المارينز على شواطئ بيروت… ولكن!

صدى وادي التيم-لبنانيات/

تتحرّك الأساطيل الحربية في المياه الإقليمية. لهديرها وقع سياسي وديبلوماسي يكاد يوازي الأثر الحربي والأمني. تأتي عودة البوارج والطائرات من ضمن عملية رسم خطوط التماس الجديدة، على وقع الحرب الدائرة في غزة.

لكلّ فريق مصالحه وأهدافه وخلفياته في التحرك. من الصين الى روسيا، مروراً بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. فالحضور الأمني “يقرّش” بالسياسة. والنفوذ السياسي يترجم لاحقاً مكاسب اقتصادية في منطقة لا تزال تكتسب أهميتها كبوابة تجارية، وحاضنة لآبار النفط والغاز.
في العام 1958، حط المارينز على شواطىء لبنان. كان عهد الرئيس كميل شمعون الذي بدأ بالازدهار والبحبوحة والطموحات، ينتهي بثورة ودماء. فالجمهورية اللبنانية الحديثة الولادة، لم تتحمّل صراعات المحاور بين الشرق والغرب، والطموحات الأميركية-السوفياتية، ونفوذ جمال عبد الناصر. “فولعت” على أرضنا.
كان التدخّل الأميركي في لبنان العام 1958 العملية القتالية الأولى التي تشنّها القوات الأميركية في الشرق الأوسط. وكان الرئيس دوايت أيزنهاور أول رئيس أميركي يُحدّد الأهمية الحيوية التي يرتديها الشرق الأوسط بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة.
لم يقتصر الحضور العسكري في لبنان، بل تمركزت ثلاث مجموعات قتالية تقودها حاملة طائرات قبالة الشاطئ في البحر المتوسط، ووُضِع الجنود الأميركيون في أوروبا وأميركا في حالة جهوزية للتوجّه إلى منطقة الإنزال. كما هبط مظلّيون بريطانيون في الأردن في عملية تمت في إطار من التنسيق المُحكم. وكانت هذه العملية بمثابة نموذج أولي لعمليات شُنَّت لاحقاً مثل عاصفة الصحراء وحرية العراق. بعدها بأسابيع وأشهر، انسحب المارينز وكان ما كان من تخبط… فحرب استمرت سنوات.

اليوم، يكاد يتكرر المشهد، أو أن التاريخ يعيد نفسه، إنما بظروف مختلفة، وتقاسم نفوذ مغاير. الحرب دائرة، والأساطيل جاهزة، والمحاور تتصارع، والسباق على اشده بين الحلول العسكرية، والتسويات السياسية. من يسبق من؟ لا شيء واضحاً حتى الآن. ولكن الأكيد، أن لا شيء دائم في هذه الحلقة المتكررة.

في كتابه “الغرفة التي شهدت الأحداث مذكرات البيت الأبيض” ، يقول مستشار الأمن القومي في عهد دونالد ترامب جون بولتون إن دقائق قليلة كانت كفيلة في قمة هلسنكي في تموز 2018، لحصول اتفاق بين بوتين وترامب وفق الآتي: لا دعم للجماعات الاسلامية المسلحة في سوريا، وحصر للنفوذ الايراني في دمشق، والتطبيع مع الأسد.
ما سبق يعني أن سياسات الدول تتبدّل وأن المصلحة تتقدم على أي شيء آخر. فأين المبادرة اللبنانية وسط هذه العاصفة؟ ولماذا لم ترتق الحركة السياسية الى مستوى الحدث؟ أين خريطة طريق الحل؟ وأين مشروع الانقاذ؟ كيف سنتصرّف وأين سنكون “اذا خربت او انحسمت لهون او لهون؟”.

ليس بالانتظار تبنى الأوطان. ففي الأزمة تبرز الحاجة الى من يعلي شأن المحور اللبناني على المحاور كلّها.

المصدر: كبريال مراد- mtv

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى