وما بعد الكلام… ننتظر الأفعال – بقلم ميشال جبور

 

أطل علينا البارحة من السراي الحكومي دولة الرئيس حسان دياب بمؤتمر صحفي يحمل في ثناياه بعض الإيجابية ومنها القرار الصائب بعدم دفع سندات اليوروبوند لكن الخطاب كان بمعظمه انشائي محض.
كان يجب اتخاذ هكذا قرار قبل أسبوعين والإتيان بخبراء ماليين قبل أسابيع وليس في اللحظات الأخيرة وهو العالم منذ استلامه رئاسة الحكومة بالمسار الشائك للكثير من الأمور ومنها ديون الدولة اللبنانية وفراغ خزينة مصرف لبنان وليس كما كان يدّعي حاكم مصرف لبنان أن هنالك ما يقارب ال٣٠ ملياراً…
قرار عدم الدفع هو أمر إيجابي بكل أبعاده والتفاوض على الدفع وإعادة الجدولة والهيكلة للديون هو أمر يحصل وحصل مع الكثير من الدول وذلك القرار ببعده قد حمى المودعين وأبقى للبنان بعض من المال ليتدبر في أزمته.
وفي ما عدا ذلك نسأل، ونحن لا نريد تحميل دولة الرئيس وزر مسؤولية السرقات والنهب على ما مضى من سنين، لكن نسأل ونسائل في الحلول التي غابت عن مضمون الخطاب…فإلى الآن يكون قد مر ثلث مهلة المئة يوم التي ارادها دولة الرئيس ووزرائه الذين وبحسب ما أشاعوه يعملون ليل نهار لتحسين الوضع الإجتماعي والإقتصادي الذي لا يجب أن يبقى كما هو عليه، يجب إيجاد السبل الناجعة لدعم المستشفيات ورفدها بالأدوية سيما أطلت علينا مؤخراً أزمة فيروسية وزادت من حدة الحاجة، كما يجب أن لا يبقى سعر صرف الدولار فلتاناً وعلى أهواء الصيارفة يسرح ويمرح لأن في ذلك خطورة على الأمن الإجتماعي وعلى مالية الدولة وهذه مسؤولية الحكومة وعليها يحق لنا أن نسأل أين هي الحلول المجدية في هذا الشأن؟
فلقد أوضح دولة الرئيس في جلسة الثقة أنه استلم كرة النار على مسؤوليته، فعليه اذاً شق طريق النجاة مع كل كادره الحكومي عبر تعزيز الإقتصاد ودورته، فلا يكفي أن نرفع السرية المصرفية عن موظفي الدولة والمدراء العامين بل علينا بطرق الباب الواسع لاستعادة الأموال المنهوبة، فحاجة لبنان تكفيها استرداد الأموال من الذين سرقوا أضعاف أضعاف حاجة لبنان.
علينا بإيقاف الفاسدين وردعهم وجلبهم الى العدالة وليس بطريقة فولوكلورية بل بطريقة القانون الحاسم وأمام الشعب لكل نملئ عينه من جديد ونستعيد ثقته بالدولة وهذا كان يجب أن يبدأ منذ اللحظة الأولى، يكفينا حديث عن مكافحة الفساد لأنه وبالفعل لم يعد هنالك فساد لأنه لم يعد هنالك من أموال لكي يسرقها من سولت له نفسه النهب على مدى عقود، فالشعب كله على مستوى عالٍ من اليقظة وخاصة مع بدء ثورة تشرين التي من مفاعيلها كان وضع الإصبع على الجرح.
اذاً علينا يا دولة الرئيس باستعادة الأموال المنهوبة ولنستعيدها علينا العودة الى الوراء ومطالبة هؤلاء الناهبين بفك الأسر عن أموال لبنان، كما علينا بإيقاف الهدر الناتج عن الصناديق المشبوهة وإيقافها كلها مهما علا شأن من يقف وراءها، لكن هل يستطيع الرئيس دياب أن يقوم بذلك، هل سيستطيع أن يلغي مزارب الهدر من إيجارات طائلة وامتيازات ومواكب أمنية لأناس ليس لهم الحق فيها تكلف الدولة أموالاً باهظة، في يدك يا دولة الرئيس الرجوع ثلاثون عاماً إلى الوراء لمعرفة من سرق ومن أتى وبجيبه بعض القروش حوّلها بالسرقة إلى ملايين الدولارات بمد اليد على خزينة الدولة وعبر الصفقات والتلزيمات التي اثقلت كاهل الخزينة ومن أغرق البلد بالديون.
نذكر دائماً وابداً بشعارات حاكم مصرف لبنان الخشبية،لا للخوف على الليرة ولدينا احتياط يبلغ ٣٠ ملياراً، وذلك على كل المنابر التي تبجح عليها، علينا أن نسائله عن كذبه وتحميله المسؤولية لأن الثلج قد ذاب وبان اليقين بأن خزينة الدولة فارغة!
أين أموال الشعب؟ أين جنى عمر الناس؟ أين الضرائب التي تجمعها الدولة من الجباية وشركات الخليوي والمحروقات؟
أين ذهب كل تبجح حاكم مصرف لبنان وكل الكلام الذي أطلقه في آخر مقابلاته مع مارسيل غانم؟
إن لم يكن في استطاعتنا دولة الرئيس القيام بذلك والنهوض بالبلد من جديد فأشرف لنا أن نعود إلى البيت، إما الحلول واستعادة الأموال المنهوبة والمأسورة في المصارف وإما ندفن رأسنا في الرمال لأن الشعب ينتظر بارقة أمل وليس من يخبره ويفند له السرقات والنهب، الشعب يريد… إستعادة الأموال المنهوبة وإسقاط منظومة الفاسدين.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى