كامل جابر يفتح “نوافذ على الخيام” صوراً ونصوصاً

صدى وادي التيم – ثقافة /
قبل أن يفتح لنا #كامل جابر “#نوافذ على الخيام“، منحها عدسته وشرّعت له بدورها بيوتها وقناطرها. مشى الصحافي والمصوّر الجنوبي العتيق سهول المدينة ودساكرها خطوة خطوة، حتى كاد يرينا ما لا تعرفه هي عن نفسها. كتابه الجديد الفاخر شكلاً والباهظ الغنى مضموناً، ليس أقلّ من تحفة توثيقية، صوراً ونصوصاً، لواحدة من أكثر البلدات الجنوبية اللبنانية رسوخاً في ذاكرة البلاد ووجدانها.
بعد إطلالة تاريخية لتعريفنا بالخيام وما واجهته على مرّ الأزمان، يأخذنا جابر في رحلته الممتعة فاتحاً عدسته الزاهية ونصوصه المصقولة (مع ترجمة بالإنكليزية)، والبداية من الإسم الذي صار لصيقاً بعنفوان المدينة: معتقل الخيام. يروي الكتاب سيرة المكان منذ بناه الفرنسيون ثكنةً عام 1933 وصولاً إلى تدميره المنهجي في عدوان تموز 2006، بغارات إسرائيلية قوّضت معالمه لكنها لم تلغِ ذاكرته التي يحفظها كلّ جنوبي. فهذا المكان، الذي وثّقته عدسة جابر بعد التحرير ثم لاحقاً بعد تدميره، كان عنواناً لصمود مئات الأسرى اللبنانيين وغيرهم خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي، واكتسب سمعته السيئة بسبب التعذيب الوحشي الذي كانوا يتعرضون له.
غلاف الكتاب.
وعلى المنوال ذاته، بالصور والنصوص، تستمر مسيرة الكتاب في تعريفنا بالخيام، كاشفاً كنوزاً طبيعية مخبوءة، ولوحات خلابة، وأماكن تراثية. ودلالةً على قيمة التفاصيل وتعبيرها عن روح البلدة، يفرد الكتاب صفحاته ليخبرنا عن الأرض بما تحتها وما عليها، عيونَ مياهٍ وينابيعَ وسهولاً، ثمّ نقطف مع جابر جنى المواسم، من الزيتون وزيته إلى العنب واللوز والرمّان والقمح والدرّاق، قبل أن يُدخلنا بيوتاً خيامية لنملأ مع سيداتها عبوات المؤونة السنوية قبيل الشتاء، من البرغل والشّراب أو رب البندورة، الكشك والصعتر والسمّاق والمخللات وغيرها.
ومن العادات والتقاليد يأخذنا الكتاب في جولة سياحية بيئية وطبيعية، إذ ترصد العدسة مشاهد أخّاذة للغروب عند نبع الدردارة، إلى اقتناصات محترفة للطيور في مواسمها المتفاوتة، من البجع واللقلق إلى المالك الحزين فالباشق والعقاب والحجل والسمّن والفرّي والبط والأوز وغيرها، قبل أن تتخذ الفراشات الملوّنة مكانها في الصفحات المفتوحة على الجَمال والبهجة.
بعدها إلى السياحة الدينية في الخيام، إذ نتعرف على مسجد البلدة والكنيسة الإنجيلية وكنيسة السيدة وكنيسة أنطونيوس الكبير وكنيسة مار الياس الحي ومقام ناصر بن نصير، مع تواريخ تشرح لنا سيرة كلّ من الأمكنة الروحية.
وتحت عنوان “نوافذ على الخيام” المسمّى به عنوان الكتاب، نعبر إلى بعض الدور والبيوت التاريخية والحديثة المميزة بتصاميمها وقناطرها وأبوابها وشبابيكها، علماً أن جابر أفرد صفحات خاصة للعمارة في الخيام وتنوّعها بين التراثي والحديث.
كتاب كامل جابر عن الخيام ليس الأول من نوعه، فقد سبقته إصدارات عدة ضمن مشروع توثيقي وتأريخي، صوراً ونصوصاً، لمناطق لبنانية، وللجنوب الحصة الأكبر حتى الآن، ومنها “ذاكرة الجنوب عينٌ وأثر” (2005)، “إقليم التفاح، العين ترصد الذاكرة” (2006)، “لبنان الجنوبي، عين تحاكي الجمال” (2008)، “العين تنسج مقامات الجمال” (2011)، “الهرمل، الجمال ماء العين الزرقاء” (2012).
ويعدّ جابر من أبرز صحافيي الجنوب الذين غطّوا أحداثه منذ بداية التسعينات، وله رصيد كبير من التحقيقات والتقارير والمقالات الصحافية، إضافة إلى صور عدة حازت شهرة عالمية خلال عمله مراسلاً لوسائل إعلام محلية ودولية.
المصدر: النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى