب الفلاني”. ولا رأي ولا مشورة ولا تشاور بل حكم الزعيم الأوحد الذي يقرر ما تشتهيه نفسه وما قد يترأى له أنه الافضل.
لا مؤسسة حزبية أو سياسية لبنانية مسيحية تفرز قادة وكوادر مؤهلين، مدربين ومتمرسين ليكونوا مشاريع وزراء او نواب او رؤوساء جمهورية لاحقاً، واذا لاح مشروع نائب او وزير او مرشح افتراضي للرئاسة فسرعان ما يتم طمس شخصيته والتعتيم عليها، فمشاريع القادة والكوادر محصورة بإلهام رباني يراود أنفس الزعماء وما يتناسب مع مصالحهم.
لا مؤسسة حزبية أو سياسية لبنانية مسيحية تفرز قادة وكوادر مؤهلين، مدربين ومتمرسين ليكونوا مشروع رئيس جمهورية إلا مؤسسة الجيش اللبناني، التي وان كانت وطنية جامعة لكل الطوائف اللبنانية إلا أنها تشكل “مدرسة” او “معهداً” لإعداد الكوادر والقادة في كل المجتمعات اللبنانية التعددية ولدى المسيحيين اللبنانيين خصوصاً. فدينامية الجماعة المسيحية اللبنانية عاجزة عن إنتاج مشروع رئيس للجمهورية من اوساط الاحزاب بسبب هيمنة “آنصاف آلالهة” على مفاصل الحياة السياسية واصرارهم على اختيار مواليهم ومن يؤمن مصالحهم ورغباتهم، وهذه حقيقة لا تقبل الجدل بدليل موقف النائب جبران باسيل من ترشيح العماد جوزف عون.
ليس اللبنانيون المسيحيون حالة فريدة في الركون الى قائد الجيش عند كل استحقاق رئاسة اولى، فغالبية السياسيين في الولايات المتحدة الاميركية هم من الضباط المتقاعدين والسابقينن والامر كذلك في دول عدة. أما في لبنان فمن يتولى قيادة الجيش أنما يشترط فيه التمتع بالعلم والمعرفة والخبرة ويفترض ان يكون قد تمرس خلال قيادته في العلاقات والادارة العامة، فضلاً عن ادارة مؤسسة “طويلة عريضة” بكل مشاكلها وسلبياتها وإيجابياتها وتالياً يصبح مؤهلاً للترشح الى ارفع مركز مسيحي في الدولة اللبنانية.
وفي حالة العماد عون فهو يتمتع بالعلم والمعرفة والخبرة اضافة الى علومه الجامعية، ولم يعرف عنه إلا البساطة والتواضع والوقوف الى جانب عسكرييه ومواطنيه فلماذا هذا الاصرار على محاربته ممن عاثواً في الدولة فساداً وتخريباً وصفقات تفوقوا فيها على من كانوا يتحاملون عليهم ويتهمونهم بالفساد؟
قدمت المؤسسة العسكرية نماذج عدة، لكن يبقى أن قائداً ورئيساً مثل فؤاد شهاب اصبح نموذجاً للاصلاح والسيادة والوحدة الوطنية، مقابل قادة اصبحوا رؤساء مثل اميل لحود وميشال عون دمروا لبنان وتعاونوا مع المحتل السوري وتسببوا بأزمات واحتلالات وانهيار اقتصادي. لذا تبدو الحاجة ملحة الى استعادة النموذج الصالح الراقي والمهذب و “القبضاي” علنا نستعيد بعضاً من فؤاد شهاب وممارساته الخيرة بالسيرة الحسنة اولاً وبعدها بالاعمال.