غزة تحدِّدُ مصيرَ قناةِ السويس وطريقِ الهند التّجارية

صدى وادي التيم-متفرقات/

من المعروف عند المتابعين للشؤون الإسرائيلية أن حلم الصهيونية بإنشاء الدولة من الفرات إلى النيل هو حلمٌ قديم جديد. ما انفك القائمون على هذه الدولة من التمهيد له بمختلف الوسائل، إن كان ذلك عبر الحروب المباشرة التي اشتهر فيها الكيان منذ عام ١٩٤٨، أو عبر الحروب غير المباشرة ومن خلال زرع وتأجيج الفتن بين الإثنيات المختلفة في دول الجوار العربي.

واليوم وبعدما وصل الصراع الصيني الأمريكي على التجارة العالمية إلى أبواب الشرق الأوسط، وتنطح الإسرائيلي ليقدم نفسه كبوابة لهذا الطريق إلى المتوسط عبر البحر الأحمر في محاولة لتغيير الجغرافيا والتاريخ عبر مخطط إنشاء قناة بن غوريون لتمر في قطاع غزة الذي ما برح الإسرائيليون يمعنون في محاصرته وضربه والذي اعتاد على ذلك منذ سبعينيات القرن الماضي، أي منذ ما قبل قيام حركة حماس.

وفي خِضَم محاولة إلغاء قناة السويس عبر إنشاء قناة بن غوريون حيث سيمتد الخط التجاري العالمي الجديد من الهند مروراً بالخليج العربي، وحتى سواحل فلسطين المحتلة، ينشب صراع جديد فاجأت به حماس الكيان الصهيوني في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣، مباغتةً العدو الإسرائيلي وقاضيةً على حلمه في تهجير الغزّاويين والذي على ما يبدو لم يكن قد اكتمل بعد، لا بل إنه تلقى ضربةً قاصمة بعد رفض المصريين والأردنيين استقبال الفلسطينيين في سيناء أو في الأردن، حيث يشكل التهجير عبئاً على هاتين الدولتين، على حد تعبير قيادتيهما، وبالرغم من التهديد والترهيب الذي تمارسه أمريكا.

 

وبعد مرور الأيام، وارتكاب الصهاينة لمجزرة مستشفى المعمداني وارتكاب الكثير من المجازر التي خلفت الكثير من الضحايا أغلبهم من الأطفال، انبرى الرئيس الأمريكي جون بايدن ومن خلفه كل الغرب، إلى الدفاع المستميت عن الكيان الصهيوني، فهم قلبوا الحقائق وحوّلوا لون اللبن الأبيض إلى أسود عبر قنواتهم الإعلامية الموجّهة إلى جمهورهم في الغرب، حيث اتهموا حماس باستهداف أهلها عبر صاروخ منها ضرب المستشفى، وكان ذلك بكل وقاحة على لسان الرئيس الأمريكي من تل أبيب. وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الأمريكي ومن خلفه كل الغرب والذي يخوض الصراع مع روسيا والصين، يستعجل هذه القناة ضمن اراضٍ يسيطر عليها الإسرائيليون في قلب الشرق الأوسط، فعلى الرغم من وجود أسرى يهود يحملون جنسيات غربية، إلا أن هذا الغرب يعمل بكل طاقاته لإنهاء حماس وتهجير سكان القطاع، مفضلاً إخلاء هذه الأراضي لصالح المشروع الجديد على حساب الدماء الفلسطينية، وحتى على حساب دماء الأسرى والتي أصبح أفراد منهم في عداد الموتى بسبب القصف الإسرائيلي العشوائي على المدنيين والذي يهدف إلى جعل غزة أرضاَ محروقةَ قبل اجتياحها بريًا..

لا شك بأن تحرك الرئيس المصري الأخير وكلمته الشهيرة عن تهجير أهل غزة إلى النقب بدل سيناء، أوضحت جزءاً من المخطط الذي يهدف لإنشاء قناة بن غوريون واستبدال قناة السويس بها.

إلا أن الدور الصيني في قطع الطريق على الأمريكي لم يبرز بعد بشكلٍ واضح، ما خلا بعض المواقف التي ساند الصيني من خلالها الروسي في مجلس الأمن، حيث واجهت الولايات المتحدة ذلك بالفيتو…

إن البوارج الأمريكية التي أتت إلى المنطقة في ظل الصراع الأخير، هدفها تأمين مصالح أمريكا والغرب الاستراتيجية، من طريق الهند الى غاز المتوسط، ولكن أمريكا التي أصبحت توجّه الكيان بالمباشر ، هل ستواجه محور الممانعة بالمباشر؟ فهذا المحور الذي يدافع عن أرضه، يستمد قوته من إيران التي تحالف الصين وروسيا، وهل إن التدخل الأمريكي والغربي المباشر سيعني تدخلاً من الطرف الآخر بالمباشر؟….

انتظروا مصير غزة، فنصرها يعني توقف إنشاء قناة بن غوريون، وأما هزيمتها وتهجير أهلها حسب المخطط الصهيوأمريكي يعني خروج قناة السويس عن الخدمة وإنشاء قناة بن غوريون بدلاً منها.

فربما يكون للإسرائيليين أيديولوجيتهم الخاصة بإنشاء “دولتهم”، ولكن للغرب الذي يقاتل بهم العرب مصالحه وأهدافه الخاصة أيضاً، ولذلك يفكر بتغيير جغرافيا غزة في هذا الحين.

إن غزة اليوم سترسم دور مصر التي ستحرم من مليارات الدولارات في حال هزيمة غزة، وسترسم أيضاً طريق الهند ومستقبل مسار التطبيع لدول الخليج العربي مع الصهاينة.

إنها غزة التي ستعلن من سيفوز في طرق التجارة العالمية غداً: الصين عبر طريق الحرير، أم أمريكا عبر طريق الهند.

المصدر: بكر حجازي – الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى