الحرب النفسية بين “وحدة شمشون” و “وحدة الرض _وان”
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
أمس بدا من خلال التطورات في تل أبيب وفي حارة حريك، أن كلاً من إسرائيل وحزب الله يستعدان لبدء منازلة عسكرية.
.. وعلى الجانب الإسرائيلي حدثت أمس التطورات التالية:
– اجتمع نتنياهو مع وزير دفاعه ومع مسؤولين في الجيش الإسرائيلي لبحث الوضع على الجبهة الشمالية مع لبنان، وبمواجهة حزب الله ولوضع إجراء عملي لإزالة خيمة حزب الله التي تقول إسرائيل أن الحزب نصبها داخل “الأراضي الإسرائيلية”.
– وبحسب معلومات الصحافة العبرية فإن الجيش الإسرائيلي كان اقترح عدة سيناريوهات للتصعيد بوجه نصب حزب الله الخيمة في الجنوب، وبوجه ما بات يعرف داخل الجيش الإسرائيلي بمصطلح “تجرأ نصر الله على هيبة الردع الإسرائيلية”؛ ولكن المستوى السياسي في إسرائيل كان اختار آنذاك التعاطي بشكل دبلوماسي مع هدف إزالة خيمة الحزب.. غير أنه في وزارة الدفاع الإسرائيلية يقولون الآن أن المسار الدبلوماسي فشل؛ ما حتم عودة الحكومة للموافقة على السيناريوهات التي قدمها الجيش لحل موضوع الخيمة.
– .. وبحسب المعلومات التي سربتها أمس وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن وزير الدفاع يواف غالانت صادق أمس على خطة عملياتية للجيش الاسرائيلي، يتم اعتمادها في حال تدهورت الأوضاع الأمنية على الحدود الشمالية مع لبنان.
ووفق قراءة لكل ما كتبته وسائل الإعلام العبرية أمس عن موضوع اجتماع المستوى السياسي والعسكري الاسرائيليين، وقرارات اعتماد خطة عسكرية من عدة سيناريوهات لإزالة خيمة حزب الله؛ تتضح الملاحظات الأساسية التالية:
الملاحظة الأولى تتعلق بالخطة التي صادق عليها غالانت أمس؛ حيث أنها تتكون من عدة سيناريوهات أو خيارات؛ ولكن وزارة الدفاع لم تسرب للإعلام من كل هذه الخيارات والسيناريوهات إلا سيناريو واحداً، وهو خيار فتح حرب عسكرية لعدة أيام مع حزب الله؛ وأيضاً احتمال التعامل مع حرب إقليمية!!.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو لماذا لم تسرب تل أبيب السيناريوهات الأخرى الموضوعة في الخطة التي صادق عليها غالانت(؟؟).. وأيضاً ما هي هذه السيناريوهات الأخرى(؟؟)؛ هل كلها عسكرية، وهل هي سيناريوهات دفاعية بمعنى أنها احترازية(؟؟) .. وهل هناك بينها سيناريوهات استخباراتية أمنية(؟؟).. وهل أيضاً هناك بينها سيناريوهات مركبة عسكرية – سياسية(؟؟).
والواقع أن هذا السؤال الذي لا جواب عليه، يقود إلى استنتاج يفيد بأن ما سربه الإعلام الإسرائيلي عن غالانت بخصوص توقيعه على خطة للجيش في الشمال، لا يخرج عن كونه نوع من الحرب النفسية الإسرائيلية للضغط على حزب الله لجعله بشكل أساس – وقبل موضوع الخيمة – يحد من أنشطة التنسيق القائمة بينه وبين حماس؛ وللضغط على مجلس الأمن كي يقرر أمور تريد تل أبيب إدخالها على مشروع تمديد تفويضه لعمل اليونيفيل في جنوب لبنان.
الملاحظة الثانية تتمثل في أن الخطة التي وافق عليها غالانت أمس، ليست هجومية كما حاولت تسريبات وزارة الدفاع للإعلام الإسرائيلي أن توحي أمس؛ بل هي خطة تتضمن بالأساس “إجراءات احترازية” أو “دفاعية” (إن جاز استخدام هذا التعبير ).. والدليل على ذلك هو القسم المعلن من تطبيقات هذه الاجراءات الذي نفذته إسرائيل خلال الساعات الأخيرة؛ أي بعد توقيع غالانت على خطة الجيش؛ وكان أبرز هذه الإجراءات التطبيقية قيام قائد الجبهة الشمالية بتصدير أوامر “لوحدة شمشون” للانتشار على الحدود الفلسطينية المحتلة مع لبنان.
وتظهر القراءة العسكرية لمعنى نشر وحدة شمشون، أن إسرائيل تريد تنفيذ إجراءات عسكرية احترازية تتناسب مع إقدام حزب الله مؤخراً على نشر “وحدة الرضوان” على الحدود مع فلسطين المحتلة. ف “وحدة شمشون” تماثل “وحدة الرضوان” لجهة أنها تعتبر “قوة نخبة”؛ و”وحدة شمشون” عند اسرائيل تمتاز أيضاً – كوحدة الرضوان عند الحزب – بأنها قادرة على الاستجابة بسرعة لأي نوع من المخاطر التي تتعرض لها إسرائيل، بما في ذلك التعرض لهجوم مفاجئ، بينما وحدات الجيش الإسرائيلي الأخرى تحتاج لساعات حتى تصبح جاهزة للاستجابة لأي تحديات أمنية وعسكرية طارئة..
أضف إلى ذلك، أنه بعد توقيع غالانت على خطة الجيش حول الجبهة الشمالية؛ تم رصد “نشاط تجسسي واستطلاعي إسرائيلي استراتيجي” على طول الحدود مع لبنان؛ كما تم بالمقابل توقف القيمون على الرصد الاستخباراتي في إسرائيل – ودائماً كما جاء في الإعلام العبري – عند واقعة أن حزب الله حاول أن يستغل استرخاء إسرائيل في يوم السبت، فقام بتحركات مهمة على مستوى تموضع قواته على الطرف المقابل للحدود الشمالية (!!).
والواقع أن كل ما قامت به إسرائيل من إجراءات عسكرية واستخباراتية فعلية في الفترة التي تلت توقيع غالانت على خطة الجيش، تشي بأن المستوى السياسي الإسرائيلي لا يزال عند نقطة عدم الدخول بحرب عسكرية مباشرة صغيرة أو كبيرة في لبنان؛ وأن أولوياته في هذه المرحلة هو أولاً التأثير على جلسة مجلس الأمن بشأن التجديد لليونيفيل؛ وثانياً لفت النظر إلى التنسيق القائم بين حزب الله وحماس على المستوى العسكري؛ وثالثاً توجيه الانتباه إلى أن الجيش في إسرائيل بدأ ينفذ صبره من “تمادي نصر الله بالتجرأ على منظومة الردع الإسرائيلية”.
ويبقى في هذا المجال استنتاج أخير يتعلق بأسلوب نتنياهو في العمل العسكري؛ فالأخير لا يميل لخوض حروب عسكرية تقليدية؛ بل يؤمن بتحقيق الأهداف الإستراتيجية عن طريق توجيه ضربات أمنية استخباراتية نوعية ومتتابعة؛ ومشهود عن الحلقة المحيطة به قولها أن اغتيال قاسم سليماني كان له نتيجة تساوي نتائج عشر حروب كبرى.. وعليه، فإنه أغلب الظن أن الخطة التي وقعها غالانت أمس للتعاطي مع لبنان وحزب الله؛ تتكون بالأساس من حزمة إجراءات أمنية كتصفيات لرموز معينة، وخلق اختراقات مؤذية للحزب.. وفي هذا المجال يجب التوقف ملياً عند معنى توقيت الهجوم الإرهابي على منطقة السيدة زينب الذي حصل في دمشق أول أمس!!.
المصدر: الهديل