منفذية راشيا في “القومي” كرّمت الأمين الراحل حمد زيتون في أربعينه بحفل شعبي وحزبي

صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم/

زيتوني: أمتنا لن تقبل بما يفرضه أعداؤها عليها لأنها آمنت بأن قوتها القومية هي القول الفصل في إحقاق حقها المطلق فوق ترابها

أبو فاعور: نحتاج إلى الرحابة الفكرية والسياسية والوطنية لكي نخرج من أزماتنا وهذه المنطقة انتمت للأفكار الكبرى بأنطون سعاده وكمال جنبلاط

مهنا: مثّل قدوة القومي الاجتماعي بالوعي والمعرفة والثقافة والسلوك والانفتاح والمحبة والثبات والالتزام في الوطن كما في المغترب

شرقيّة: أصحاب السعادة الحقيقيّون هم مَن يحملون فكر أنطون سعاده لأنهم حازوا الأمانة على الوطن والقوة في الكفاح

زيتون: كانت وصيته التي حفرها في وجداننا أن نحمل رايته وننهج طريقه بلا تردد أو خوف أو تراجع وإننا لملتزمون

يوم الأحد 8 كانون الثاني 2023 انحفر بأحرف من نور نسجتها ألسنة 8 خطباء في الحفل التكريمي في أربعين الفقيد الأمين حمد فارس زيتون. وإذ عرف القوميون الاجتماعيون في تاريخهم أياماً مشهودة بالمآثر والوقائع التي لا تمحوها الأيام والسنون، وبها يفاخرون، كيوم بكفيا، ويوم بشامون، ويوم عماطور، ويوم دير الغزال، فإن يوم راشيا (8 كانون الثاني 2023) سيضاف إلى هذا السجل الماسيّ لحزب يقارب مئويته الأولى باتجاه الانتصار التاريخي، مهما طال ميعاده.

وكرّمت منفذية راشيا في الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين الراحل حمد فارس زيتون في قاعة الأديب سعيد تقي الدين في مركز المنفذية، الأحد 8 كانون الثاني (2023) بذكرى أربعينه، باحتفال شعبي وحزبي حاشد.

حضر الاحتفال وفد مركزي من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة الدكتور وليد زيتوني، ورئيس المكتب السياسي في الحزب القومي الأمين محمود خليل، وضم عدداً من أعضاء المجلس الأعلى في الحزب وأعضاء المحكمة الحزبية، وعضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور، والأمين العام للحزب اللبناني الديمقراطي الدكتور وسام شروف ورئيس دائرة الحزب في منطقة راشيا هيثم الحجلي ورئيس دائرة حاصبيا مرجعيون بسام كزيلا على رأس وفد من الحزب. والأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي النائب السابق فيصل الداوود على رأس وفد من الحركة. مستشار رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط حسام حرب على راس وفد حزبي تقدمي. 

وحضر ممثلو النواب حسن مراد والحاج قبلان قبلان وشربل مارون، ومسؤول العلاقات العامة في الحزب الحاج ميثم، ممثل حركة أمل الحاج محمد الخشن، عبده زيتون عن حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، ونائب الأمين العام للحركة الأستاذ طارق الداوود، رئيس التيار الشعبي الدكتور فواز فرحات، قائمقام راشيا نبيل المصري، قائمقام البقاع الغربي السابق عمر ياسين، وفد من التيار الوطني الحر، ووكيل داخلية البقاع الجنوبي عارف أبو منصور على رأس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي، وعضوا المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال وشوقي أبو غوش، والشيخ بشير حماد، الشيخ أيمن شرقية، والنقابي أكرم عربي، والمربي علي فايق، مدير فرع بنك بيروت والبلاد العربية الأستاذ جميل زوين، ورؤساء بلديات راشيا رشراش ناجي، كفرمشكي كمال السيقلي، دير العشاير أحمد نصر، الدكاترة أسد شرف الدين وعلي أبو زور وصالح دهام، رئيسة مؤسسة سعاده للثقافة الدكتورة ضياء حسان على رأس وفد من المؤسسة، الدكتور شوقي أبو لطيف، الدكتور حمد أبو ضرغم، الدكتور نسيب أبو ضرغم، مدير ثانوية حرمون علي أبو لطيف، رئيس جمعية الإنماء والتراث الشيخ زياد العريان، الأمين محمد غملوش، الأمين توفيق مهنا، الأمين نظام دهام، الأمين كمال عساف، الأمين غازي أبو كامل، الأمين جميل راجح، ومخاتير راشيا الشيخ أحمد ابو منصور وكمال ناجي، وحاصبيا الشيخ أمين زويهد، وبكيفا عماد شروف، ومجدل بلهيص حسان الغضبان، وعين عطا علي أبو سعيد.

وحضر أيضاً منفذ عام الغرب وائل ملاعب على رأس وفد حزبي، منفذ عام حاصبيا ماجد الحمرا، منفذ عام راشيا خالد ريدان وهيئة المنفذية، ووفود حزبية من منفذيات زحلة والبقاع الغربي وحاصبيا، وفد حزبي من منفذية الشوف، والشاعر نزيه ابو زور، إضافة إلى وفود حزبية وشعبية من منطقة راشيا وحاصبيا والبقاع الغربي وفعاليات تربوية وسياسية واجتماعية وبلدية واختيارية واقتصادية وإعلامية.

ومثل أسرة الفقيد الأمين حمد زيتون الدكتور فارس زيتون وزياد دهام وعماد دهام.

عرّف الحفل الإعلامي هاني سليمان الحلبي مرحباً، وبدأ البرنامج بعرض فيديو وثائقي عن سيرة الراحل لمدة خمس دقائق.

هاني الحلبي

مهنا

تحدّث الأمين توفيق مهنا باسم أصدقاء ورفقاء الفقيد، عائداً بالذاكرة عقوداً إلى الوراء في الزمن، معدّداً نضاله، ومزاياه، حيث شكل مسيرة مديدة من العمل الحزبي والاجتماعي والكفاح الطويل بين لبنان والولايات المتحدة، منوهاً إلى ان رعايته إنشاء مركز منفذية راشيا شكل استثماراً كبيراً يملكه الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الثالث على مستوى دول الهلال الخصيب.

وقال: الأمين حمد زينون مثل هذه القدوة، في الوعي والمعرفة والثقافة والسلوك والانفتاح والمحبة والثبات والالتزام وتحدي الصعاب دون أن تفتر لإرادته عزيمة، فكان منظومة وقدوة تجسّدت في ما عاشه بجوارحه في الوطن كما في المغترب.

وأضاف، لقد حمل الراحل في الوطن رسالة وهاجساً نابعاً من هذه الأصالة التي جسّدها، رسالته بناء الأسرة وهذا الصرح بعزيمة وإرادة ومبادرة، فكان الأمين حمد زيتون حجر زاوية في هذا البناء إلى جانب آخرين أكملوا المسيرة، من أمناء ومنفذين عامين وأصدقاء وخيّرين.

ليختم الأمين توفيق مهنا، أن غياب الأمين حمد زيتون عن مسرح العمل والحياة خسارة كبيرة لا تعوّض، فكانت الخسارة في كل بيت ومن عرفه، لأنه كان منفتحاً في عمله، فكان رسول وحدة ومحبة وانفتاح، فكان الرجل القدوة على مساحة راشيا والمنطقة، وبهذه الروحية جسّد الأمين حمد زيتون حياته.

الشيخ شرقية

عضو إفتاء راشيا الشيخ أيمن شرقية ألقى كلمة في حفل تكريم الراحل الأمين حمد زيتون قال فيها: لقد قلتها سابقاً في مناسبة في بلدة لبايا بأن “أصحاب السعادة الحقيقيين هم مَن يحمل فكر أنطون سعاده”، وإنْ شارك هذا اللقب أصحاب السعادة فإن أصحاب السعادة أنتم، لكن لا بد أن نعطي كل ذي حق حقه.

واضاف شرقية، من هنا نقول: الراحل كان قوياً لأنه كان ثائراً منذ العام 1949حيث شارك في ثورات عدة واكتسب قوة الائتمان على الجيل فأسس مؤسسات تربوية واجتماعية وكان حقاً قوياً فشارك في انقلاب يغيّر مسير الأمة، من هنا استحق اللقب القوي الأمين.

ليختم الشيخ أيمن شرقية، لا شك في أن كل من يفكر بأن يتصدّر قرارا أو يكون على رأس مسؤولية أن يكون قوياً أميناً. فبارك بهذا التراب وبهذه الأسرة التي كانت منها القوة والأمانة، وبارك بكم يا أصحاب السعادة والقوة والأمانة.

وقال: إذا كان من ركائز القائد الناجح قيمتا (القوة والأمانة)، وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى (إنّ خير من استأجرت القوي الأمين)؛ ولذا فقد حاز فقيدنا الراحل على اللقبين معاً فقد استحقّ لقب القويّ إضافة الى رتبة الأمين، فكان (القويّ الأمين) قوياً في كفاحه وأمينًا على وطنه.

ملاعب

وألقى الشاعر وائل ملاعب قصيدة أشار فيها إلى وحدة النضال القومي، عندما يجمع الإيمان بقضية واحدة القلوب والسواعد لنصرة الأمة بما يتجاوز البعد الشخصي والفردي.

أبو فاعور

النائب وائل ابو فاعور قال: “عندما دعاني الصديق الدكتور فارس زيتون الى المشاركة في احتفال التأبين هذا وإلى إلقاء كلمة، بالتأكيد شعرت بالحزن الشديد، ولكن أيضاً شعرتُ بالتعزية الشديدة التي تبلغ حدود الفرح. الحزن هو على فقدان هذه الشخصية, هذه الشخصية المحبّبة, هذه الشخصية الأنيسة واللطيفة الودودة, المنفتحة الواعية”.

وأضاف: “العم أبو غيث هذا الرجل الذي أدّعي أنني على المستوى الشخصي كان بيني وبينهُ من الودَّ والمحبةَ ما يرقى الى حدود الصداقة، رغم فارق العمر ورغم فارق التجربة ورغم فارق القدر، وهو القادم من تجربة حزبية وسياسية ونضالية في الحزب السوري القومي الاجتماعي تجربة عريقة. العم أبو غيث كان يشبهُ هذا الوادي وادي التيم, هذا الوادي الذي انحاز الى الأفكار الكبرى والى الطموحات الكبرى, هذا الوادي الذي في منتصف القرن انحاز الى الفكرة، والعم أبو غيث كان من أهل الفكرة، ولم يكن لا من أهل الغريزة ولا من أهل القبيلة ولا من أهل التعصّب، كان من أهل الفكرة. هذا الوادي انحاز الى فكرة أنطون سعاده وما حملته هذه الفكرة من طروحاتٍ راقيةٍ. وهذا الوادي انحاز ايضاً الى كمال جنبلاط، انحاز الى كمال جنبلاط أيضاً وكمال جنبلاط كما أنطون سعاده كان فكرة وللأسف كالعادة هذا الشرق في مساوئه لكل فكرة مقصلة، فكرة كمال جنبلاط رغم اختلافها عن فكرة أنطون سعاده وتمايزها وتباينها كانت فكرة ومقصلة أنطون سعادة رغم تباينها واختلاف اسمها لا تختلف عن مقصلة كمال جنبلاط.

ورأى: العم أبو غيث مصدرُ فرحي وتعزيتي أن هناك من يحمل إرثه في عائلته الصغرى وفي عائلته الكبرى في حزبهِ السوري القومي الاجتماعي. والعم أبو غيث كان صاحب انتماء حزبي واضحٍ صادقٍ معلنٍ. وهذا الانتماء لم يعبر عنه بالكلمة بل عبّر عنه بالنضالات والتضحية, ولكن كان صاحب فكرةٍ، فكرة قبول الآخر والانفتاح على الآخر”.

