ندوة حوارية للمجلس الثقافي الاجتماعي للبقاع الغربي وراشيا

صدى وادي التيم-لبنانيات/
نظم المجلس الثقافي الاجتماعي للبقاع الغربي وراشيا ندوة حوارية بعنوان “التحديات التي تواجه وحدة المجتمع الاسلامي والوطني ودور المرأة “، في قاعة الرئيس خالد شرانق في القصر البلدي في جب جنين في البقاع الغربي . حاضر فيها مفتي راشيا الشيخ الدكتور وفيق حجازي والعلامة الشيخ حسين الخشن،
حضر الندوة قائمقام راشيا نبيل المصري، قائمقام بعلبك السابق عمر ياسين، رئيس اتحاد بلديات البحيرة المهندس يحيا ضاهر، رئيس المجلس الثقافي المحامي الشاعر صالح الدسوقي وامين سر المجلس مروان درويش والهيئة الادراية والعامة، عضو قيادة اقليم الجنوب في حركة “أمل” محمد الخشن، المحامي كمال الميس، فواز فرحات ولفيف من المشايخ والعلماء والفاعليات الثقافية والاجتماعية والتربوية.
قدّم للندوة مسؤول اللجنة الثقافية في المجلس هاني عبدالله ، فقال: “اننا امام وجبتين دسمتين على المستوى الفكري والفقهي تتمثلان في العلامة الخشن وسماحة مفتي راشيا وفيق حجازي”، مشيدا ب” التقارب النوعي بينهما على مستوى الرؤية وفي ما يتصل بالنظرة الى الوحدة داخل المجتمع الاسلامي والوطني وشعورهما بالمسؤولية حيال التحديات الكبرى التي تعترض مجتمعاتنا وتهدد كياننا”.
المفتي حجازي
ثم تحدث المفتي حجازي، فقال: “ان من مكامن عظمة الإسلام أنه اعتبر الأمة الإسلامية أمة واحدة، فكانت رسالته تحقيق الحرية الكاملة للإنسان في مواجهة العبودية البشرية والوثنية، وهذه الأمة تحمل معالم الصدارة في العالم كله بما يتضمن دينها من قيم ومثل ومبادئ وتعاليم والتي بها هو قادر على مواجهة كل التحديات والتغلب عليها، فدستور السماء سطر كل المخططات وأسقطها من قاموسه القائم على التوحيد الخالص لله ولذلك كانت كل المؤامرات تهدف لضرب الإسلام من أساسه بحيث تستورد مذاهب وبأسماء فلسفية لصرف البوصلة عن حقيقة الإسلام لتفتيت المجتمع داخليا وخارجيا، ومن هنا كانت التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والتي يواجهها المجتمع المسلم متعددة وباسماء متنوعة من عولمة وصراع حضارات وإسلاموفوبيا ودعاية الرجعية وهدم التراث باسم التجديد وغير ذلك. كما أن التحديات التي تواجه العالم الاسلامي تحديات عقل ووعي بالتطور التاريخي والزمني، إنها تحديات في الحقيقة معقدة داخلية كانت أم خارجية لأن سلم المجتمع داخليا مؤهل للتغلب على التحديات الخارجية”.
اضاف: “لا يخفى أن تاريخنا الإسلامي مشرق، لأنه من رسول الله مبدؤه، وهو يملك رصيدا حضاريا ضخما نعتز به ونفاخر، لكننا وقفنا عند إنجازات من سبق وتحولنا إلى مستهلكين لمنجزات حضارة معاصرة دون أن نكون منتجين فيها أو مشاركين، ولذلك هذا كله يدل على أن التراجع الذي تعاني منه هذه الأمة لا يرجع إلى الإسلام وإنما يرجع إليها هي، لأنها قصرت في تطبيق تعاليم الإسلام الذي جعل العلم فرضا والجهل تخلفا، وبين أن مداد العلماء أزكى عند الله من دم الشهداء، ومن هنا كان التقهقر في المجتمع المسلم أمرا غاية في الخطورة وغاية في الإشكالية وكان بالمقابل لزاما والأمة تملك من مقومات القيادة والثروات وما حباها الله من خيرات ونعم ما يوجب عليها أن تقيم نقدا ذاتيا لسلوكها، وأن تتحسس موضع أقدامها وعلى أي قدم تقف، ليس عيبا نقد الذات وإنما العيب أن يتغافل عنه”.
وتابع: “إننا وفي عصر العولمة والتي يراد من خلالها إخضاع الإسلام والمسلمين لهذا النظام العالمي بحيث يتأثر الإسلام بالغير ويذوب فيه ، لكن الإسلام له ذاتية مستقلة وكيان خاص يؤثر بغيره ولا يتأثر به، لا يلغي الآخر ولذلك رسخ التعددية، وذلك مسطر في دستور المدينة المنورة، ومن هنا اعتبر الإسلام أن الحضارات هي إنجاز إنساني لا صراع بينها وإنما تنافس واجتهاد”.
واكد “ان الإسلام دين يؤمن بوجود الآخر دين للحياة صالح مع طبيعة الإنسان مؤهل لمواجهة كل التحديات ومؤهل لإسعاد الإنسان في كل زمان وفي كل مكان”، وقال: “إننا نعيش صراع تشويه سمعة الإسلام وإثارة الشبهات حول القرآن والسنة النبوية والعقيدة والشريعة والتاريخ، والهدف كله هو ذوبان شخصية المسلم والقضاء على مقومات كيانها وعلامات القوه فيها واحتوائها باختلاق الضعف والانحلال والإباحية حتى لا تقوى على مواجهة التحديات بإخراج جيل لا يؤمن بحقه بل لا يؤمن بربه بل لا يصمد أمام الخطر والتحديات”.
واردف: “ولا يخفى أن دور المرأة في مواجهه تلك التحديات كالرجل سواء بسواء لأنها بعقيدتها بمعرفتها دينها بحرصها على مبادئها وقيمها بوقوفها ضد المشككين والمتلاعبين بالقيم والمبادئ تستطيع المواجهة لكل ذلك بل إسقاطه أيضا بتنمية المعارف وتعميق الفهم للمستجدات. فتأهيل النفس والمواهب يؤهل المرأة للوقوف أمام رياح التغريب وثقافة العولمة بحيث تتجاوز التحديات والصعوبات والمشاكل المتنوعة لأنها بفهمها الصائب وبصيرتها الثاقبة تتحمل المسؤولية تشارك في صناعة التقدم والنهوض الثقافي والمعرفي لمجتمعها وأمتها وحضارتها، إنه يراد للمرأة أن تكون مصدر فساد وتخريب أن تكون خلية سرطانية مدمرة، هم لا يريدونها مصباح نور ولا مشعل هداية ولا نبراسا يضيء الإسلام ولا حجر أساس يرتكز عليه بيد أنها هي التي تربي الأجيال تربي أجيال المستقبل أن رفيقة درب الرجل المسلم في كل نواحي الحياة والتحدي الذي يواجهها هو تحدي المرأة والتحدي بالمرأة هو جزء من التحدي العام في جميع مجالات الحياة وأهمها هو دعاية تحرير المرأة المسلمة تعتقد أن الإسلام حررها كرمها واحترم خصوصيتها وأقر حقوقها وأوجب حسن رعايتها وصيانتها ولذلك يراد أن تحارب المرأة”.
وختم: “ان التحديات التي تواجه المجتمع المسلم والأمة المسلمة لها أثر كبير على مسار الأمور، ولذلك كان دور الأمة الإسلامية في بناء الوطن وفي إنجاز الاستحقاقات الداهمة من أجل النهوض بالوطن من كبوته هو أمر لا يتراخى فيه وإنما يعمل على أن يكون محققا. فكم نحتاج في مجتمع كلبنان يتباهى بهذا التنوع الطائفي والعقدي والمذهبي أن تتكاتف جهود الجميع من أجل خدمة الوطن ومواجهة التحديات والعمل على انتخاب رئيس الجمهورية يكون لكل اللبنانيين، وانتظام السلطات بحيث يخرج هذا الوطن من أزماته، فالدور كبير والمسؤولية جسيمة ودورنا أن نسهم في بناء هذا الوطن، هذا، وإنه رغم كل الصعوبات فإننا نؤمن أن ان المبشرات كثيرة و الآمال عظيمة.”
الخشن
من جهته، قال العلامة الخشن: “هل نحن فقط أمام تحديات تواجه وحدة المجتمع الإسلامي والوطني، كما جاء في عنوان الندوة، أم أننا أمام مخاطر جدية محدقة وتنذر بتفكك وحدة المجتمع وتشظي الكيان الوطني وتشرذم المجتمع الإسلامي؟”.
اضاف: “إذا أردنا وضعَ الأمور في نصابها الصحيح، فعلينا الاعتراف بأننا في هذه المنطقة نعيش حالة تصادم وصراع بين الهويات الطائفية والمذهبية والقومية والعرقية، ونظرة عابرة من حولنا تكشف عن هذا الواقع فهناك صراع مذهبي، وهناك صراع طائفي، وهناك صراع قومي، وهكذا.. وتعدد الهويات هذه يفرض علينا طرح عدة أسئلة: هل التعدد نعمة أم نقمة؟ هل المشكلة في تعدد الهويات أم المشكلة في عدم قدرتنا على التعامل مع تعدد الهويات؟ “.
