الطبخة الرئاسية على النار
صدى وادي التيم-لبنانيات/
نشطت الحركة الرئاسية في الأيام الأخيرة، ووُضعت الطبخة على النار مع تشديد رئيس مجلس النواب نبيه برّي على وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل آخر حزيران، لكن ما من شيء يمنع عودة الملف إلى ثلاجة الانتظار في حال لم تنضج الطبخة وفشلت وصفة الوساطات السياسية والمبادرات المحلية التي يقودها أكثر من طرف.
ما يعزّز تأجيل الحلول إلى وقت غير محدّد غياب التوافق بين الأطراف المتعارضة، فثنائي أمل والحزب مستمر في دعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ولم يتراجع، فيما فريق المعارضة يسعى للم شمل معارضي زعيم زغرتا وتوحيدهم خلف مرشّح آخر، ونعود إلى المربّع الأول والمرحلة التي يرافقها التعطيل ورفع السقوف.
ووفق المعلومات، فإن المبادرات الحاصلة لم تنجح حتى الحين في توحيد مختلف الآراء وإنجاز التوافق العام، بل نجحت إلى حد معيّن في الجمع بين معارضي فرنجية فقط، وبشكل خاص “القوات اللبنانية” والتيار “الوطني الحر”، في مفاوضات من أجل الاتفاق على اسم، والجديد في هذا التوافق جمع معظم الأطراف المسيحية خلف مرشّح وبوجه فرنجية.
مصادر سياسية متابعة رأت في السيناريو الحاصل حالياً “تعرية الفريق الداعم لفرنجية من التأييد المسيحي، وصب هذا التأييد في صالح مرشّح آخر، وبالتالي دفع الثنائي الشيعي إلى تغيير مقاربته للملف، لأن الاستمرار في دعم فرنجية سيعني تحدّي إرادة الغالبية العظمى من المسيحيين وانتخاب رئيسٍ ماروني يلقى معارضة النسبة الأكبر من المسيحيين”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشارت المصادر إلى أن “المسيحيين هم المعنيون الأوائل في ملف رئاسة الجمهورية، وفي حال اتفقوا على مرشّح سيادي إصلاحي “معتدل” يستطيع أن يحظى بقبول معظم الأطراف، فإن ذلك سيمنح هذا الفريق خطوةً إلى الأمام في السبق الرئاسي”.
إلى ذلك، انشغل اللبنانيون أمس بخبرين، الأول كان توقيف مسؤول مركز الدفاع المدني في بيروت وليد حشاش في سوريا، عند محاولته العبور عند أحد الحواجز الحدودية، واحتجازه لليلة كاملة قبل الإفراج عنه، بسبب “إخبارية قديمة” حول مشاركته في أحداث 7 أيار، وفق ما أفاد حشاش الذي نفى هذه المزاعم.
وقد يكون السبب الذي أعلنه حشاش، وتبلّغه من قوات النظام السوري صحيحاً، لكنه أيضاً مثار شكوك، فتوقيف شخص بعد 15 عاماً على ارتكابه جرماً افتراضياً في دولة تعاني الحرب قد لا يكون بريئاً، بل يحمل رسائل للبنان تكمن في عودة النظام السوري إلى ممارساته البوليسية مع اللبنانيين، ما يعزّز مخاوف معارضي النظام من رغبة بشار الأسد في الانتقام منهم.
الخبر الثاني كان رد محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة بالقضايا النقابية استئنافين مقدمين طعناً بقرار نقابة المحامين القاضي بالطلب من المحامين الحصول على إذن مسبق من النقيب ناضر كسبار قبل أي إطلالة إعلامية، وقبل نشر أي تغريدة أو ملصق، وقبل المشاركة في أي ندوة ذات بُعد قانوني أو إبداء رأي قانوني.
أوساط المحامين لم تحبّذ الرد على المسألة النقابية في الإعلام، وفضّلت انتظار ما سيستجد على الملف بعد إعلان المحامي نزار صاغية نيّته الطعن في القرار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
لكن الأوساط نفسها أشارت إلى أن “الحرّية مقدّسة، ولا يُمكن كم الأفواه والتعدّي على حرية المحامين، وهم يُشكلون آخر أعمدة الحرية إلى جانب الصحافيين، وبالتالي من المفترض إيجاد آلية توفّق بين الحفاظ على السقف العالي للحرّية من جهة، ومحاسبة من يرتكب الأخطاء على الإعلام من جهة أخرى”.
الفوضى سيدة الموقف في كل مفاصل البلد ومؤسساته ونقاباته، وفي خلاصة الأجواء السياسية يبدو ان لبنان ينتظر أياماً حاسمة ومفصلية حتى منتصف حزيران، ومن المرتقب أن تتضح الصورة أكثر مع تقدّم الأيام ليتبيّن الخيط الأبيض من الأسود، حتى ذلك الحين، فإن معاناة اللبنانيين تستمر وتتمدّد.