“الجنس والتسوّل”.. مافيات الإبتزاز الإلكتروني إلى مخيمات النزوح درّ!

صدى وادي التيم-من وسائل التواصل الاجتماعي/

في جولة على بعض مواقع التّواصل الإجتماعيّ في لبنان تشعرُ وكأنّك بعالمٍ انعدمت فيه الإنسانية، فلا احترام، ولا اعتبارات لأي كرامات..

هكذا باتت هذه الصفحات التي طوّرت في السوق مهنة التسوّل أو ما يعرف بـ” الشحاذة”، لتترقى بتقنياتها وتصبح “شحاذة إلكترونية بامتياز”، تديرها مجموعات متخصصة، تستقطب من خلالها العائلات السورية التي تعاني ظروفًا اقتصادية صعبة، وتستدرجها لتبيع كرامتها عبر التسوّل بطرقٍ مقزّزة لا تمت للإنسانية بصلة..

فعن أي عالمٍ إلكتروني لبنانيّ نتكلم؟

عصابات منظّمة للـ “Easy Money

“مجبرون، ومكرهون فقط لتأمين لقمة عيش أطفالنا..”، بهذه الكلمات تعبّر كريمة (إسم مستعار) وهي لاجئة سورية تعيش في أحد المخيمات في لبنان خلال حديثٍ لها مع “ليبانون فايلز” عن عملية الإستغلال التي تتعرّض لها من قبل شخصٍ يديرُ حسب تعبيرها عشرات الحسابات لعشرات العائلات السّوريّة التّي تُجبَر على فتح “بث مباشر” لمدة لا تقل عن 4 ساعات بشكل يوميّ عبر تطبيق “تيك توك”.

تقول “كريمة” بأن مشغّلها وبعد أن عرض عليها الفكرة طلب منها أن تتسوّل إلكترونيًا، هي وأولادها، من داخل خيمتها بعد أن يؤمّن لها الهاتف، والكهرباء، والإنترنت، لتستجدي الأخيرة مع بناتها الثلاثة أموال الداعمين، والتي تكون عبارة عن هدايا رمزية تمثّل كلٍ منها قيمة معينة، إذ يصل بعضها لحدود 150$ من خلال إطلاق نداء المساعدة لأن زوجها قد توفي، وما من معيل لها، ليسقط الداعمون بشباك الإحتيال..

تحقيقات دولية أكّدت هذه التصرفات اللاأخلاقية، خاصةً في لبنان، إذ تنتشر هذه العصابات في معظم المخيمات حيث تستدرج النساء السوريات مع أطفالهن، خاصةً الأرامل منهن، واللواتي يرين بالـ Easy Money فرصة جوهرية، خاصةً وأن الأرضية مؤمنة سلفًأ..

مصادرٌ خاصة تؤكّد خلال حديث مع “ليبانون فايلز” أن رؤوساً كبيرة غالبًا لا تكون معروفة، تُحكم قبضتها على حسابات “تيك توك”، أو أي حساب آخر من شأنه أن يدرَّ الأموال، حيث يُجبِرون النّساء على تسليمِ الهاتف عند انتهاء مدّة البث التي تُلزمهن بها، علمًا بأنَّ هؤلاء النّساء لا يعرفن أصلاً كلمة السّر، أو كيفية الدخول لهذه الحسابات.

هذه المعلومات تؤكّدها “كريمة” التي تشير بأنَّ الهاتف يصل لأمام خيمتها عند الساعة 1 من بعد الظهر، وتسلّمه في تمام السّاعة الرابعة.. أما عن بدل هذه الخدمات، فتؤكّد بأن الدعم يكون كبيرًا إلا أنّها لا تتلقى إلا نسبة قليلة جدًا، حيث يهددها المشغّل برميها على الحدود اللبنانية – السورية، أو بتسليمها للقوى الأمنية، لترضى بما يُدفع  لها..

مفوضية اللاجئين على علم؟

حسب المصادر المطلعة فإن مفوضية اللاجئين أكدت أنها تلقّت العديد من الشكاوى بخصوص هذا الموضوع، إلا أنّها لا تزال تتحقق من الأمر خاصةً وأن المفوضية تواجه صعوبة كبيرة لناحية الوصول إلى مصدر هذه الحسابات، ما يعرقل عملية إغلاقها، أو الحدّ من عملية الإحتيال هذه.

كل هذا دفع بشركة “تيك توك” إلى إصدار بيانٍ يشير إلى أن هذه الممارسات لا تتوافق مع سياسة الشركة، وهي على استعداد تام لأن تغلق الحسابات كافة..

لكن هل حقًا ستلتزم الشركة بكلامها؟

ثروات وأموال

“بعض العائلات السورية في لبنان تجني ما بين 600-1000$ بشكل يوميّ، فهل يعقل أن تُغلَق هذه الحسابات..؟” هكذا يقطع “يوسف” وهو مدير حسابات التواصل الإجتماعي لكبرى شركات لبنان، الشك باليقين لناحية إغلاق هذه الحسابات، إذ يؤكد لـ “ليبانون فايلز” أنّ مدخول شركة “تيك توك” يعتمد بشكلٍ أساسيّ على شراء الهدايا، خاصةً تلك ذات القيمة المرتفعة، وهذا ما يدل إلى أنّه من المستحيل أن تعمدَ الشّركة إلى قطع أحد أهم مواردها، علمًا أنّها تعلم من خلال مراسلات كبرى وسائل الإعلام الأجنبية أنّ اللاجئين السّوريين سواء في لبنان أو في أيّة دولة أخرى يتعرضون للإستغلال “رضائيًا”، وهذا ما يبرهن حسب “يوسف” انتشار الحسابات، و”البزنس” هذا بشكل كبير خاصة داخل مخيمات اللاجئين، إذ إن عملية المراقبة صعبة عمليًأ.

دعارة إلكترونية مستحدثة

عمليات الإحتيال والإستغلال هذه فتحت الباب واسعًا أمام حالة “الدعارة الإلكترونية” التي وعلى ما يبدو، بدأت تأخذ منحىً تصاعديّا في لبنان، إذ بات الشباب والشابات يعرضون وبشكلٍ علنيّ خدمات “جنسية” خلال بث مباشر بالصوت والصورة وذلك “للداعم” الذي يرمي أكبر عدد من الهدايا، وهذا ما يمكن التماسه عمليًا من خلال مصادفة بثٍ مباشر لشاب لبناني بالصوت والصورة يعرض خدمات جنسية بطريقة علنية مقابل دعم محدّد يتخطى أحيانًا 200$.

مصادر أمنية خاصة تؤكّد لـ” ليبانون فايلز” على أنَّ الدعارة الإلكترونية في لبنان آخذة بالإنتشار، وزادت وتيرتها مع استحداث البث المباشر حيث تُعرَض هذه الخدمات بشكل مبهم، ويتم الإتفاق بعيدًا عن البث من خلال الدردشات الخاصة..”

تضيف المصادر بأن الدعارة الإلكترونية هذه بات أمر حصرها والعمل على الحدّ منها أصعب بكثير من “الدعارة التّقليديّة”، إذ حاولت مثلا “أوجيرو” منذ أكثر من 12 سنة العمل على إغلاق كافة المواقع التي كانت تَعرض هذه الخدمات بشكلٍ علنيّ، إلا أن مشغلي الصّفحات كانوا دائمًا ما يقومون وخلال ربع ساعة بفتح الصفحة مجددًا بعد إغلاقها من خلال “دومين” جديد يحمل نفس المضمون، وهذا ما جعل من أمر إغلاق الصفحات من دون الوصول إلى الرأس المدبر عمل من دون أي قيمة، مع العلم بأنّ هؤلاء يعرضون أرقامهم بشكلٍ مباشر عبر صفحاتهم، إلا أن خبرتهم تمنع ملاحقتهم إلى حدّ ما، على الرغم من قيام القوى الأمنية بتفكيك العديد من الشبكات التي تقوم باستغلال حاجات الناس..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!