“الشتاء قد يحمل ما لا يتحمّله”… لبنان يشهد تغيّراً مناخياً خطيراً
صدى وادي التيم – متفرقات /
موجات حرّ متتالية وشديدة يشهدها لبنان ومنطقة الشرق الأوسط هذا الصيف، وإنذارات التغيّر المناخي بدأت تدق ناقوس الخطر.
ففي لبنان لم يقتصر شهر آب على اللهيب فحسب، بل كان رطبا جدا، وممطرا في بعض المناطق، في ظاهرة ليست معهودة كثيرا في هذا الشهر.، فهل هذا من مؤشرات التغيّر المناخي؟
ما هو تغيّر المناخ، وما تداعياته؟
تعرّف الأمم المتحدة تغيّر المناخ بأنّه التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، والتي يمكن أن تكون طبيعية، بسبب التغيّرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، إلّا أنّه منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لهذا التغيّر، وسببه الأساسي هو حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز.
وبحسب المنظمة الأممية، ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء يلف الأرض، ما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة، وتشمل غازات الدفيئة الرئيسية التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان، وتشرح المنظمة بأنّ تغيّر المناخ يسبّب الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الشديدة، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي، ويمكن أن يؤثر على صحتنا وقدرتنا على زراعة الغذاء والسكن والسلامة والعمل.
يشير رئيس حزب البيئة العالمي الدكتور ضومط كامل لـ”الديار” إلى أنّنا نشهد في لبنان وشرق المتوسط والعالم طقسا غير عادي بالمطلق، فالتغير المناخي والاحترار والقبة الحارة أمور لم نكن نراها في السابق وقد وصلنا إليها اليوم، وأصبحت تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على التنوع البيولوجي والحياة البيئية على سطح الكوكب، وشرح أنّ الإضطرابات المناخية أو التغير المناخي تتفاقم كثيرا في منطقة شرق المتوسط منذ العام 2000، ولبنان من البلدان التي تشهد تغيّرا خطيرا جدا، بدليل ما رأيناه في الحرارات الماضية والحالية صيفا، خاصة ما بين شهري آب وتموز الذي سجّل عالميا أعلى درجة حرارة بتاريخ الكوكب، ما يعني أنّنا ذاهبون الى محطات خطيرة وصعبة جدا على الحياة البيئية.
ما سبب إضطراب المناخ؟
يشرح كامل أنّ التلوث البيئي هو أخطر ما يعيشه الكوكب اليوم، وهو المسؤول عن كل المشاكل التي تحدث على سطحه، بخاصة التغيرات الخطيرة في المناخ، وهو موضوع نعيشه بظروف صعبة جدا ويؤثر على كل أنواع التغيرات الحاصلة، ولبنان يشهد حرائق غابات وحرارة مرتفعة وتلوث طبيعي مائي وجوي بشكل خطير جدا، كما أنّ أكثر ما يشهده العالم هذا العام هو الحرائق التي وصلت إلى مرحلة الترميد الكلّي، بحيث تصبح الغابة كلّها رمادا بشكل سريع جدا وكامل، لا جذوع ولا أغصان، كما حصل في اليونان وأميركا حيث كانت الحرائق مبيدة بشكل كامل وهذا أمر خطير جدا، لافتا إلى أنّ التغير المناخي أو الإحتباس الحراري ومشتقاته سيكون خطيرا جدا في المستقبل وتختلف نتائجه عن اليوم كليا وستؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على كل الكائنات الحية الموجودة، على الإنسان والحيوان والنباتات.
ما استراتيجيات التعامل مع التغيّر المناخي؟
يلفت كامل إلى أنّنا كدولة لبنانية –حتى اليوم- ليس لدينا خطط واستراتيجية مواجهة، فالغابات كلّها مهددة بالحرائق، ومثلها المناطق العشوائية التي تتضمن الأزهار والنباتات، كذلك المزروعات مهددة بعدم امكانية ريّها كما يلزم، إذ يمكن أن لا تتوفر المتساقطات بالشكل المطلوب، مطالبا باستراتيجية بيئية للبلد على المستوى المطلوب بإدارة عالم بيئي، وذلك لوضع خطط واستراتيجية المواجهة المطلوبة، لافتا إلى أنّه منذ اليوم لغابة نهاية شهر تشرين الثاني، المنطقة مهددة بحرائق بشكل كبير جدا، موصيا المواطنين من أجل حماية هذه المناطق بما يلي:
1- عدم رمي أعقاب السجائر المشتعلة في الأحراج أو جوانب الطرقات أو من السيارات.
2- عدم اشعال النيران من أجل الشواء أو الأركيلة في الغابات.
3- عدم رمي الفحم المشتعل ومشتقاته.
4- عدم الطهي في الغابة وترك النيران مشتعلة.
5- عدم استعمال المفرقعات النارية في الإحتفالات والأعياد فهي خطيرة جدا وتسبب حرائق في عدة أماكن.
خلاصة القول.. لحسن الحظ لم نفقد السيطرة بعد، إذ لا يزال بإمكان دول العالم إنقاذ كوكبها عبر خفض الانبعاثات كخطوة أساسية وأوليّة تتزامن مع الإقتصاد الأخضر وطاقته المتجددة وإجراءات أخرى، لكن المشكلة ليست في توّفر الحلول، بل في توفر إرادة لدول الكبرى لتنفيذها، خاصة أن عملية مكافحة التغير المناخي تتطلب تمويلا ضخما، فيما يعيش العالم اليوم أزمة اقتصادية خانقة.
أما لبنان فإلى جانب مناخه الملوث سياسيا، إقتصاديا، إجتماعيا، تربويا، صحيا وبيئيا، فقد خسر اعتداله المناخي، ومواطنوه يمضون اليوم صيفا صعبا ويتوجسون من شتاء قد يحمل إليهم ما قد لا يتحملوه!
يمنى المقداد- الديار