هل بدأ العدّ التنازلي لوقف العدوان على غزة؟

صدى وادي التيم-متفرقات/

الأبز في تطورات العدوان على قطاع غزة كان بالأمس، الى جانب اشتداد ضراوة المعارك في أحياء غزة بعد دخولها فعلياً حرب الشوارع وحرب المدن، وتزايد ثقل اثر حرب الاستنزاف التي يتعرّض لها جيش الاحتلال الاسرائيلي بفعل عمليات المقاومة من جنوب لبنان وتزايد ضرباتها كمّاً ونوعاً ضدّ مواقع وثكنات جيش الاحتلال في المناطق اللبنانية والفلسطينية المحتلة.. كان تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهن، الذي قال فيه: “أمامنا أسبوعان للحسم قبل أن يصبح الضغط الدولي مؤثراً، والذي يزداد علينا لإنهاء الحرب…”
ماذا يعني ذلك، وما هي العوامل التي ستجعل حكومة الحرب الإسرائيلية غير قادرة على مواصلة الحرب لفترة طويلة؟
أولاً، ماذا يعني تصريح كوهين؟
يعني انّ الضوء الأخضر الذي أعطته الدول الغربية لـ “إسرائيل” لشنّ العدوان على قطاع غزة بهدف القضاء على المقاومة وسحقها، وتحرير الأسرى، وتغيير الوضع القائم في غزة، أنّ هذا الضوء بدأ يخفت ولم يعد استمراره ممكناً… ولهذا فإنّ أمام “إسرائيل” وقتاً محدوداً قد يكون حتى نهاية الشهر الحالي، لتحقيق أهدافها التي أعلنتها أو جزءاً منها، قبل أن يشتدّ ضغط الدول الغربية الداعمة لها لإجبارها على وقف النار وذلك تحت ضغط تصاعد غضب الرأي العام الغربي ..
ثانياً، ما هي العوامل التي ستجعل “إسرائيل” مكرهة على وقف النار والنزول من على الشجرة، والبحث عن مخرج لها تتولى واشنطن إيجاده لحفظ ماء وجهها؟
العامل الأول، المعارك الطاحنة في شوارع وأحياء غزة وفشل جيش الاحتلال في تحقيق أيّ إنجاز حقيقي في الميدان، حيث تبيّن مع كلّ يوم يستمرّ فيه القتال انّ العملية البرية ليست نزهة وانّ الجيش الاسرائيلي يدفع ثمناً كبيراً من القتلى والجرحى وتدمير آلياته اكبر بكثير مما كان مستعداً لدفعه، ومع ذلك لم يصل إلى شبكة الإنفاق، ولا إلى منصات إطلاق الصواريخ التي أطلقت بالأمس رشقة جديدة على مدن الاحتلال في الجنوب وغوش دان، رغم ادّعاءات المتحدث العسكري الاسرائيلي بأنّ الجيش الاسرائيلي نجح في الوصول الى بعض الانفاق ووقف اطلاق الصواريخ.
العامل الثاني، ما يحصل ويراه العالم من قيام الجيش الإسرائيلي في إحداث الدمار الهائل وقتل الأطفال والنساء وقصف وحصار المستشفيات وتهديد وزير التراث الصهيوني اميحاي الياهو باستخدام القنبلة النووية لمحو قطاع غزة، مما آثار ويثير المزيد من غضب الرأي العام العالمي ويرفع منسوب الاحتجاجات الشعبية التي تضغط على الحكومات لوقف الحرب،
العامل الثالث، نجاح المقاومة في لبنان في استدراج كيان الاحتلال إلى حرب استنزاف كبيرة أنهكت جيشه بالخسائر الكبيرة التي تقع في صفوفه والتي يتكتم عليها لتجنّب تداعياتها على الداخل الإسرائيلي ومعنويات الجنود، تماماً كما يحصل في قطاع غزة من عدم التصريح عن جميع أعداد القتلى والجرحى في صفوف الضباط والجنود الصهاينة الذين يسقطون يومياً نتيجة المقاومة الضارية التي يتعرّضون لها.. لكن ما كشفته بيانات المستشفيات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة يظهر الحجم الكبير لإعداد الجرحى الذين دخلوا المستشفيات، والذي قدّر حتى تاريخه بما يزيد عن 1400 جريح، فيما العدد الفعلي للقتلى لا يزال مجهولا حتى الآن، عدا طبعا عن الخسائر في الاليات العسكرية وتدمير التجهيزات الفنية والاستخبارية وأجهزة الرصد والكاميرات..
هذه العوامل تزداد قوة وتأثيراً على حكومة الحرب الصهيونية، وتؤدي الى ارتباكها وظهور التباينات بين الوزراء الصهاينة، والذي تجسد في تصريح وزير الخارجية، وتوبيخه من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يحاول الظهور بصورة المصمم على مواصلة الحرب لتحقيق أهدافه منها، وإطلاق المواقف النارية خلال زيارته لجنوده لرفع معنوياتهم وتحفيزهم على مواصلة خوض القتال بعد ارتفاع أعداد القتلى والجرحى في صفوفهم.. ومواجهتهم مقاومة ضارية تمنعهم من تحقيق أهدافهم.
خلاصة الأمر، كلّ المؤشرات تقول انّ الوقت يضيق امام حكومة نتنياهو.. وانّ حجم الاستنزاف الذي يتعرّض له جيش الاحتلال والكيان يزداد، وفشله في تحقيق أهداف الحرب، يفاقم من حدة مأزقه، لا سيما في ظلّ عدم ظهور ايّ علامات على ضعف المقاومة أو تراجع قدراتها على مواصلة القتال وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف جيش الاحتلال وآلياته، والاستمرار في إطلاق الصواريخ، والشعب الفلسطيني يظهر صموداً اسطورياً رغم المجازر الوحشية، فيما يرتفع منسوب الضغط الدولي والرأي العام على كلّ من واشنطن وتل أبيب لوقف النار الفوري وفتح المعابر لدخول المساعدات إلى قطاع غزة.. وهذا كله يقود إلى نتيجة واحدة وهي أنّ كيان الاحتلال سوف يفشل في رهانه على كسر إرادة المقاومة والنيل من صمود شعبها، وانّ قدرة أهل غزة ومقاومتهم على تحمّل الكلفة الكبيرة لهذا العدوان أكبر بكثير من قدرة كيان الاحتلال وجيشه على تحمّل كلفة الاستنزاف البشرية والمادية والاقتصادية، لسبب وحيد وهو أنّ أهل غزة ومقاومتهم ليس أمامهم من خيار سوى التحمّل ومواصلة المقاومة، وعدم رفع الراية البيضاء، ولهذا فإنّ النصر سيكون حليفهم…

المصدر: حسن حردان-البناء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!