نفق الناقورة لنا… نفق الناقورة أرض لبنانيّة محتلّة
صدى وادي التيم-امن وقضاء/
” تكشف وثيقة جديدة حصلت عليها «الأخبار» الإحداثيات الخاصة بنفق الناقورة، وتُظهر وقوعه داخل الأراضي اللبنانية بشكل كامل، فيما تبيّن لائحة النقاط الـ13 المتحفّظ عليها من قبل لبنان خلوّها من «نقطة النفق»، ما يستوجب إضافته إلى اللائحة، خصوصاً أن التاريخ، منذ أن تمّ تسطير أول اتفاقية للحدود بين لبنان وفلسطين، يكشف «ضياع» مئات الكيلومترات… لم يكن وراءها مُطالِب.
قبل مئة عام، في آذار 1923، رُسّمت الحدود بين لبنان وفلسطين انطلاقاً من بنود اتفاقية «بوليه – نيوكمب» بموجب اتفاق لـ«ترسيم الحدود في المشرق» بين فرنسا وبريطانيا بصفتهما دولتَي الانتداب آنذاك. ومنذ أن تمّ تسجيلها في عصبة الأمم المتحدة (الاسم السابق للأمم المتحدة) أصبحت «الحدود المعترف بها دولياً»، وصار ما أُدخل عليها لاحقاً من تعديلات ينطلق من أساس حدود «بوليه – نيوكمب»، التي كانت عبارة عن 38 نقطة حدودية تمتد من رأس الناقورة حتى جنوب شرق المطلة.
أول التعديلات على الحدود حصل بعد نكبة عام 1948، إذ نفّذت لجنة الهدنة المشتركة برئاسة الأمم المتّحدة الترسيم الثاني للحدود اللبنانية – الفلسطينية، نتج عن ذلك خط الحدود عام 1949 المؤلّف من 143 نقطة حدودية، هي عبارة عن الـ38 نقطة السابقة مع نقاط فرعية مساعدة، أصبحت عبارة عن الخط الرسمي للحدود المعترف بها. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، حدّدت الأمم المتحدة ما عُرف بـ«الخطّ الأزرق» الذي تقع فلسطين المحتلة إلى جنوبه ولبنان إلى شماله، بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي. وتم تحديد هذا الخطّ الوهمي على أساس حدود عام 1949، لكنّ لبنان الرسمي تحفّظ على 13 نقطة في مساره لمخالفتها تلك الحدود.
بعد عدوان تموز 2006، لجأت الأمم المتحدة إلى «تعليم» الخط الأزرق بواسطة «البراميل الزرقاء» المنتشرة على الحدود اللبنانية – الفلسطينية للفصل بين القوى المتحاربة. هنا، يبرز التساؤل عمّا إذا كانت عملية «تعليم» الخط الأزرق التي أُنجزت عام 2007، مطابقة للخطّ الأزرق الوهمي الذي يتحفّظ لبنان على 13 نقطة في مساره، وما إذا كانت أي عملية تدقيق لإحداثيات «البراميل الزرقاء» قد تنتج عنها نقاط تحفّظ إضافية، وهي عملية لم تقم بها أي جهة لبنانية رسمية بعد.
وقد برز معطى جديد لم يكن مُدرجاً ضمن نقاط التحفّظ، وهي جميعها تعديات إسرائيلية فوق الأرض، هو الجزء اللبناني من نفق السكةِ الحديدِ في منطقة رأس الناقورة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، إذ يقع النفق على ساحل الناقورة تحت الطريق العام، قرب نقطة (B1) التي يمكن اعتبارها بداية الخط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة. وتكشف خريطة مساحة حصلت عليها «الأخبار»، وتبيّن حدود وإحداثيات الجزء اللبناني من النفق ونقاط بدايته ونهايته، أن كامل النفق يقع ضمن الأملاك التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل، وبالتالي أملاك الدولة اللبنانية.
وتشير الإحداثيات إلى أن النفق يقع داخل الأراضي اللبنانية بين النقطتين (B1) و(BP1) بطول نحو 60 متراً، ويبعد عن (B1) نحو 21 متراً. ويقع «السياج التقني» الذي نصبته قوات الاحتلال الإسرائيلية على ظهر تلة رأس الناقورة التي يمر من تحتها النفق، بما يتجاوز «الخط الأزرق» باتجاه الشمال، ما يعني عملياً أن السياج أصبح داخل الأراضي اللبنانية. كما بنى الاحتلال جداراً إسمنتياً على المدخل الشمالي للنفق وصار يسيطر على كامل النفق بما فيه القسم اللبناني. أما المساحة الممتدّة من «السياج التقني» إلى الحدود جنوباً من ضمن النفق (25 متراً) فهي أراضٍ لبنانية تحت سيطرة الاحتلال، بما فيها الأملاك المجاورة التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية، فيما يُمنع على اللبنانيين الدخول إلى المساحة الممتدّة من مدخل النفق جنوباً باتجاه «السياج التقني» بمساحة نحو 35 متراً.
يقع النفق داخل الأراضي اللبنانية بين النقطتين (B1) و(BP1) بطول نحو 60 متراً ويبعد عن (B1) نحو 21 متراً
وكان وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية قد لفت في 16 تموز 2022، إلى نفق سكة القطار الذي يربط لبنان بفلسطين المحتلة، والذي أنشئ بإشراف الجيش الإنكليزي في أربعينيات القرن الماضي.
ويؤكد حمية أن «النفق ملك لوزارة الأشغال والنقل، وهو حق سيادي، واستعادته حق مشروع للبنان»، وشدّد على ضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لـ«الخط الأزرق» قرب النفق، معتبراً أن ما أقدم عليه العدو الإسرائيلي من أعمال تشييد للسياج أو إقفال للنفق من الجهة اللبنانية «يشكل اعتداء مستمراً على السيادة اللبنانية، وعدواناً موصوفاً واحتلالاً لأراضٍ لبنانية بما يخالف أحكام القانون الدولي».
المطالبة باعتبار التعدي الحاصل على الجزء اللبناني من النفق بمثابة احتلال لأراضٍ لبنانية يستوجب العمل على استعادتها، بدءاً بهدم الحائط الإسمنتي الذي شيّده الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية شمال «الخط الأزرق»، كخطوة عملانية أولى، وهي خطوة يطلبها الجيش اللبناني خلال الاجتماعات الثلاثية في الناقورة وفي الاجتماعات التنسيقية مع قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفل»، وتطالب بها وزارة الأشغال العامة والنقل باعتبار أن الانتهاكات الإسرائيلية تطاول أملاكاً لها.