6 حزيران ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا
تحُلُّ ذكرى السادس من حزيران من كل سنة لتُذكر من يجب أن يتذكر، خصوصاَ الأجيال الجديدة أن في هذا التاريخ من العام 1967 كانت المرحلة الثانية من مشروع احتلال وقضم الأراضي العربية في فلسطين وسوريا ومصر، وبداية العدوان من قبل كيان الإحتلال الصهيوني على لبنان.
وبعيداً عن مآسي هذه الذكرى والخسائر التي خلّفتها على المستوى العربي والدروس والعبر التي أُخذت من نتائج تلك الحرب، ولا سيما تثبيت مقولة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر”ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة”، فإنه من المفيد في هذه الذكرى تثبيت بعض الحقائق والوقائع التاريخية بما يتعلّق بحقوق لبنان في الأراضي التي لا زالت تحت الإحتلال وتحديداً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، من أجل دحض إدعاءات الإحتلال بأنه احتل هذه الأرض في حرب العام 1967 مع العلم بأن لبنان الرسمي لم يكن شريكاً في هذه الحرب، وبالتالي ربطها بالأراضي السورية وبالقرار الدولي 242 بدلا من القرار 425 .
أولى هذه الحقائق أن هناك 13 نقطة أو موقع أو تلة مازال العدو الإسرائيلي يحتلها داخل الحدود الدولية المعترف بها والمرسّمة بموجب إتفاق نيوكمب – بوليه الفرنسي البريطاني عام 1923 بين لبنان وفلسطين ووقع العدو الإسرائيلي على إتفاقية الهدنة عام 1949 مع لبنان بموجب هذا الترسيم، ولكن خط الانسحاب التقني الذي سُمي بالخط الأزرق والذي اخترعه تيري رود لارسن بطلب من أميركا وإسرائيل ترك هذه المناطق والنقاط تحت الإحتلال.
كذلك هناك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنخيلة وهذه الأخيرة عبارة عن مزرعة صغيرة يملكها لبنانيون ومسجّلة في الدوائر العقارية اللبنانية ولا نزاع في ملكيتها القانونية ويمكن إستعادتها بعد تحرير مزارع شبعا.
أما تلال كفرشوبا فهي أراض زراعية يملكها أبناء بلدة كفرشوبا وتقع جنوب بلدة كفرشوبا وشمالي مزارع شبعا التالية : بسطرة – الرمتا وبرختا ، وتصل مساحتها إلى حوالي عشرة كيلومترات مربعة وتحرر تلقائيًا بعد تحرير المزارع ولا يوجد فيها منازل ولم تكن مأهولة.
أما مزارع شبعا فهي 14 مزرعة أو قرية صغيرة تابعة لبلدة شبعا وهي تشكل الخراج الطبيعي لها وسميت بالمزارع لأن جميع أراضي شبعا الزراعية تقع ضمنها من بساتين الزيتون واللوزيات وكروم العنب والصبار وحقول الفستق والقمح وكافة أنواع الحبوب والأشجار.
وفي عام 1967 عندما بدأ العدو الإسرائيلي باعتداءاته على المزارع كان في المزارع الـ14 أكثر من 3000 منزل تقيم فيهم 3000 عائلة بشكل دائم أو موسمي.
وتبلغ مساحة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا حوالي 200 كلم مربع وجميع الأراضي مملوكة من أبناء شبعا وكفرشوبا ومسجّلة في الدوائر العقارية اللبنانية.
بدأ العدو الإسرائيلي باحتلال المزارع والتلال من خلال القضم التدريجي بعد احتلال الجولان وانتهاء حرب 6 حزيران عام 1967 أي في 20 حزيران عام 1967 باعتماد سياسة التهجير والتدمير الممنهج للمنازل والإغارة على المزارع والقضم التدريجي الذي إستمر لغاية 1972 حيث إستكمل العدو إحتلال المزارع والتلال وبعض قمم جبل الشيخ وبنى عليها مراكز الإستطلاع والتجسس العسكرية والتي تغطي سوريا ولبنان والأردن وبدأ ببناء المراكز العسكرية الأخرى على حدود المزارع والتلال وبداخلها .
ولتأكيد تلك الحقائق والوقائع، لا بد من ذكر بعض المحطات والدلائل ومنها أن الأمم المتحدة رعت، في تشرين الثاني من عام 1967 ومن خلال قوات الهدنة المتواجدة في لبنان بموجب إتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان والعدو الإسرائيلي عام 1949 ، إتفاقًا قضى بمنع تسيير الدوريات الإسرائيلية في منطقة المزارع والسماح للأهالي بقطاف وجني محاصيل الزيتون لمدة 40 يومًا وتكرر ذلك في العام 1968 وكلفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإشراف على التنفيذ والتأكد من عدم إقتراب القوات الإسرائيلية من الأهالي طيلة هذه الفترة، وأعطي طلاب المدارس في شبعا عطلة سميت مجازًا “عطلة الزيتون” للذهاب مع عائلاتهم ومساعدتهم في قطاف الزيتون.
وفي العامي 1969 و1970 دارت العديد من المعارك العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي على أرض المزارع والتي لم تكن قد احتلت بالكامل من قبل العدو وهو ما يؤكده بيان عسكري أذيع في إذاعة العدو في 3/12/1969 ويقول بالحرف:”عبرت قوات إسرائيلية الحدود اللبنانية من الجولان السوري المحتل ودمرت قاعدة للمخربين في جبل الروس وعادت إلى قواعدها سالمة”.
هذه الوقائع والمعلومات تدحض الفكرة التي يحاول العدو الصهيوني ترويجها وهي أنه احتل المزارع من سوريا مع الجولان في حرب 6 حزيران عام 1967 وبالتالي فهي تخضع للقرار 242 وليس للقرار 425 الذي لم ينفذ بشكل ناجز وكامل حتى هذه اللحظة، وكل الوقائع والحقائق والبيانات الصادرة عن العدو نفسه تكذب هذه المقولة .
ربما كان العدو وما زال يعتمد على فكرة بأننا لا نقرأ وليس لدينا ذاكرة فهو يقول المعلومة وعكسها والعالم يجب أن يصدقه ، وربما يُساهم في ذلك أيضاً الحروب الناعمة التي يعتمدها العدو من أجل تسويق أفكاره وأكاذيبه والتعمية على حقائق الآخرين، وهو ما يفعله في فلسطين أيضاً.
لكن الوعي والمتابعة ومن يقرأ ولديه ذاكرة لا يُمكن أن يتخلى عن حقوقه مهما طال الزمن ومهما غلت التضحيات.
فمزارع شبعا وتلال كفرشوبا أرض لبنانية محتلة ويجب أن تُحرر وتعود لأصحابها، ولبنان أتم ترسيم حدوده البرية مع فلسطين بموجب إتفاقية نيوكمب – بولية عام 1923 من النقطة 1 إلى النقطة 39 كما قام بترسيم حدوده في منطقة مزارع شبعا مع سوريا عام 1934 بوجود الإنتداب الفرنسي وأرسل هذا الترسيم إلى عصبة الأمم ثم أعاد إرساله بعد الإستقلال إلى هيئة الأمم المتحدة بعد إنشائها وحلولها محل عصبة الأمم وكان ذلك عام 1947، وأي كلام خلاف ذلك لا يعدو كونه خدمة لديمومة الإحتلال لتلك الأرض.
الأفضل نيوز