الاستثمار في الفضاء.. “مكاسب خيالية” تتنافس عليه الشركات!

صدى وادي التيم-متفرقات/

من المتوقع أن يكون عام 2023 واحداً من أكثر الأعوام إثارة في تاريخ “اقتصاد الفضاء”، وذلك مع توجه المزيد من الشركات والمستثمرين، نحو ضخ الأموال في المشاريع المرتبطة بهذا القطاع الذي اكتسب أهمية استراتيجية، وذلك منذ بداية المهمات الفضائية في منتصف القرن الماضي، وصولاً إلى يومنا هذا.

178 مهمة فضائية في 2022

وقد ساهم التطور التكنولوجي المتسارع الذي شهده العالم في السنوات العشر الأخيرة، في تنمية الاستثمارات المرتبطة بـ “اقتصاد الفضاء”، وذلك بدفع من إنفاق الشركات الخاصة، ففي الوقت الذي كانت فيه الاستثمارات في هذا القطاع، تقتصر سابقاً على المبادرات الحكومية في العالم، أظهرت أحدث البيانات أن عام 2022 شهد 178 مهمة فضائية، منها 90 مهمة أجراها القطاع الخاص، حيث سيطرت شركة سبيس إكس المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك على الحصة الأكبر من مهمات القطاع الخاص عبر قيامها بـ 61 مهمة فضائية خلال 2022.

اقتصاد الفضاء يساوي 469 مليار دولار

وبحسب توقعات بنك أوف أميركا فإن صناعة الفضاء ستحقق نمواً، يفوق 1.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، في حين رأت منظمة Space Foundation الأميركية، أن حجم “اقتصاد الفضاء” بلغ 469 مليار دولار في بداية 2022، مسجلاً أسرع نمو منذ عام 2014، حيث تعود أغلبية النشاط الاستثماري في صناعة الفضاء، إلى الإنفاق التجاري المدني والإنفاق العسكري والإنفاق الحكومي.

الدول التي تهيمن على استثمارات الفضاء

يمتلئ الغلاف الجوي للأرض بأكثر من 11 ألف جسم تم إطلاقه منذ بدء غزو البشر للعالم الخارجي، حيث تهيمن الولايات المتحدة الأميركية على استثمارات الفضاء، بامتلاكها لأكثر من 50 في المئة من هذه الأجسام، أي ما يزيد على 5500 جسم، لتحل بعدها روسيا بـ 3600 جسم، ثم الصين بـ 731 فبريطانيا بـ 515 واليابان بـ 300 جسم.

وتتوزع الأجسام التي تم إرسالها إلى الفضاء بين الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية المأهولة وغير المأهولة، وأدوات الاتصال ومعدات الرحلات الفضائية، وقد ساعدت شركة سبيس إكس الولايات المتحدة، في مهمة تثبيت هيمنتها على الفضاء.

86 دولة تسعى للفضاء

ورغم أن أكثر من 86 دولة في العالم تسعى للوصول إلى الفضاء، فإنه حتى عام 2022 كانت هناك نحو 11 دولة فقط قادرة على إرسال أجسام إلى الفضاء، باستخدام مركباتها الخاصة وعلى رأسها أميركا وروسيا والصين، في حين أن على بقية الدول، استخدام مركبات الإطلاق التي أنتجتها تلك الدول الإحدى عشرة، كما تسيطر الدول المذكورة على أبرز المواقع الرئيسية التي ترسل الأقمار الاصطناعية والمركبات والأجسام الأخرى إلى الفضاء.

أين يتوزع نشاط صناعة الفضاء؟

ويقول خبير التحول الرقمي المهندس ربيع سعادة في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن غالبية النشاط التجاري الذي تشهده صناعة الفضاء حالياً، ترتبط بمنتجات وخدمات محددة، تتنوع بين الاتصالات والإنترنت والتلفزيون والمراقبة والدفاع، وتتبُّع الصواريخ والتجسس، مع طموحات لتحقيق الهبوط المأهول على المريخ، إضافة إلى القيام برحلات سياحية إلى الفضاء.
كما أشار إلى أن نضوج تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية عبر صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، ساعد في انخفاض تكلفة إطلاق القمر الاصطناعي إلى نحو 60 مليون دولار، من 200 مليون دولار سابقاً، حيث ترافق ذلك مع انخفاض كبير في كلفة إنتاج الأقمار الاصطناعية، متوقعاً أن يشهد عام 2023 مزيداً من النمو في حجم “اقتصاد الفضاء”، الذي قد يتخطى حاجز الـ 500 مليار دولار أميركي وذلك رغم الحدث السلبي الذي شهدته هذه الصناعة مؤخراً عندما انفجر صاروخ “ستار شيب” العملاق التابع لـ سبيس إكس بعد دقائق من إطلاقه.

سبب الإصرار على الاستمرار رغم الخسائر

وشدد سعادة على أن الكثير من الأشخاص يجهلون سبب إصرار شركة سبيس إكس المملوكة لإيلون ماسك، على الاستمرار في محاولاتها لإرسال صاروخ “ستار شيب” المخصص لنقل البضائع والأفراد إلى القمر والمريخ، فرغم أن كلفة إعادة بناء وتصميم هذا الصاروخ، تصل إلى 100 مليون دولار أميركي، إلا أن المبلغ المذكور يعد ضئيلاً جداً، أمام الأموال المتوقع تحقيقها في حال نجح هذا الأمر، كاشفاً أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد بدء عمليات تعدين المعادن النادرة الموجودة بين القمر والمريخ، والتي تعادل بقيمتها مئات الكوادريليونات من الدولارات، حيث سيكون القمر المحطة الأولى في عمليات التعدين واستخراج عنصر “الهيليوم-3″، الذي ستعمل من خلاله مفاعلات الانصهار النووي المستقبلية على الأرض.
الاستفادة من كوادريليونات الدولارات

ويشرح سعادة أن هناك ما يقدر بمليون طن من “الهيليوم-3” على القمر، حيث يبلغ سعر الطن منه مليارات دولار، لافتاً إلى أن شركة سبيس إكس تراهن على خفض كلفة نقل المعادن إلى الأرض، من 60 ألف دولار للكيلو عبر مركبات الفضاء التابعة لوكالة ناسا، إلى أقل من 100 دولاراً عبر صاروخ “ستار شيب”، وهي أقل كلفة يمكن تسجيلها، وهذا ما سيمكن إيلون ماسك وفي حال نجاحه، من الاستفادة من تدفق كوادريليونات الدولارات من الفضاء، وتحقيق أرباح خيالية.

السيطرة على المعادن النادرة

ويختم سعادة حديثه بالإشارة إلى أن الاستثمار السخي الذي يحدث حالياً في قطاع الفضاء، لا يرتبط فقط بخدمات الإنترنت والاتصالات والبث التلفزيوني والمجال العسكري، بل إن الهدف غير المعلن منه، هو السيطرة على المعادن النادرة التي ستجعل “اقتصاد الفضاء” الذي تبلغ قيمته كوادريليونات الدولارات، محركاً للنمو الاقتصادي على الأرض، معتبراً أن عام 2023 سيشهد توجه المزيد من المستثمرين نحو الفضاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى