قلعةُ الشقيف ..المعلمُ التاريخي والثقافي وقاهرة الأعداء ..تشكو إهمال الدولة
تعتبر قلعة الشقيف أميرة التل وحارسة الليطاني على مرِّ العهود والعصور وضعتها وزارة السياحة على الخارطة السياحية ولكن دون المستوى المطلوب فهي لم تقم بوضع أدلاء سياحيين لإرشاد السواح إلى طوابقها ومغاورها بل بقي الموضوع خاضعًا لمبادرات فردية في هذا الإطار ، كما إنها لم تضع مخفرا لقوى الامن الداخلي للقلعة.
ولعبت القلعة دورًا مقاومًا بطوليًّا في التصدي للغزو الإسرائيلي في حزيران من العام 1982 واستبسل المدافعون عنها من القوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية ولم تسقط القلعة بأيدي الاحتلال من اليوم الأول بل حاصرها العدو ونفذ عمليات إنزال من محيطها وبالطيران المعادي إلى أن تمكن من السيطرة عليها رغم المواجهة الشرسة مع المدافعين عنها وبعد سيطرته عليها زارها رئيس وزراء العدو مناحين بيغن ووزير الدفاع الصهيوني آرائيل شارون واعد التلفزيون الإسرائيلي تقريرًا عنها اعترف فيه المحتلون بصعوبة احتلالها ولكن بعد 3 أيام على الغزو ، وكانت عرضة قبل الاجتياح الصهيوني لغارات بالطيران الحربي المعادي لا تعدُّ ولا تحصى .
أشرقت شمس الحرية على الجنوب في 24 أيار بالانسحاب الإسرائيلي منها وتوجد اليوم لوحة رخامية تؤرخ هذا الانسحاب لكن العدو دمر أجزاء منها قبل انسحابه ، حيث تولى الصندوق الكويتي للتنمية العربية إعادة ترميم القلعة وإحضار حجارة شبيهة لحجارتها لكي لا تفقد شيئا من ألقها التاريخي والعمراني والقلعة التي ترتفع 700 متر عن سطح البحر.
تمتاز القلعة بموقع مميز على قمة جبلية تطل على المنطقة بكاملها وعلى مجرى نهر الليطاني، حيث الطرقات التي تربط الساحل الجنوبي بالبقاع ودمشق. كما وتُشرف القلعة من جهة الغرب على الساحل، وعدد من القرى والبلدات اللبنانية المحيطة، أما من الشرق فيطالعك مشهد مذهل للوادي حيث مجرى النهر، وجبل الشيخ الشامخ وسلسلة جبال لبنان الشرقية. وإذا كانت السماء صافية، ستتسنى لك رؤية الجولان السوري المحتل وقرى الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة ووادي الأردن وغيرها من المواقع.
يختلف المؤرخون حول تاريخ بناء القلعة، يرجّح البعض أنها بنيت في الفترة الصليبية أي في القرن الثاني عشر الميلادي، فيما يذكر البعض الآخر أنّ القلعة بنيت في عهد الرومان أو البيزنطيين، ولقد استخدمها العرب قبل أن يدخلها الصليبيون الذين قاموا بدورهم بزيادة البناء وعملوا على تحصينها وتدعيمها حتى أصبح الحصن الأهم بين القلاع التي بنوها في لبنان. وهناك بعض النظريات التي تعتبر أن القلعة قد بُنيت على أنقاض مبنى فينيقي قديم.
قلعة الشقيف هي المعلم الاثري والسياحي والثقافي الوحيد لمنطقة النبطية وهي مغيبة عن اهتمامات وزارة السياحة وغير مدرجة على الخارطة السياحية بشكل جدي حتى أن ليس هناك أي منشورترويجيّ لها في الداخل والخارج ويرتادها أسبوعيًّا ألف شخص بينهم زوار أجانب وعرب ولبنانيون من طلاب المدارس للتعرف على قيمتها الأثرية والسياحية وكل ما هو متوفر عنها من المعلومات الموجودة في كتب التاريخ والتي تحتاج إلى عملية إغناء لترميمها بالكامل من قبل دولة الكويت التي استقدمت حجارة تشبه حجارتها التي تدحرجت بفعل القصف والغارات الاسرائيلية عليها وعملية تفجيرها قبل الانسحاب الاسرائيلي منها فجر 24 ايار 2000 .
القلعة الموغلة في التاريخ والتي نالت نصيبها الوافر من الهمجية الاسرائيلية تولى الصندوق الكويتي ترميم المرحلتين الأولى والثانية وتحتاج عملية استكمال ترميمها إلى المرحلة الثالثة عندما تتوفر الارادة والتمويل ،وشهدت الباحة المحيطة بها بعد التحرير للجنوب مهرجانًا فنيًّا عربيًّا ودوليًّا لمغنين عرب ودوليين ومهرجانات فلكلورية لبنانية وفلسطينية.
زيارة يتيمة لوزير السياحة الأسبق السياحة افيديس كيدانيان زار القلعة ووعد بإدراجها على الخريطة السياحية اللبنانية لكن شيئًا لم يتحقق وهو وعد حين زيارته لها بخطة لقلعة الشقيف ووضعها على الخارطة السياحية والترويج لها في الخارج لأنها تجذب السياح وترفد الاقتصاد ، و أكد خلال جولته في القلعة أنَّ هذه الزيارة للقلعة جعلتني أفكر جديًّا لوضع خريطة طريق للعمل السياحي وهذه القلعة سنضعها على المواقع التي سوف نروج لها في العالم لنقول إنه لدينا تاريخ ومعالم من الممكن أن تجذب السواح والناس التي تهتم بهذه المعالم في العالم ، وثانيا لنهتم مباشرة مع وزارة الثقافة بعد استكمال الترميم لخلق إمكانية معرفة كل التفاصيل المتعلقة بهذا المكان المهم الذي يجب أن ننمي معرفة العالم به وبهذا الموقع.
بدوره اعتبر المدير العام لملتقى الفينيق العربي حسن حمدان للافضل أنه ليس جديدًا على قلعة الشقيف استضافة مهرجانات وطنية فهي كانت استقبلت مهرجانات فنية وثورية تحاكي نبض المقاومة وانطلاقتها، وحكاية المهرجانات على أرض القلعة تعيد البريق السياحي لها ويجمع على أرضها نخبة كبيرة من الفنانيين اللبنانيين والعرب والاجانب ما يجعلها بوابة السياحة لمنطقة النبطية مع بداية الموسم السياحي الذي نعلق آمالا عليه في تنمية الثروة السياحية وهو ما نطالب به وزارة السياحة جعله من أولوياتها الأولى.
وقال رئيس بلدية أرنون فواز قاطبي للأفضل نيوز إنه عقب تحرير الجنوب في أيار 2000 غنت الفنانة الكبيرة جوليا بطرس على أرض أرنون الشقيف وجمعت بحضورها المتميز الراقي والوطني والابداعي كل السياسيين للتأكيد على انه من أرنون والقلعة انطلقت شرارة التحرير عندما تشابكت أيدي الشباب اللبناني وأزالوا الأسلاك الإسرائيلية من محيط البلدة ليبدأ عرس تحرير الجنوب وإشراقة فجر الوطن في 25 أيار 2000 ، ونعول أهمية كبيرة على التنمية السياحية لمهرجانات قلعة الشقيف ونرى فيها ركيزة من ركائز النهوض بهذا المعلم السياحي لوضعه على خريطة وزارة السياحة والاهتمام به ونطالب باقامة مخفر درك على مدخل القلعة بشكل دائم وأن يواكب وجود للشرطة السياحية لارشاد الزوار إلى معالم ومغاور القلعة وكنوزها وآثارها.
علي حمدان – الأفضل نيوز