غزو المنتوجات غير اللبنانيّة الاسواق… والمزارع يناشد الدولة
صدى وادي التيم – إقتصاد /
عند كل استحقاق زراعي، وفي ذروة موسم الحصاد وجنى تعب المزارعين، تتفاقم الازمات الزراعية أزمة تلو أزمة، وموسما تلو موسم، وفي وقت جنى فيه مزارعو البقاع حصاد موسم البطاطا بانتظار تصريفه في السوق المحلي، وانتظار الفرج الخارجي الذي لا يزال تحقيقه بعيد المنال، عادت أزمة التهريب غير الشرعي والتهريب الذي يتم عبر معابر شرعية بطرق مختلفة وعلى عين المسؤولين، ليفاقم الازمات الزراعية التي تعصف بالمزارع اللبناني، خصوصا العشرات من مزارعي سهل البقاع.
ففي موسم جنى الثمار، يفاحأ المزارع اللبناني بغزو المنتوجات غير اللبنانية الاسواق اللبنانية عبر الحدود السورية ومن الداخل السوري، بكميات كبيرة تؤثر بشكل سلبي على تصريف المنتج اللبناني، خصوصا وان باب التصدير مغلق واجازات عمليات التصدير دونها عقبات وصعوبات جمة، في وقت يقع فيها المزارع فريسة اتفاقيات تجارية قديمة لطالما ظلمته، وهي نتاج حقبة وقعها وزراء ومسؤولون لم يقاربوا الشأن الاقتصادي والزراعي والصناعي بموضوعية وربما بغباء ورشاوى.
نائب رئيس الاتحاد العام للنقابات الزراعية رئيس نقابة مزارعي القمح في لبنان نجيب فارس طالب الحكومة اللبنانية عبر وزاراتها المعنية بمعالجة قضية مزارعي البطاطا، خصوصا لجهة تأمين فتح الاسواق الخارجية لتصريف الانتاج وعدم تكديس البطاطا في المستودعات، ووضع حد لفلتان الحدود حيث عمليات دخول البطاطا والبصل وغيرها من المنتوجات الزراعية الى لبنان ناشطة بطرق غير شرعية، وبغير وجه حق، حيث ان كلفة انتاجها اقل، الامر الذي يوقعنا في خسائر اضافية لعدم قدرتنا على منافستها في السعر بينما نستطيع بكل ثقة منافستها في الجودة والتوعية.
وكشف فارس ان عمليات التهريب تتم بال “فريش دولار”، الامر الذي يؤدي الى خسارة لبنان للعملة الصعبة التي تسحب من التجار والباعة لصالح من يهرب تلك المنتوجات من سوريا، وهو يعاكس الدورة الإقتصادية الطبيعية التي من شأنها ان تدخل “الفريش دولار” الى السوق اللبنانية لو فتح باب التصدير ونمت حماية السوق المحلي من الغزو الزراعي”، لافتا الى ان “اسعار البطاطا والبصل والبندورة وبعض أصناف الخضار باتت زهيدة بسبب غزو المنتوجات عبر الحدود، ونحن ننتظر موقفا واضحا من وزير الزراعة ووزير الاقتصاد والجمارك اللبنانية وكل الاجهزة المختصة”.
وشدد فارس على “تأمين المناخات السياسية والإقتصادية التي من شأنها تسهيل الدورة الزراعية وفتح الطرق البرية بأقل كلفة على المزارع”، مركزا على “اهمية تعديل الاتفاقيات بين لبنان ودول الخارج لاننا في وضع استثنائي، حيث دخلت البطاطا الاجنبية في عز موسم البطاطا العكارية، فمني مزارعو عكار بخسائر لا تعوض”، داعيا الى “إيلاء هذه القضية الزراعية التي يعتاش منها الآلاف الاهتمام السريع والتحرك الفوري للحد من الخسائر ووقف انهيار هذا القطاع الزراعي الحيوي والأساسي في حياة اللبنانيين”.
وحذر فارس من “عملية تهجير المزارعين من البقاع الى المدن وترك العمل الزراعي، الامر الذي سيؤدي حتما الى خلل كبير في الاقتصاد الوطني”، داعيا الى ان “تتحمل الحكومة والوزارات المعنية مسؤولياتها وتبادر الى دعم القطاع الزراعي، لا سيما القمح والبطاطا”، واضعا “ما يحصل من وعود مؤجلة في إطار سياسية التهجير التي سيكون لها انعكاسات سلبية على معظم اللبنانيين، لان البطاطا مادة اساسية في غذاء اللبنانيين، وما يحصل سيؤدي لاحقا الى تراجع كبير في نسبة الاراضي المزروعة بالبطاطا، الامر الذي سينعكس على سعرها داخليا، بينما اذا صدرنا قسما من الانتاج نستطيع ان نصمد ونقاوم التحديات التي تواجهها، لان كل مدفوعاتنا fresh dollars من المحروقات والري ،الى البذار والاسمدة والحراثة وأجور عمال وغير ذلك”.
ووجه فارس نداء باسم مزارعي البطاطا وغيرها من المنتجات الزراعية، الى المملكة العربية السعودية وولي العهد الامير محمد بن سلمان والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، من اجل “انقاذ الموسم وفتح باب التصدير عبر البر والبحر من اجل استمرار العمل في الزراعة، لان ثمة كلفة كبيرة يدفعها المزارع بالدولار، والتي لا يعوضها الا التصدير”.
وتحدث فارس عن جودة البطاطا اللبنانية، “خصوصا في سهل لوسي، حيث نروي المزروعات بمياه الآبار الارتوازية الصالحة ليس فقط للري بل للشرب ايضا، ونتيجة تسميد الارض بسماد عضوي بشكل اساسي، وهي مقاومة للامراض الفطرية الموجودة في التربة، وتتحمل السفر الطويل ومميزة في القلي مثل انواع الاغريا، صبابة، سبونتا ، فريدة ، ومن اهم شركات البذور في هولندا”.
وشدد المهندس الزراعي فريد العموري على “اهمية تعزيز القطاع الزراعي من خلال وضع خريطة طريق زراعية تحاكي الواقع الصناعي وتكون قادرة على ايجاد حلول مستدامة، وليست ترقيعية، كما يحدث عند الازمات، لان قطاع الزراعة مرتبط بالأمن الغذائي وبحياة الناس”، داعيا الى “الاسراع في فتح قنوات الحوار الجدي لفتح الاسواق الخارجية ووضع حد للتجارة غير الشرعية، التي تستنزف الدولة وترهق المزارعين اللبنانيين”، لافتا الى ان “الزراعة كما الصناعة، تدخل العملة الصعبة الى لبنان وتساعد في ايجاد حلول للأزمة الاقتصادية، ولا بجوز تحت اي ظرف من الظروف ضرب القطاع الزراعي وتعويم السوق ببضاعة غير لبنانية في ذروة الموسم اللبناني”.
وتحدث احد وكلاء ورش البطاطا في مؤسسة “الدنف” ان “ما يحصل كارثي على المزارعين، لا سيما في ظل هذه الازمة الإقتصادية وارتفاع سعر الصرف والتلاعب بالدولار اضافة الى الغلاء في كل مستلزمات الزراعة”، مناشدا الدولة والوزارات المعنية المختصة “مساعدة المزارعين وحمايتهم والتفتيش عن أسواق تصريف جديدة”.