“أمُّ المعارك” قيادةُ الجيش
صدى وادي التيم-لبنانيات/
مع تراجع التركيز على المبادرتين الفرنسية والقطرية، يعود الاهتمام إلى الأجهزة الأمنية. وعليه سيحتل الجيش اللبناني واجهة الاهتمام، في ضوء عاملين بارزين اثنين: الصراع حول وضعية قائد الجيش، والمحاولات الجارية لاستباق تقاعده بتعيين رئيس للاركان.
وفق المعلومات الحالية، يتحرّك نائب على الأقل من تكتل “اللقاء الديمقراطي” في محاولة منه لتسويق فكرة أن يتولى مجلس الوزراء تعيين رئيس للأركان ينوب عن قائد الجيش حين تقاعده. يواجه هذا الاحتمال مجموعة عوامل لا تساعده:
أولها : رفض فكرة التعيين في مجلس الوزراء من قبل قوى سياسية أساسية متفاهمة فيما بينها على رفض هذا الاحتمال في ظل الشغور الرئاسي.
ثانيها : ممانعة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم رفع اقتراح لا يشمل تعيين مفتش عام أصيل من الطائفة الأرثوذوكسية ومدير عام أصيل للإدارة من الطائفة الشيعية.
ثالثها : رغبة فريق سياسي على الأقل بترك الحلول التي نفذت منها مناورة بالذخيرة الحية في قوى الأمن الداخلي تأخذ مداها، أي من خلال تولي الضابط الأعلى رتبة زمام الأمور. رغم كل هذه الأسباب، ما زال النائب يتحرّك، ببركة المختارة، ويحاول إحداث خرق. في الطريق إلى ذلك، يبدو أن ما حصل في جوار السفارة الأميركية في عوكر أسقط أحد المرشحين البارزين من الضباط الدروز للمنصب.
أما بالنسبة إلى قائد الجيش، الوضع ليس أفضل. أخذ صراعه مع رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل منعطفاً خطيراً. خلال كلمته في الهرمل، وجّه القائد سهامه صوب باسيل. ردَّ الأخير باتهام القائد بأنه “متخاذل” في موضوع النازحين، ويساهم بعض الضباط المحسوبين عليه بتوفير وتأمين تغطية للمهربين بغطاء عملهم في البقاع. يترافق ذلك مع إعادة تنشيط موضوع الاتفاقيات التي تحصل في قيادة الجيش بالتراضي. وفي هذا الصدد يضغط وزير الدفاع على كل من هيئة الشراء العام وديوان المحاسبة لإصدار توصياتهم في شأن ما أرسله سابقاً من اتفاقيات أبرمتها قيادة الجيش من دون الرجوع إليه. هذا يعني أنَّ المواجهة ستسلك مسارًا قضائيًّا موازيًا، وإنَّ ثمة من يقول إنَّ “القائد غير مؤهل”.
ما سيؤدي إليه هذا الاشتباك حكماً “زم” القوى السياسية المؤيدة لفكرة التمديد لقائد الجيش بقانون عام يصدر عن مجلس النواب. وللعلم، فإنَّ نواباً من تكتل “اللقاء الديمقراطي” سبق لهم أن تقدموا باقتراح قانون معجل مكرّر لرفع سنين تقاعد الضباط بشكل عام، بزيادة 3 أعوام لكل ضابط. ما له أن يفشل هذا الخيار، عدم تأمين التوافقات السياسية حوله كي يعبر في مجلس النواب.
معضلة القانون ليس أقل شدة من خيار وزير الدفاع عدم رفع اقتراح من جانبه باستدعاء قائد الجيش من الاحتياط أو تأجيل تسريحه أو قبوله أن يقترح القائد التمديد لنفسه. قالها الوزير علنيةً: “إنتظرونا في كانون الثاني”. يقبل الوزير قطع يده ولا يقبل تدوين توقيعه على خيار كهذا! على الرغم من أنَّ ثمة من لا يزال يراهن على إبرام “صفقة” بين القائد والوزير معتمداً على الزيارات بين الطرفين “على قلّتها”، لكنه يسهو أن النزاع بينهما أكبر من نزاع بخلفيات تقنية.
بالنسبة إلى القوى الأمنية الأخرى وأبرزها الأمن الداخلي ليس أفضل. يحال مديره العام اللواء عماد عثمان على التقاعد بعد فترة قصيرة من حلول موعد إحالة قائد الجيش. الأزمة في قيادة قوى الأمن الداخلي شبيهة بتلك الجارية في الجيش، مع فارق بسيط، إنَّ مسألة “تولي الضابط الأعلى رتبة” وجدت طريقاً لها في المديرية. على هذا الاساس، يتخذ من الحلول المقبلة في الجيش قبلة للحلول التي ستحصل على مستوى “الأمن الداخلي”.
المصدر: عبدالله قمح – الأفضل نيوز