“قصر نمرود” مرجع وثائقي تاريخي يغطّيه الغبار

صدى وادي التيم-تاريخ وتراث/

قصر نمرود”، أطلال معلم أثري في جرود محلة عين الجوزة في بلدة الطفيل، يزيد ارتفاعه عن ألفي متر عن سطح البحر. “النهار” التي زارت البلدة الحدودية، تل
قي الضوء على هذا الإرث الإنساني، علّه يجد من ينتشله من الإهمال المزمن الذي يهدد باندثاره وفقدانه كشاهد على حضارة “الإيطوريين  Ituréen “الذين استطونوا المنطقة.
تتكون هذه الأطلال الأثرية من ثلاثة أعمدة متصلة، إلى جانب بقايا معبد بقيت منه بعض واجهات التيجان “دوريك” التي لا تحمل أي زخرفة نباتية (خلافاً لما وجد في المعابد الرومانية في المنطقة)، ما يدل على أنها تعود إلى ما قبل العصر الروماني، تعلوها الإسكافيات التي لا تحمل أي زخارف أيضاً، والأحجار مصقولة جيداً كمربعات، وهي أحجار محلية تم صقلها ونحتها بأسلوب بسيط من المعماريين عبر استخدام تقنية الحفر على الصخور المحلية في المنطقة.

هويتها المعمارية الواضحة من خلال بنائها هي آثار إيطورية لتشابهها مع بعض الآثار الأيطورية الموجودة في قلعة بعلبك. تقع ضمن موقع كان يسكنه “الإيطوريون” خلال القرن الأول قبل الميلاد من أواخر العصر الهلنستي وحتى بداية العصر الروماني.

تكمن الأهمية التاريخية لهذه الآثار في حقيقة أن المؤرخين يتسابقون لإلقاء الضوء على تاريخ هذه الحقبة الغامضة، وما يتعلق منها بفن العمارة، بما في ذلك “قصر نمرود”، كما يسميه الأهالي، أحد المصادر المؤكدة التي تحيي تاريخهم، علماً أنّ هذه المنطقة كانت تاريخياً جزءاً من طريق القوافل التجارية التي تؤدي إلى سوريا وتُعرف بـ”طريق الملوك”، وتبدأ من “بعلبك، النبي سباط، جرد يحفوفا، فسوريا”، أو من “بعلبك، النبي سباط، طفيل، سوريا”، وبالعكس.

رسمياً، لم تقم المديرية العامة للآثار بإجراء مسح أثري لهذا الموقع، فمن الصعب تحديد الوظيفة الأولى لبنائها والهندسة المعمارية التي بنيت عليه.

كما أن المسح الأثري الذي قام به العالم الألماني “مارفو” لمنطقة البقاع لم يشمله، لذلك لم يظهر الموقع على الخريطة الأثرية التي تحدد آثار لبنان، حيث لا توجد كلمة “Ruines أو أطلال” فوق طفيل على الخريطة بحسب ما تعتمد عليه المديرية في تحديد المواقع الأثرية التي قامت بمسح آثارها.

وعن دور المديرية العامة للآثار، شدد مصدر معني لـ”النهار” على الأهمية الوثائقية والتاريخية للموقع ولهذه الآثار، موضحاً ان أسباب عدم اهتمام المديرية بها ليس تجاهلاً وجهلاً بمستوى الخسارة التي لا تعوض، بل لعدة معوّقات منها عدم القدرة على الوصول إليها بسبب عدم وجود طريق سابقاً، إلى جانب الأوضاع الأمنية التي مرت على المنطقة، بالإضافة إلى وجود علامات استفهام حول حدود المنطقة (علما أنها تقع داخل الأراضي اللبنانية عقارياً)، واليوم من الضروري تحديد المنطقة عقارياً للتمكن من إجراء مسح أثري بسبب الخلاف العقاري فيها.

وعن حقيقة أنها تعود إلى الفترة “الإيطورية”، أكد أن الصور تشير في الغالب إلى ذلك، لكنها تتطلب مسحاً أثرياً سريعاً من قبل علماء الآثار في المديرية لتحديد هوية ودور هذه الشعوب في مواقع مساكنها التاريخية في منطقة “إيطوريا lturea”، وقد تمكن الباحثون الأثريون من رسم خريطة أثرية لتصميم الموقع توضح أقسامه وتاريخه.

من هنا، تلقى المسؤولية على وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار التي من المفترض أن تتابع وتتعمّق وتكشف التفاصيل التاريخية لـ”قصر نمرود”.

إلى جانب القصر، توجد مغاور وكهوف طبيعية، وظهرت العبثية بوضوح داخلها من خلال التخريب وبعض الأغراض الشخصية التي تركها من سكن داخلها لفترة، بالإضافة إلى خزان مياه مفتوح بدا وكأنه بني حديثاً. وأفاد الأهالي بأن هذه المنطقة تحولت على مدار أربع سنوات إلى نقطة عسكرية للمجموعات الإرهابية وتشكيل مجموعات صغيرة منها تتمثل مهمتها في إطلاق سيارات مفخخة وصواريخ على لبنان، قبل أن تتراجع إلى سوريا في بداية عام 2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى