إشربوا حليب السباع وزوروا دمشق… الدنيا تتغير
صدى وادي التيم-أخبار العالم العربي/
لا للحد من قلق الذين احترفوا تصنيع الشائعات والتخيلات، وحتى الترّهات، وقد هالهم الاتفاق بين الرياض وطهران. هذا ما أكدته لنا شخصية اعلامية سعودية على تواصل يومي بالبلاط “لن تكون التسوية في اليمن على حساب لبنان، ولا على حساب أي بلد عربي آخر” .
أضافت “ماضون في الاتفاق الى أبعد الحدود. ما بدا أثناء المحادثات وبعدها، أن الايرانيين يشاركوننا الرأي والرؤية. قل لمن يهمهم الأمر اننا لسنا أهل الصفقات الجيوسياسية في المنطقة، أو حتى تقاسم مناطق النفوذ. ما يعنينا بلورة علاقات ومعادلات اقليمية تطلق مفاهيم ديناميكية للاستقرار وللتعاون بعيداً عن أي تدخل”…
تأكيد بـ “أننا لسنا قطعاً ضد عودة العلاقات الطبيعية بين لبنان وسوريا، على أساس التكافؤ الأخوي، ناهيك بالمصالح الحيوية بين بلدين يتداخلان اقتصادياً وانسانياً، تاريخياً وقومياً بطبيعة الحال”.
الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يتجول رومانسياً في أحياء دمشق ـ وكنت شاهداً ـ يدرك كم هي المسافة، بما في ذلك المسافة السيكولوجية بين بيروت ودمشق. ولعلنا نذكّر بالتداخل الثقافي، حين كانت بيروت تستضيف الساسة السوريين، من أكرم الحوراني الى صلاح الدين البيطار وجمال الأتاسي وغيرهم (مقهى “الهورس شو” شاهداً)، كانت تستضيف أهل الابداع من أدونيس الى نزار قباني، ومن محمد الماغوط الى توفيق الصايغ ويوسف الخال. لا نغفل أن عشرات العائلات السياسية اللبنانية من أصول سورية، وصولاً الى سعيد عقل، و…فيروز!
العرب عائدون أفواجاً أفواجاً الى ضفاف بردى. لماذا يفترض بنا أن نكون ركاب العربة الأخيرة من القطار، ونحن المعنيون اقتصادياً على الأقل وأكثر من أي بلد عربي ؟ في المعلومات أن القنصلية السعودية ستفتتح قريباً ليلي ذلك افتتاح السفارة .
مسألة اعمار سوريا كانت في أساس المحادثات (الهامة جداً) بين الرئيس بشار الأسد والشيخ محمد بن زايد. بالرغم من كوننا في حالة اللادولة، لا نزال نخشى المطرقة الأميركية. يا جماعة أنظروا ما يفعله العرب الآخرون …
المعلومات تتحدث عن خطط لمشاركة بلدان خليجية أخرى في اعادة الاعمار. التنين ينتظر الخطوة الأخرى للولوج الى سوريا من البوابة الخليجية. كيف سيكون عليه المشهد السوري بعد سنوات، اذا تدفقت الاستثمارات الصينية؟
سوريا مقبلة على مرحلة جديدة. على الشركات اللبنانية التي تراهن على المساهمة في عملية الاعمار، أن تضغط على أهل السلطة كي يشربوا “حليب السباع”، ويطرقوا أبواب دمشق (الأبواب السبعة)، حتى لا تبقى تلك الشركات خارج العملية، وهي التي تراهن على ذلك للخروج من حالة الموت السريري التي ضربت البلاد.
زميل مصري قال لنا: “أمركم غريب في لبنان. لا تخافون من “اسرائيل” وهي على حدودكم، وتخافون من أميركا التي قد تكون بحاجة اليكم”… ردي الضاحك “لأن صواريخنا تصل الى “تل أبيب” ولا تصل الى واشنطن”. عسى أن يزودنا الرفيق كيم جونغ ـ أون بالصواريخ العابرة للقارات.
هل حقاً أن من بين المواصفات غير المعلنة لصاحب الفخامة أن تكون العودة الى “الحضن العربي” عبر البوابة السورية؟ لا اعتراض من الرياض. أبو ظبي ترحب. ماذا عن قطر التي يفترض ألاّ تكون في آخر القافلة. كيف يمكن اقفال فم فيصل القاسم بالشمع الأحمر، اذا قرأتم تغريداته المخزية ضد سوريا؟
ما يعنينا أن يكون هناك تفاهم شامل حول العودة الى سوريا، التي لا بد أنها تخلت عن منطق عنجر وعن سياسة عنجر. ليدرك ذلك سمير جعجع الذي نعلم أنه كبير الخاسرين من اتفاق بكين (ولا نريد أن يكون أي فريق خاسراً)، في حين يتردد أن نوعاً من الضبابية يسود الآن العلاقات بين الرياض ومعراب.
الدنيا تتغير (يا حكيم). كلنا نتغير. أنت تعلم، وقلت لنا ذلك ذات يوم، أن مصالح الدول فوق مصالح الأحزاب وفوق مصالح الأفراد. هذا هو منطق الأشياء وقوة الأشياء، كما قال فرنسوا ميتران.
المصدر:الديار: نبيه البرجي