طوائفُ الجوع: عاش الزعيم

صدى وادي التيم-لبنانيات/

من مظاهر عناد(اللبناني) الذي تجلى في الأزمة الراهنة والتي تخلخل قواعد كيان الوطن وتعصف في جذور وجوده أنه ما زال يراهن على ذات الطبقة الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى المأزق الذي نعيشه اليوم.

وبالرغم من انكشاف الجميع و تورط معظم أركان النظام بالنهب المنظم والسمسرات والرشاوى وتحويل مؤسسات الدولة ومواردها إلى منهبة يتقاسمون إداراتها ومواقعها وماليتها كملك خاصٍّ وحصريّ،إلا أنَّ (الشعب العنيد) لا يرى زعيمه إلا فوق الشبهات،فهو يختلف عن الجميع،هو المقدس والمنزل وحامي الحمى والحصن الحصين والملاك والمؤتمن وكل ما خلق الله من مفردات التبجيل والتفخيم ، فهذه الإدارة للزعيم فلان وتلك لعلان والثالثة لفليتان ويليه علّان وهكذا تسير الأمور بالتكافل والتضامن وكله يغطي كله على حساب (الشعب العنيد).والشعب العنيد فدى الزعيم وعلى(حساب الزعيم).

هو ذاته الشعب العنيد يغضب ويثور أحيانا..يثور ولكن وفق ردَّة فعل آنية سرعان ما تخبو سورة غضبه أو أن ينحرف مسارها لتستثمر باتجاه آخر ومطالب أخرى وشعارات لا تخدمه بقدر ما تخدم واضعيها والمحركين.

الشعب العنيد المهدد في وجوده والمهدد بلقمة عيشه والمذلول على أبواب المستشفيات وفي طوابير محطات الوقود وفي حبة الدواء التي أصبح الحصول عليها إنجازا يستحق ركعتي شكر يغضب بصمت ويلعن ويشتم ويفرغ براكين غضبه على وسائل التواصل الاجتماعيِّ وفي الطريق والدكان والسهرات وفي كلِّ مكان غضب..غضب..غضب…

وهذه حدود الغضب لا يتجاوزها،وفي لحظة الحقيقة،وبكلمة واحدة تحمل تلميحًا لموقع ودور وصلاحيات طائفة الزعيم وطائفة الجائع يتحول الجمع الغفير بقدرة قادر من ثوار ضدَّ طبقة الفساد وضدَّ مافيات ومصاصي دم الشعب إلى حراس للزعيم ويصبحون يد الزعيم التي يهدد ويبطش بها وعين الزعيم التي يرى بها دون تمحُّص ولا تدبر ولا تفكير بعواقب الأمور .

يدرك معظم (الشعب العنيد) أنَّ زعيمه ركن من أركان السلطة والنظام وأنَّ الزعيم يستغل ويستثمر البعد الطائفي في الوعي المجتمعي المترسخ في النفوس، ويدرك أيضا ، أنَّ خطاب الخوف من الآخر هو الشماعة التي يعلق عليها الزعيم كلَّ أوزاره في السلطة والنظام من لصوصية وقحة وخيانة موصوفة لأتباعه وأبناء طائفته ولكل الوطن،لكنها غريزة الانتماء للقبيلة_الطائفة تحتِّم عليه أن يبقى ضمن قطيع الزعيم،ففي عقله الباطني أنَّ الذئاب (والذئاب هم أبناء الطوائف الأخرى)يأكلون الخراف الشاردة،وكي يحفظ وجوده عليه أن يبقى ضمن القطيع ليصبح هو الآخر ذئبًا…يدافع عن مصلحة الزعيم.

وهكذا تسير الأمور ونسير معها بمحض إرادتنا المسلوبة وبوعينا المريض إلى هلاكنا حيث لا آفاق تبشر بالخير ولا بصيص أمل ،بل مستقبل موحش وأسود ترسمه لأبنائنا في وطن أقل من مزرعة في عرف زبانية السلطة وإلى موت مفتوح على كل الإحتمالات في وجدان الشعب العنيد…..

المصدر:خورشيد الحسين -خاصّ الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى