الجبهةُ الشماليّة كلَّ يومٍ تقتربُ أكثرَ من حافة الحرب!!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
انقسمت الآراء في مجلس الكابينت الحربي الإسرائيلي، الذي انعقد ليل الأحد-الإثنين الفائت، واستمر نحو سبع ساعات، حيال مسار المواجهات القائمة على الحدود الشمالية بين جيش العدو و”حزب الله” منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إذ ادّعى وزراء أن الردع الإسرائيلي تضرّر بصورة كبيرة، ولا مفرّ من عمليّة واسعة النطاق في الشمال، ومن مبادرات هجوميّة.
والمفارقة بأن وزير الدفاع يوآف غالانت لم يكن من بين هؤلاء الوزراء، والذي كان في بداية الحرب يؤيد توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله، حيث تبنّى خطة احتواء الجبهة الشمالية القائمة. وهو نفسه، قبل ساعات من اجتماع المجلس الوزاري المُصغر، هدّد ب”أن سلاح الجو يمكنه تحويل بيروت إلى غزة، كما أن قوات المشاة يمكنها القيام بمناوراتها داخل لبنان”
ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، ما زال يدّعي الموافقة على خطة الاحتواء، مع العلم أنّه ثمة تقارير وتحاليل تشي بأن الرجل يرغب بتوسيع رقعة الحرب لإطالة عمر حكومته ولعلّه ينجو من المحاكمة لاحقاً على ضوء المتغيرات الكبرى التي قد تسفر عنها الحرب الواسعة في الإقليم. وظلّ طرحه يكتنفه الغموض، إذ قال خلال جولة له على وحدة مقاتلي الصحراء البدوية، “سنعيد الأمن إلى الشمال، كما سنعيده إلى الجنوب. وسنعيد الأمن إلى “إسرائيل”، لكن أولاً، يجب أن ننتصر، وأن نقضي على حماس”. بحيث أنه لم يوضح كيف سيعيد ذلك الأمن إلى الشمال؟
وبدوره، رئيس أركان العدو هرتسي هليفي، وافق رئيس حكومته، وخَلُص بتقديره للجبهة الشمالية إلى القول “نستعد بقوة، ولدينا خطة عمل في الشمال، ومهمتنا هي استعادة الأمن”. علماً أن رأي جيش العدو منذ الشرارة الأولى للمواجهات على الجبهة الشمالية، يقول: “إنّه من غير الصائب خوض معركة على جبهتين، وأنّه يجب التركيز على غزة”.
ويرى الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، أورنا مزراحي، بعد ارتفاع تدريجي في حجم القتال الدائر بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” على طول الحدود اللبنانية، طيلة الأسبوع الفائت، وتوسيع الحزب لمدى إطلاق الصواريخ، واستخدام وسائل جديدة (إطلاق قذائف تحمل كميات أكبر من المواد الناسفة وتوسيع استخدام المسيّرات)، “إن خطر حدوث تدهور غير مقصود في الشمال، من جهة، ومن جهة ثانية، الحاجة إلى تغيير الواقع على طول الحدود، عبر دفع حزب الله إلى الوراء، والسماح لسكان المستوطنات الذين جرى إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم، يفرض على “إسرائيل” اتخاذ قرار عاجل”، ومن أجل خلق واقع جديد على طول الحدود اللبنانية، يطالب مزراحي ب”عدم انتظار “اليوم التالي” للحرب الطويلة المتوقعة في غزة”.
ونتيجة الحالة السائدة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، راح رؤساء المجالس المحلية في الجليل وسكان المنطقة المواجِهة، يطالبون الجيش الإسرائيلي بالعمل على إجراء تغيير جذري للوضع، والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه داخل الكيان: هل يجب هنا السعي للقضاء على التهديد، أو إبعاده أكثر إلى الشمال، وهو ما سيؤدي، بالضرورة، إلى نشوب حرب ضد حزب الله؟
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب السياسي في “يديعوت”، رون بن يشاي، “ليس فقط الحرب الشاملة هي التي من شأنها تحقيق النتيجة المرجوة. فهناك أيضاً عدة درجات وتدابير يمكن اتخاذها للتأكد من أن سكان البلدات المحاذية للحدود الشمالية سيتمكنون من العودة بأمان، وممارسة حياة طبيعية. إحدى هذه الخطوات تتمثل في تكثيف دائم لحضور القوات الإسرائيلية المدافعة عن الحدود والبلدات”. ويضيف الكاتب “هناك تدبير آخر يتمثل في تكثيف وزيادة صلابة السياج الحدودي، ووسائل الردع المثبتة عليه في المنطقة الشمالية الجبلية المعقدة”.
فيما زميله غرشون هاكوهين في موقع “يسرائيل هيوم”، يرى أن “سياسة ضبط النفس التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي، تعود إلى تفضيل الحكومة الإسرائيلية تجنُّب خوض الحرب على جبهتين في الوقت نفسه… علاوةً على ذلك، فإن ضبط النفس مردّه سعي الرئيس بايدن إلى تجنّب حرب إسرائيلية بكامل قوتها النارية ضد حزب الله؛ وفي تقديره، هذه الحرب قد تتدهور إلى حرب إقليمية تخرج عن نطاق السيطرة”.
وفي ظل الاستراتيجية الإسرائيلية التي تقضي بضبط القتال الدائر على الجبهة الشمالية، يتساءل هاكوهين حول كيفية معالجة هذه الأزمة، وحل مسألة تهجير آلاف العائلات؟ في الوقت الذي يجزم فيه بأنه “من الصعب، حتى اللحظة، أن نصل إلى حالة يأمر فيها (السيد حسن) نصر الله قواته بالانسحاب بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1701”.
والمحلّل السياسي في “معاريف” إفرايم غانور، يقول “بينما يركز الجيش الإسرائيلي على مشكلات غزة، وتحرير المخطوفين، واقتلاع “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، تحولت الحدود الشمالية إلى مصدر إزعاج وقلق لعشرات الآلاف من سكان الشمال، الذين يشكل حزب الله تهديداً حقيقياً في مواجهتهم”.
ويشير الكاتب إلى “أن معالجة مشكلة حزب الله، ستؤجَّل إلى موعد آخر، عندما لا يكون هناك أدنى شك في أن دولة “إسرائيل” والجيش الإسرائيلي سيشهدان تغييراً مهماً في نهاية الحرب الحالية. ووفقاً لأغلبية التوقعات”
يُفهم من كل ما تقدم، أن “إسرائيل” تُمارس سياسة ضبط النفس على الجبهة الشمالية بانتظار ما ستؤول إليه حرب غزة، وفي المقابل، حزب الله غير آبه في التهديدات التي تُطلق من هنا وهناك، الاشتباك مستمر على وقع الحرب في جنوب فلسطين المحتلة، فكلما توغّل جيش العدو في غزة أكثر، قابله بتصعيد في الشمال من حيث نوعية الأسلحة المستخدمة من جهة، وتوسيع قوس المواجهة على طول الحدود الممتدة على مسافة 100 كلم من رأس الناقورة غرباً إلى مزارع شبعا شرقاً من جهة ثانية، واستهداف عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة ثالثة. وبالتالي، هذه الجبهة يمكن تلخيصها بثلاث عناوين: 1-الإشغال 2-المساندة 3-الردع، يعمل تحت سقفها حزب الله حتى إشعار آخر!
المصدر: مهدي عقيل – الأفضل نيوز