لماذا يتبخّرُ البنزين بسرعةٍ من السّيّارات؟
صدى وادي التيم – لبنانيات/
يتفاجأ كثيرون من استهلاك سيّاراتهم لكميّاتٍ كبيرة من البنزين، وتتعدّد التّكهّنات بين مَن يُحمّل أصحاب المحطّات المسؤوليّة وبين مَن يُرجع المُشكلة إلى الرّقابة الغائبة وأسعار المحروقات التي تُحلّق يوميًّا من دون أيّ سقفٍ نتيجة تفلّت سعر صرف الدّولار أمام الليرة اللبنانيّة.
يشكو رامي من هذا الوضع بعدما جرّب أكثر من محطّة في منطقته ولم يُجدِ الأمر نفعًا. “حتمًا هناك مُشكلة في البنزين.. فمن غير الطّبيعي أن أُغيّر 5 محطّات ويختلف الاستهلاك من محطّة إلى أخرى. مع العلم أنّ المسافة التي أقطعها بالسّيّارة هي نفسها يوميًّا، من المنزل إلى العمل”، وفق ما يُخبر “الأفضل نيوز”.
ويُضيفُ: “عرضتُ السّيّارة على أكثر من ميكانيكي، أكّدوا لي أنّها خالية من المشاكل التي يُمكن أن تؤثّر على العدّاد أو على الاستهلاك”.
ميرا أيضًا تواجه المُشكلة نفسها، وتروي لموقعنا كيف يتبخّر البنزين من سيّارتها بسرعةٍ كبيرة: “عندما أملأ السّيّارة بالوقود في المحطّة، ينخفضُ عدّاد البنزين بشكلٍ لافتٍ بعد القيادة لبضعة كيلومترات، وكأنّني ملأتها بالماء بدل البنزين!”. وتلفتُ إلى أنّ هذا لم يكن يحصل في السّابق، مُشدّدةً على أنّ سيارتها لا تُعاني من أيّ أعطال تُسبّب تهرّب البنزين”.
يُعلّق عضو نقابة أصحاب محطّات المحروقات ورئيس مجموعة “بركس بتروليوم” د. جورج البركس، على هذا الموضوع قائلًا في حديثٍ لـ”الأفضل نيوز”: “في ظلّ الأوضاع الاقتصاديّة الصّعبة، باتت صيانة السّيّارات تُكلّف أثمانًا باهظةً ممّا يدفع المواطن إلى تأجيل تغيير بعض القطع أو إصلاح تفاصيل معيّنة في السّيّارة، وهذا قد يكون السّبب الأساس وراء زيادة استهلاك البنزين”.
وتتردّدُ معلومات عن مجموعة عوامل قد تكون السّبب، مثل التّخزين من ناحية الطّريقة، والمدّة حيث يفقد البنزين جزءاً من الأوكتان؛ ما يعني انخفاض قدرته على الاشتعال الفعّال داخل المحرّك، بالإضافة إلى نوعيّة البنزين المُستورد من جهة شراء السّعر الأفضل والتّوجّه نحو استيراد ما هو أرخص، ومُشكلة الغشّ في مزج البنزين بموادٍ أخرى مثل الإيثانول والماء.
يردّ البركس شارحًا أنّ البنزين يُخزَّن في المحطّات بخزّانات تحت الأرض وفق مواصفاتٍ مُحدّدةٍ تخضع لشروطٍ معيّنة وضعتها وزارة الطّاقة وبطريقةٍ سليمة. بالنّسبة للمدّة، لا أحد يُخزّن الكميّات لوقتٍ طويلٍ؛ لأنّ البنزين يتفاعلُ مع الهواء ممّا يؤدّي إلى تبخّر نسبةٍ منه. وأيّ محطة تخزّن كميّةً من البنزين طويلًا، تخسر حتمًا جزءًا من الكميات عن طريق التبخّر، لذلك يجب أن يُباع البنزين بسرعة وإلّا يخسر صاحب المحطّة الكميّات الموجودة عنده.
وفي ما يتعلّق بالمواد المُستوردة، يُشدّد البركس على أنّه لا يُمكن للباخرة أن تُفرغ حمولتها قبل الحصول على إذن تفريغ من المُديريّة العامّة للنّفط، التي بدورها لا تُعطي إذنًا إلّا إذا كان البنزين مُطابقاً للمواصفات اللبنانيّة المُعتمدة في ما خصّ الأوكتان وغيره. فلا يُمكن استيراد نوعياتٍ رخيصة، إذ إنّ المستوردين مُلزمون على الإتيان بالبنزين وفقًا للمواصفات وإلّا لا تحصل الباخرة على إذن تفريغ.
“لا بنزين يتبخّر بسرعة” يقول البركس. ويعتبر أنّ المواطن يشعر كذلك؛ لأنّ الكلفة مُرتفعة مع وصول سعر التنكة إلى المليونَين، فيشعر السّائق أنّ مصروف سيّارته مرتفع. وينصحُ باعتماد الطّريقة العلميّة الوحيدة لقياس مصروف البنزين، وفق الكيلومترات التي تقطعها السّيّارة والمُقارنة مع نفس الحسابات سابقًا.
ولم ينكر البركس لجوء البعض إلى الغشّ في البنزين، إلّا أنّه يُشدّد على أنّها حالات استثنائيّة لا يجوز تعميمها على المحطّات. ويقول: “في حال عمد أصحاب بعض المحطّات إلى خلط البنزين مع مواد أخرى، فهذا غشّ وحالة استثنائيّة”، لافتًا إلى أنّ وزارة الاقتصاد مسؤولة عن مُراقبة النّوعيّة والغشّ في هذه المواضيع.
هنا تُشير مصادر وزارة الاقتصاد والتّجارة إلى أنّ “وزارة الطّاقة هي التي تكشف على نوعيّة البنزين قبل دخول المادة إلى الأسواق، ولم تصلنا أيّة شكوى في الفترة الأخيرة كما تمّ أخذ عيّنات عشوائيّة جاءت نتائجها مُطابقة، ولم تظهر فيها أيّ مُشكلة”، لافتةً إلى أنّ وزارتَي الاقتصاد والطّاقة تقومان بواجباتهما ولكن لا يُمكن التّأكّد مئة في المئة من أنّ كلّ المحطّات تقوم بتخزين مادة البنزين بالطّريقة الصّحيحة”.
وتُضيف المصادر لموقعنا، إنّه “في الفترات السّابقة قبل رفع الدّعم عن المحروقات، كانت تخرج بعض العيّنات غير المُطابقة للمواصفات وكان التّخزين يتمّ أحيانًا في الغالونات أو مع الماء. ولكن اليوم ليس هناك أيّ شكوى حول بنزين مغشوش”.
إذًا، لا مُشكلة في البنزين وفق المعنيّين… هل يتوهّم المواطن الذي لا يتحرّك بسيّارته إلّا عند الحاجة، أنّ البنزين يتبخّر بسرعة؟!.
المصدر: كريستال النوّار – خاص الأفضل نيوز