هدوء في القرى الحدودية والـNGOs تستطلع سرّاً
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يسود الهدوء قرى كفركلا والعديسة والخيام. خرج الأهالي إلى حقول الزيتون، مغتنمين فرصة الهدوء الحذر بعد يومين من التوتّر. لم يتوجّه كلّ المزارعين إلى حقولهم كالمعتاد مع بدء موسم القطاف. يتريّث كثيرون حتى الأسبوع المقبل، تحسّباً لأيّ طارئ، غير أنّ الحياة بدت شبه طبيعية في كفركلا المحاذية لبوابة فاطمة الحدودية، فتحت المحال أبوابها، ومارس الكلّ أعمالهم، كأنّ شيئاً لم يكن. داخل «قهوة التحرير» يجلس «عليّ» الشّاب العشريني، يعدّ نرجيلة لزبون عابر، فالقهوة تستقطب العشرات يومياً لمراقبة ما خلف الحدود.
لم تشهد البلدة حركة نزوح كبيرة، بقيت محدودة جداً وفق ما يقول رئيس البلدية حسن شيت، مشيراً إلى أنّ «الأهالي في كفركلا يعيشون حياة مستقرّة مع ترقّب حذِر، الكل عادوا إلى عملهم، فتحوا أبواب محالهم واستقبلوا زبائنهم، باستثناء المدارس التي بقيت مقفلة. ولفت إلى أنّ البلدية رفعت جهوزيّتها والطواقم الإسعافية تحسّباً لأي طارئ. نحن جاهزون من اليوم الأوّل». وفيما يعيش الناس ضغطاً كبيراً، كون فكرة الحرب مرعبة، تؤكّد «فاطمة» ابنة كفركلا «أننا لا نخاف الحرب، بل نحن أقوياء، حتى أننا نرفض مغادرة بلدتنا رغم وقوعنا على تماس مع إسرائيل».
في دكّانها الصغير تمضي «أم محمد» في عملها، تُرتّب الرفوف، وتضع الخبز عليه، لا شيء يستدعي القلق، قائلة: «ممّا نخاف، أعتقد أن الحرب الاقتصادية أخطر من سواها»، فهي لم تغادر كفركلا في حرب تموز رغم كلّ القصف والدمار، وستبقى في منزلها في أي حرب مرتقبة.
على طول الشريط الحدودي من كفركلا الى العديسة فبرج الملوك والخيام، وحدها عدسات الكاميرات تحاول التقاط صورة ما، في حين يُسيّر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة دوريات مكثفة. الهدوء سيطر على الشريط الحدودي، لم تُسجّل طلقة رصاص، على عكس ليل أمس، حيث كانت القنابل المضيئة تُضيء سماء المنطقة، وتحديداً قبالة مستوطنة المطلّة في الخيام.
أمّا اللافت في هذه القرى فهو «دخول المنظمات غير الحكومية الـNGOs على خط الأهالي سرّاً»، وفق شيت، الذي كشف أنّها «تحاول معرفة خيار الأهالي في البقاء أو النزوح». هذه المحاولات يراها رئيس بلدية كفركلا «مريبة نوعاً ما»، ويسأل: «ما علاقة جمعية تُعنى بالتشجير والتحريج بسؤال الناس عن رحيلهم أو بقائهم، في وقت يتركز نشاطها مع النازحين الذين يقدّمون لهم كلّ شيء، بينما لا يلتفتون إلى أحوال اللبنانيين». وختم: «لمصلحة من يعملون؟ وما الغاية من أسئلتهم؟ هل هناك مخططات لتوطين السوري مكان اللبناني في حال نزوحه؟».
من جانبه، يؤكّد رئيس بلدية الخيام عدنان عليّان «أنّ الأمور أكثر من طبيعية، والناس في أعمالهم. ومرتاحون الى وضعهم»، من دون أن يخفي أن الترقّب سيد الموقف. وأضاف: «بتنا نعيش الأحداث كل يوم بيومه»، مردفاً أنّ «المقاومة حاضرة وتتولّى زمام الأمور، ولهذا نحن أقوياء». ينسحب الهدوء على الخيام وحياتها، حركة السيارات طبيعية، لا يختلف المشهد عن الأيام العادية. ينتشر الأهالي في كروم الزيتون، انطلاقة الموسم خجولة وفق أحد الأهالي، الذي مضى إلى حقله مع عائلته، معتبراً أنّ «الإثنين سيكون كلّ الناس في حقول الزيتون، فنحن لا نخاف شيئاً».
بالمحصّلة يرفض أبناء قرى الشريط مغادرة أرضهم، من نزحوا كانت أعدادهم محدودة جدّاً، وبعضهم عاد مع عودة الهدوء النسبي، إذ يؤكد الجميع صمودهم في وجه أي حرب مرتقبة.
المصدر: رمال جوني