وأكد “ان تعدد الهويات هو نعمة وليس لعنة”، وقال: “إنّ الحياة سوف تفقد رونقها وجمالها وسحرها لو كان الناس جميعهم على نسق واحد من الشكل أو الملكات العقلية والإدارية والوظيفية، وربما أدى ذلك إلى شلل الحياة وجمودها، لهذا لا تقل لماذا لم يخلقنا الله على فكر واحد ومزاج واحد وإمكانات واحدة؟ لأنّ هذا يعني الرتابة والجمود، تماماً كجمود مملكة النحل، فإنها وعلى الرغم من عظيم صنعها واتقانها وتنظيمها تتصف برتابة وجمود دائم، وهذا ما لا يريده الله للإنسان، إنّه يريد له أن يكون متحركاً في عقله وتفكيره وفي حياته ليتطور نحو الأفضل”.
اضاف: “الأهم أن التنوع هو مدعاة للتنافس الحضاري، لأنّه بدون هذا التنافس سيفقد الإنسان الحافز نحو التجديد والإبداع وتقديم الأفضل. بيد أنّ النعمة التي نراها في التنوع لها شرط وهو أن نحسن إدارة التنوع وإلا فقد يتحول إلى نقمة، كيف ندير التنوع؟
أولا: إن التنوع المثمر هو الذي يسير في خطى التعارف وليس التعارك. إن مشكلتنا أننا إذا اختلفنا مع جماعة فإننا لا نهتم حتى بالتعرف عليهم وفهم ما لديهم، وهذا الجهل قد يقود إلى التناحر، فالناس أعداء ما جهلوا.
ثانياً: إن التعارف يفترض أن يدفع نحو التعاون في المساحات والدوائر المشتركة لما فيه خير الإنسان، ومن المعلوم أنّ المساحات المشتركة مع الآخر ولا سيما الآخر الديني، والتي يمكن الانطلاق منها في رسم خطط للتعاون على الصعيد الإنساني والأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي كثيرة جداً. لكن بالرغم مما سلف من أن التعارف قد يبدد الهواجس ويزيل الحواجز تبقى محطات اختلاف مع الآخر، فكيف ننظم أو ندير الاختلاف بين الهويات المتعددة وما يتطلبه الانتماء إليها؟
أولاً: الاختلاف والتنازع
إنّ التعمّق والتدبّر في القرآن الكريم يقودنا إلى ضرورة التمييز بين عنوانين: هما عنوان التفرق وعنوان الاختلاف، والآيات القرآنية الواردة في هذا الصدد تذمّ التنازع والتفرّق لا مجرّد الاختلاف وتعدّد وجهات النظر، فالتنازع مذموم، لأنّه يقود إلى التناحر والتمزّق”.
وسأل: “إلى متى سنظل نرتع في هذا الجحيم السياسي وفي هذا التصحر الأخلاقي والتفكك الاجتماعي؟ إلى متى سنظل نتنفس طائفياً ونفكر طائفياً ونحب طائفياً ونعادي طائفياً، تعرفون إلى متى؟ إلى حين يستيقظ فينا حس المسؤلية الإنسانية ونتحرك بصفتنا خلفاء الله على الأرض، لا بصفتنا قطيعاً طائفياً، وعندما يتحرك فينا الحسن الوطني فنفكر إنسانياً ووطنياً، ونربي أبناءنا على هذا القيم الإنسانية، عندها سنقود ثورة فكرية وأخلاقية، تعمل على خلق بيئة نظيفة فكرياً وثقافياً، وتعمل أيضاً على كنس هذه القمامة السياسية التي تتحكم بنا إلى مزابل التاريخ وعندها يبدأ لبنان الجديد.. فأين المجددون؟ وأين الفدائيون الذي يرفعون الصوت عالياً في وجه كل هذا الواقع الفاسد والذين لا تأخذهم في الله لومة لائم؟.”
وختم: “وما أحوجنا اليوم في حياتنا إلى حكماء، إلى حكماء في السياسة حيث يسودنا الاضطراب ونعيش حالة من انعدام الوزن السياسي، وما أحوجنا إلى حكماء في الاقتصاد حيث تعصف بنا رياح الفقر، وما أحوجنا إلى حكماء في حياتنا الاجتماعية، ليكونوا صمامات أمان نرجع إليهم عندما تدلهم الخطوب وتدب الخلافات.. أين الحكماء في هذا البلد؟ أين الذين يفكرون وطنياً لا طائفياً؟ أين الذين يفكرون إنسانياً وليس عنصرياً؟ وعلى المستوى الإسلامي أين الذين يفكرون إسلامياً وليس مذهبياً؟ إننا حتى عندما نحدق حولنا ونحن تحت أشعة الشمس لنرى هؤلاء فلا نجدهم، فكيف سنراهم ونحن أمة تسيطر عليها العتمة، ليس عتمة الكهرباء فحسب بل عتمة الروح والفكر والبصيرة”.
المصدر:وطنية – البقاع الغربي – عارف مغامس
     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى