الحربُ العالميّة الثالثة

 

صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية /

 صوّبت أميركا اهتمامَها بتركيزٍ شديدٍ على الصّين في الأسبوع الماضي بعد إسقاطها المنطاد الصّيني وانتشالِ حطامِه وتأكيدِها أنّه منطادُ تجسّسٍ، وقد تذكّر المتابعون طائرةَ التّجسّس الأميركيّة – يوتو – التي حلّقت في خمسينات القرن الماضي فوق الاتّحاد السّوفياتي، وتمكّنت الأجهزة الرّوسية من إنزالها بكامل عَتادها، وأدّى هذا إلى أزمةٍ سياسية بين واشنطن وموسكو، كان العهد الأميركي عهد كندي، وكان العهد السّوفياتي عهد خروتشوف.

التّجسس طبيعة الأقوياء، والأقمار الصناعية تجوبُ الفضاء في مهمّات تجسّسية، لكن الولايات المتّحدة اتخذت من المنطاد الصّيني وسيلة للإقدام على تضيق الخناق على الصين، فطلبت من كل من هولندا والدانمارك التّوقف عن تزويد الصين ببعض الرّقائق الإلكترونية التي تخدم التّكنولوجيا الصّينية، وهي تضغط على كوريا الجنوبية لتقليص تجارتها الإلكترونية مع الصين، وعقدت مع الفلبين اتفاقاً لبناء قاعدة عسكريّة جديدة على إحدى جزرها غير المأهولة، وانفتحت على الهند لتطوير الاتفاقات المُبرمة معها بشأن التّكنولوجيا المتقدمة، لإغاظة الصين.

 الغريب أن موقف الصين لم يكن عنيفاً ضدّ الإجراءات الأميركية، فهي نفت أن المنطاد كان لأغراض التّجسس، واعتبرت أن ردّ الفعل الأميركي كان مبالغاً فيه، وأنه لا يجب أن تتأثر العلاقات بين البلدين، كما اعتبرت أن إلغاء أو تأجيل زيارة وزير الخارجية الأميركي بلنكن إلى العاصمة الصينية، شأن أميركي، فالصين أرادت التّهدئة علماً بأنها غير راضية عن عقود التّسليح الأميركية مع تايوان، وأنها أوجدت مناخاً منذ شهور وكأنها تستعدّ لغزو الجزيرة التّايوانية التي تعتبرها أرضاً صينيّة، وترى أن مسألة استرجاعها مسألة وقت فقط.

 يبدو أن أميركا تعود إلى سياسة الاستقطاب الدّولي، وحدّدت موقفها من العالم على ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، وجعلت روسيا والصين وإيران في محور واحد وإن بنسب متباينة، وسحبت كل أوروبا معها إلى كييف وكأنها الحرب العالمية الثالثة.

المصدر: د. يوسف الصميلي – خاص الأفضل نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى