️لبنان في قلب إعصار النزوح الجديد: تهريب وتدفق الآلاف من بوابة الشمال…
صدى وادي التيم-لبنانيات/
بالآلاف، عاد السوريون للتدفّق إلى لبنان عبر حدوده الشماليّة بصورة غير شرعية.
طريق هؤلاء طويلة ووعرة، لكنَّ جفاف النهر الكبير الفاصل بين لبنان وسوريا في أيام الصيف يسهّل عليهم اجتياز الحدود. رحلة الألف الميل تبدأ من جسر “قمار” الواقع في محافظة تلكلخ السورية وصولا إلى النهر الكبير.
بعد ذلك يدخلون قرى وادي خالد الحدودية حيث تتسلّمهم فانات لإيصالهم إلى شدرا، منها ما يعود لأحد كبار المهرّبين الذي يملك منزلاً على بعد حوالى الثلاثين متراً عن النهر. لدى وصولهم إلى هناك يترجّلون من الفانات ويقتادهم المهربون إلى الجبل حيث يسيرون متراصّين بهدف الالتفاف على حاجز الجيش اللبناني.
بعد النفاذ من الحاجز تكون في انتظارهم فانات تصطحبهم إلى وجهتهم الأخيرة، وفي طريقهم يضطرون أحياناً إلى الإنتظار لساعات هرباً من الدوريات الأمنية داخل البلدات. لكن ثمة مساراً ثانياً للنزوح يبدأ من البقاع الشمالي، وسط معلومات تتحدّث عن عبور سوريين من معبر جوسيه باتجاه الشمال حيث يتسلّمهم شخصٌ من آل البعريني في القموعة ويوصلهم إلى العبدة.
ويتحدّث أهالي المنطقة عن موجة نزوح تهدف إلى الهجرة غير الشرعية نحو دول أوروبية عبر الساحل اللبناني، وهو ما يدفع بالعديد من السوريين للإنتقال من شدرا في اتجاه بحيرة الكواشرة للإنتقال بعد ذلك إلى طرابلس والعبدة، وفي الآونة الأخيرة إلى أنفة حيث بات هناك نقطة تجمّع للمهاجرين قرب فندق “شاطئ البرج” المهجور. كلفة الرحلة التي تبدأ من سوريا وصولا إلى الهجرة عبر البحار تصل إلى 6000 دولار للفرد الواحد. إذ يجني المهرّب مئات آلاف الدولارات مقابل تهريب مئات في مركب يتسّع لبضعة عشرات، أما كلفة الدخول إلى لبنان والمكوث فيه قد لا تتجاوز ال 300 دولار للشخص الواحد وهو على الأرجح هدف غالبية الوافدين لأن أعداد المهاجرين على القوارب أدنى بكثير من أعداد الذين دخلوا خلسة بالآلاف.
أما ما يدفع بهؤلاء للقدوم إلى لبنان على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب، فهو الوضع المعيشي المزري في سوريا الذي لا يفرق بين مواطن سوري وآخر في حركة النزوح الحاصلة اليوم بحسب ما ينقل عنهم أصدقاء لهم. فراتب أعلى موظف في سوريا بات يوازي ال 26 دولاراً، أما مردود أي خدمة يؤدّيها السوري في لبنان لن يكون أقلّ من مئة دولار. هذا عدا عن أن العديد من المهاجرين هم شبان قرروا الهروب من التجنيد الإجباري ومن وضعهم في الإحتياط لسبع سنوات بعد انتهاء خدمة العلم.
أما بالنسبة لأهالي عكار، فقد بات مشهد قوافل النزوح الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية إن كانت تلك الموجودة منذ فترة أو المستحدثة في غالبية القرى الحدوديّة عند النهر الكبير، مشهداً يوميّاً. وأكبر دليل على ذلك هو توقيف الجيش في فترة قصيرة لحوالى ال 1000 سوري حاولوا الدخول خلسة إلى لبنان وإعادتهم إلى سوريا، وهذا العدد بحد ذاته مؤشّر إلى أن عمليات التهريب ليست عفويّة وإنمّا منظّمة من قبل عصابات تقول المعلومات إنها لبنانية-سوريّة محميّة بشبكة علاقات واسعة تسمح لها باستباحة الحدود “على عينك يا دولة”. ويؤكد نائب عكار جيمي جبور ل tayyar.org في هذا الإطار أنه باشر بالاتصالات مع المعنيين مطالباً بضبط الحدود وبترحيل الداخلين خلسة وفقاً لما نص عليه قرار المجلس الأعلى للدفاع في 24/04/2019، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستحدّد إطار التحرّك لمواجهة هذه الموجة.
في الوقت عينه تشكو فعاليات في المنطقة من تساهل القضاء بإطلاق المهربين الذين يتم توقيفهم من قبل الأجهزة الأمنية أو حتى تراخي بعض الأجهزة مع عدد من الداخلين خلسة، في حين أن واقع الأرقام والأرض يبيّنان أن لبنان مقبل على مرحلة لا تقلُّ خطورة عن تلك التي سبقت فيما خصّ النزوح وهي لا تحتمل التراخي مع أي ظاهرة.
المصدر: لارا الهاشم