هل سيخرج الغاز أم سيغور؟

صدى وادي التيم-لبنانيات/

لقد كان المشهد جميلاً اليوم رؤية الرؤساء والوزراء يركبون البوسطة البحرية في زيارة للحفارة التي ستبدأ التنقيب عن الغاز في ٢٤ آب ٢٠٢٣. وكانت قلوبنا تخفق لهذه الرحلة وترتجف مع كل فرسخ بحري يقربهم من حقل قانا.

طبعا لم ترتجف قلوبنا خوفاً على ركاب البوسطة البحرية من الغرق، لأنهم أبديون إلى آخر دقيقة من عمر لبنان، ولأنهم لا شك قد أخذوا كل احتياطاتهم التي تضمن لهم طول العمر واستمرارية تصريف الأعمال العصية على التصريف، واصطحبوا معهم سترات النجاة، وحتماً هم “لزقة فرنجية” لا يمكن نزعها من ظهورنا إلا بأمر من رب العالمين. ولكن خوفنا هو على الحفارة من الحسد، وعلى البئر من الجفاف، وعلى الغاز من التبخر، وعلى الثروة من الاضمحلال فلا يصل منها شيء إلينا ولا إلى صناديق السيادة، إلا الفتاة.
لقد قلت صناديق السيادة بالجمع لأنها ستصبح هكذا بعد أن يتم تقاسمها وتحاصصها كالجبنة التي نعرف كلنا قصتها.

وخوفنا أيضاً أن متبوِّئي الكراسي في دولتنا سيستمرون من الآن فصاعداً في الذهاب والإياب إلى الحفارة، “وفد رايح ووفد جايي”، ليتبركوا بها ويتصوروا معها وليقولوا للشعب اللبناني أنهم كلهم كلهم كلهم أصحاب فضل في استخراج الغاز… ولكن طبعاً لن يكون بينهم لجنة خبراء تدقق في عمليات الحفر بكل نزاهة ليمنعوا أي احتيال من شركة توتال.
وبالتأكيد لا تستغربوا أن تتحول الحفارة إلى صالون استقبال وحركة بروتوكولات وقهوة مرة وحفلات سيران وولائم على متن السفينة.
لا تلوموني أني أنفخ على اللبن، لأنه قد كوانا جميعاً عندما كان حليباً، وما زالت حروقنا منه تلتهب ولم تنفع معها كل الوصفات لأنها كلها وصفات غشٍ وخداع. فهل يا ترى سيُستخرج الغاز ويصل إلى الخزينة غير مسروق، أم أنه سيتم تحويل قسم منه إلى البنوك الأوروبية والقسم الآخر سيغور في الأرض تحت البحر؟
اللهم احمِ الغاز من الزوار والتجار والسماسرة ومن مئات الشركات التي تم تأسيسها من فلان وفلان وفلان ومن أولادهم وأحفادهم وأفراد عوائلهم والمحسوبين والمعصومين والمتربعين والمتصدرين والراكبين على أكتاف العالمين.

بقلم علي خيرالله شريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى