هل تجرُّ إسرائيلُ المنطقةَ إلى حرب؟
صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية /
لعل ما تحدث عنه الإعلام الإسرائيلي اليومَ من أوهام وأكاذيب حول تسلّل عنصر من لبنان إلى فلسطين وهو يتزنّر بحزام ناسف ويُشتبه بانتمائه إلى الحزب ، ثم ملاحقته وقتله دون عرض صورة واحدة له، لا ينبّئ إلا بنيّة عدوانية تجاه لبنان تخرج حكومةَ نتنياهو من مآزقها المتعددة وتحاول ترتيب الأوراق في المنطقة من جديد، لا سيما بعد الصفعة المدوية التي تلقتها من المملكة العربية السعودية والمتمثلة بالاتفاق السعودي الإيراني الذي أبرم برعاية صينية، والذي قطع الطريق على التطبيع مع العدو الصهيوني وأفشل كل محاولات استخدام المملكة كحائط صدّ في أية حرب محتملة مع إيران على حدّ تعبير الإسرائيليين أنفسهم.
فحكومة نتنياهو المتطرفة التي تواجه أعتى المظاهرات في شوارع تل أبيب وفي المدن الرئيسية الثلاث بسبب قانون الإصلاحات القضائية ظاهرياً، وبسبب خوف المستوطنين الصهاينة من حماقات بن غفير التي تهدد كيانهم بأزمة وجودية لم تشهدها إسرائيل منذ نشأتها عام 1948على حدّ تعبيرهم أيضاً ، قد لا تجد مخرجاً من هذا التخبط إلا بشن عملية عسكرية خارج الحدود وكما جرت العادات والتقاليد الإجرامية الصهيونية، ويتعزز هذا الخيار العدواني كلما شعر الصهاينة بانسداد الآفاق على المستوى السياسي وكلما زاد الانقسام الداخلي حدةً، بل كلما تزايد الخطر الوجودي على هذا الكيان المجرم وأضحى خيار الهجرة المعاكسة لا بديل عنه ولا بدَّ منه لدى المستوطنين الغرباء الذين لم يشعروا يوماً بأنهم آمنون رغم الأعمال الدعائية والإعلامية والجهود الحثيثة لتثبيتهم في هذا الكيان المصطنع.
وحتى لو كان مهندس الاتفاق السعودي الإيراني هو السيد علي شمخاني والذي سيتوجه إلى الإمارات العربية المتحدة غداً حاملاً معه الكثير من الأفكار التي تنطلق من حاجات شعوب المنطقة أولاً، إلا أن ملاقاة الأمير محمد بن سلمان للإيرانيين إلى بكين واختياره لسياسة التوجه نحو الشرق ورفضه الانحياز في الحرب الروسية الأوكرانية، وتمرده على الإملاءات الأمريكية ورفضه للتطبيع مع إسرائيل من خلال وضع شروط قاسية عليها والانطلاق من مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة في قمة بيروت عام 2002، كل ذلك قد أقلق إسرائيل التي تتخبط اليوم في صراعاتها الداخلية وقضّ مضجعَ حكومة نتنياهو المجرمة وقد يدفعها إلى ارتكاب حماقات من أجل تحسين صورتها في الداخل أولاً ولدى كثير من الذين قد طبعوا العلاقات معها واعترفوا بشرعية وجودها دون الحصول علي أية مكتسبات والذين قد يتنصلوا من التزاماتهم تجاهها كالبحرين والإمارات والسودان والأردن والسلطة الفلسطينية….
وإن زيارة الرئيس بشار الأسد اليوم إلى موسكو من أجل التمهيد للقاء الرباعي الذي سيجمع كلاً من وزراء خارجية روسيا وسورية وتركيا وإيران يبشر بتغيرات وتحولات إقليمية ودولية تجعل محور ا ل م ق ا و م ة والممانعة أكثر قوةَ وصلابةً في مواجهة محاولات التمدد والتطبيع الإسرائيلي ويقضي على مشروع أبراهام في مهده فيعود كيان الاحتلال إلى نقطة الصفر، وهو الذي كان يظن بأنه من خلال التسويات المرحلية مع الحكومات المطبّعة قد تتقبله الشعوب العربية والإسلامية.
ولعل أكثر العوامل التي تعزز احتمال نشوب الحرب، هو تنامي العمليات الفدائية البطولية في الداخل الفلسطيني وتحقيقها للأهداف المتوخاة منها، هذه العمليات التي أشعرت كل مستوطن غريب بالخوف والقلق على مصيره ومصير كيانه الكرتوني القابل للتمزق والاحتراق، والتي عززت ثقة المواطن الفلسطيني بنفسه وقدراته وأظهرت عجز المتطرفين ا ل ص ه ا ي ن ة عن تحقيق أمن المستوطنات، ونالت من هيبة الكيان وحكومته، كما يقول الإعلام ا ل ص ه ي و ن ي، لهي بالغة الأهمية بلا شك…
ومن هذه المنطلقات، وغيرها من العوامل الداخلية اللبنانية المساعدة مع الأسف، قد تندفع إسرائيل إلى شن عملية عسكرية في جنوب لبنان بهدف القضاء على المقاومة وسلاحها وفرض خيارات سياسية جديدة كما فعلت في صيف العام 1982 مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولأنها خابت في تمهيد الطريق إلى حرب مع إيران بمساعدة العرب أو انطلاقاً من بلاد العرب..
هذا ما قد تفكر به إسرائيل وتقدم عليه، ولا يعني ذلك بأنها لن تخيبَ مجدداً، فالمقاومة اليوم في لبنان وفي فلسطين أقوى من أي وقت مضى وأكثر عدةً وعدداً وأصلب عوداً وهي تقف اليومَ بالمرصاد لكل محاولات العدو وأطماعه، لا بل قد تكون هذه الحرب بدايةً لخلاص لبنان من عذاباته رغم بشاعة الحرب، فلبنان اليوم الذي يشهد انهياراً في كل القطاعات لن يكون الخاسر الأكبر في حسابات المفكرين الصهاينة لأن ما يعانيه اللبنانيون من أزمات قد تجاوز مفاعيل الحرب وأهوالها…
المصدر: يحيى الإمام – خاص الأفضل نيوز