وقال: “أحياناً يُعرَف الناس بأحزابهم، ولكن أحياناً تُعرف الأحزاب بناسها. العم أبو غيث هو من الناس الذين يُعرَف الحزب السوري القومي الاجتماعي به ويعرف الحزب التقدمي الاشتراكي به وتعرف كل أحزاب وتلاوين هذه المنطقة به، لأنه كان يمثل روحية هذه المنطقة, في قبول الآخر في الانفتاح على الآخر لم يكن صاحب عصبيةٍ ولا صاحب تطرّف. وفي كل لقاءاتنا وفي كل تجاربنا وفي كل عملنا المشترك منذ العام 2005 في هذه المنطقة حيثما حل العم أبو غيث كانت تحل هذه الروحية. لم يكن يرى أعداء, أعداء الخارج ممكن لكن العم أبو غيث لم يكن يرى أعداءً في الداخل, كان يرى صديقاً أو احتمال صديق كان يرى في كل الناس أصدقاء أو احتمال أصدقاء أو نظراء أو شركاء، لم يكن يرى أعداء, وأنا أقول بصراحة أن العم أبو غيث هو من الناس الذين، وأنا لا أقرأ موعظةً على أحد، أنا أقرأ موعظةً على نفسي في انتماءاتنا الحزبية والسياسية والفكرية ولا ننظر الى الآخرين إلّا نظرة ودّ. العم أبو غيث هو الذي ساهم إضافة الى آخرين في الحزب التقدمي الاشتراكي وفي الحزب السوري القومي الاجتماعي وفعاليات وشخصيات ومكونات أساسية في هذه المنطقة في إرساء علاقة الودّ, رغم الاختلاف ورغم الخلاف بين أحزاب هذه المنطقة وبين مكوّنات هذه المنطقة. كان العم أبو غيث رحباً وهذه الرحابة الفكرية والسياسية والاجتماعية والحزبية هي ما نحتاج اليها في مجتمعنا وفي وطننا, ونحن اليوم في وطننا في ما نقاسي من مآسي لن ينقذنا إلّا هذه الرحابة. على أمل أن تسود هذه الرحابة بين أبناء الوطن لكي نخرج من أزماتنا”.

وختم أبو فاعور: “التعزية لعائلة العم أبو غيث الصغرى ولعائلته الكبرى للرفاق في الحزب السوري القومي الاجتماعي والتعزية لهذا الوادي, لهذا الحضور اليوم كما الحزن المقيم في كل بيت على رحيل العم أبو غيث. التعزية الوحيدة في أن نحفظ هذا الإرث وأن نحفظ هذا الميراث وأن نحفظ هذه الروحية”.

وائل أبو فاعور

أبو زور

والقى الشاعر نزيه ابو زور قصيدة لاقت استحسان الحضور.

الشاعر نزيه ابو زور

زيتون

وألقى كلمة الأسرة الدكتور فارس زيتون، مشيراً إلى قسوة نبأ الفقدان، وردة الفعل عليه بالتكاتف وشبك السواعد والقلوب، مشيراً إلى تاريخ مديد من المحبة والود والكفاح خبره مع والده، مكتنزاً خبرته ونصائحه سلاحاً وزاداً لصروف الأيام، مستقرئاً وصيته الأثيرة إلى الأسرة لحمل الراية بعده بلا تفرقة او تفاوت او تقصير، فيبقى بيته مفتوحاً ومضيئاً بالقيم نفسها التي حملها والده حمد زيتون نبراساً لحياته.

وقال: سأعودُ بالذاكرةِ إلى اللّحظةِ ذاتِها، بُعيْدَ مغربِ الثامنِ والعشرينَ من تشرينِ الثاني الماضي، حينَ تلقيْتُ الرسالةَ الصّوتيّةَ _ النّبأ، التي جاءَ فيها أنّ شمسَ تسعينَ سنةً قد غابَتْ، وأنّ روحًا ْبكلِّ لحظاتِ شهيقِهِا وزفيرِها، قد استسلمَتْ لمشيئةِ الحقّ، وأنّ عمادَ بنيانِنا الأساس، قد تصدّع لكنَ ركائزَه راسخةٌ وعميقةٌ ولا يسقطُ…

فتنادَيْنا على عَجَلٍ بعد دُنُوِّ الأجل، نسابقُ اللحظة نرجوها انْ تشدَّ بعقاربِ الزمانِ إلى الوراءِ الجميل. وتكاتفْنا إخوةً وأخواتٍ، فرادًى وجماعاتٍ، أصدقاءَ، أقرباءَ، جابرين للخواطرِ ورفقاء. نَشْبُكُ ُالساعدَ بالساعد، ونضعُ اليدَ باليدِ، نَذْرُفُ الدمعةَ، نَشُدُّ الهِمّةَ، فتقوى اللمّةُ على رأبِ جراحِ الفِراق… فأبي الراحلُ لم يَشِدْ منزلاً وبنياناً، فحَسب بل بنى إنساناً… صالَ وجالَ، تَكَبّدَ المشاقَ لنفوزَ في سباقِ الحياة، وتحمّلَ الألمَ والفراقَ لنكونَ الأمل.

أينما كانتْ روحُكَ الآن، أيُّها الساكنُ في أرواحِنا سلامٌ عليها…

عندَ كلِّ مساءٍ وصباحٍ سلامٌ عليها…

في كلِّ غَدوَةِ نورٍ ورواحٍ سلامٌ عليها…

وسلامٌ عليك…

سنفتقدُكَ، ونفتقدُ النّظرَ إلى حضورِكَ الجميلِ، ونشتاق إلى كلامِكَ الآسرِ، وتوجيهاتِكَ الحكيمة.

وفيما أنا أقفُ الآنَ أمامَكم ومعكم سأُخرِجُ من جُعبتي وصيّةَ أبي وقد كتَبَها بحبرِ تسعةِ عقودٍ، أمضى أكثرَ من نِصفِها في العطاء الدائمِ، ووقفاتِ العزّ. سأتلو على مسامعِكم، الوصيّةَ التي لم يَمهَرْها في محكمة، أو يُحصّنْها في قانون، والتي أودعها في خزائنِ ذواتِنا وضمائرِنا وشَمَلَ بها كلَّ قريبٍ وبعيد. وقد جاء فيها: كونوا القومَ الصُلَحاءَ لمجتمعِكُم الصغيرِ والكبيرِ، للقريبِ والبعيدِ، قِفُوا معَهُ في سرّائِهِ وضرّائِهِ، في أفراحِهُ وأتراحِهِ، في حُلوِهِ ومُرِّهِ..

أعطُوا ما أوتِيتُم، وامنحُوا ما قدِرْتُمْ، من دون أن تميّزوا بين مذهبٍ أو طائفةٍ، ومنْ دونِ أن تتوقَّفوا عند أيِّ انتماءٍ اجتماعيٍّ او سياسيّ، والتزموا بقضايانا الإنسانيةِ، والاجتماعيةِ، والقومية.

ونقولُها لكَ وأنتَ في عليائِكَ سنظلُّ الأبناءَ الأوفياءَ لهذهِ الوصيّة وهذه الأقانيم. وسنبقى متابعينَ لرسالتِكَ التربويّةِ في المنطقةِ التي أحببْتَ، وعبرَ مؤسستِكَ التي أعليتَ، حيثُ أردْتَها عنوانًا وسبيلاً لتنشئةِ جيلٍ صالحٍ، ومتعلّمينَ يُعلوْنَ شأنَ الوطنِ والأمّةِ، وان نقتفي نهجَك ومسارَك قدوةً صالحة…

ختامًا باسمي وباسمِ عائلتي أتقدّمُ بالشكرِ العميقِ من الشخصيّاتِ الاجتماعيّة والدّينيّة والسياسيةِ والحزبية والعسكريّةِ والتربويةِ والثقافيةِ والإعلاميّة والبلديةِ والاختياريّة، ومن الحضورِ الكريمِ فردًا فردًا على المشاركةِ في هذا الحفلِ التكريميّ. كما أنحني تقديرًا لكلّ الخطباءِ المشاركين الذين أدلوا بشهاداتِهِم المعبّرةِ التي تنمُّ عن صدقٍ ووفاءٍ، وأشكر وأقدّر مسبقاً كلمةَ المندوبِ المركزيِّ الأمينِ الدكتورِ وليد زيتوني ممثلًا مركزَ الحزبِ السوريِّ القوميّ الاجتماعيّ.

كما أوجّهَ أسمى آياتِ الامتنان للأمناءِ والرفقاءِ والأصدقاءِ الحزبيّين الذين رافقوا الوالدَ في حياتِهِ،ِ وشاركونا الحزنَ في وفاتهِ، وبعضُهم شاركنا اليومَ في حفلِ تكريمِهِ بذكرى أربعينه…

وبالطبع أيضاً أوجّه شكراً كبيراً لكلِّ الأصدقاءِ والرفاقِ مقترحِينَ ومخطِّطينَ ومُشرفينَ على تنظيمِ هذا الحفلِ وأخصُّ بذلكَ منفّذيّةَ راشيا في الحزبِ السوريِّ القوميِّ الاجتماعيِّ مسؤولينَ وأعضاءَ، وبخاصةً أنّ العديدَ منهم واكبَ والدي الفقيد حمد زيتون في إنشاءِ هذا الصرحِ الذي نجتمعُ تحتَ سقفِهِ الآن، والذي كانَ بالنسبة لهُ بمثابةِ بيتِهِ الثاني ومحطَّ فخرٍ واعتزازٍ له.

قيلَ: إنّ الرجلَ الكبيرَ لا ينتهي بمأتمٍ، وأنتَ يا كبيرَنا لن تنتهيَ بتأبينٍ أو مأتمٍ أو تكريم، لأنّ الكبارَ أمثالَكَ يكرّسونَ خلودَهُم في النفوسِ، كما الغيثُ يغيثُ الأرضَ العطشى إليهِ فيعُمُّ الخيرُ…

وأنت أبو الغيثِ يا أبا غيث.

دُمتمْ ودامتِ العزيمةُ ووحدةُ الروحِ، ودامتِ المحبّةِ بدوامِ العطاء.

زيتوني

عاد المندوب المركزي الأمين وليد زيتوني بالذاكرة خمسين عاماً إلى الوراء ليستذكر صفحات من تاريخ الحزب في منطقة راشيا التي ستبقى قلعة من قلاعه.

وكان الأمين زيتون أحد أعمدة التنظيم الحزبي إلى جانب كثيرين منهم هايل دهام وجميل العريان وجريس اللحام وكمال أبو لطيف، نظمي جمال، وأحمد حمود ورفيق سيف الدين، خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

وأشار إلى ان مصبغته في منطقة عين الرمانة كان مركز لتوزيع البريد الحزبي السري خلال عهد الطغيان بعيد المحاولة الانقلابية.

وجاء في كلمته:

“حين ترتاح القوافي على خدرها تتشظى حروف القصيدة، 

تسترجع زمنا،

تعيد نسجه سيرة ورواية.

وحين يحضر غياب الجسد، يتفكك الألم صورا،

يرتسم نبضا، في اخاديد الذاكرة.

هي الذاكرة، يا رفيقي، الامين حمد

أعادتني خمسين عاماً وأكثر،

أعادتني الى تعارفنا الاول، أمام مصبغتك التي كانت مقرا سريا لتوزيع البريد الحزبي بعيدا عن انظار سلطة القمع والتنكيل والعسس المأجورين.

يومها دعوتنا الى المنزل مساء،

وفي تلك الأمسية سمعتك تتكلم بشغف عن الشهيد الصدر عساف كرم القائد الميداني للثورة القومية الاولى وعن الرفيق زيد الاطرش قائد محور راشيا / حاصبيا في الثورة نفسها. وعرجت الى استشهاد الرفيقين رفيق سيف الدين وأحمد حمود غدراً، وكنت قد شكلت معهم والامناء جميل العريان، نظمي جمال، هايل دهام، شكيب بدور والرفقاء كمال ابو لطيف وآل معلولي ورفقاء آخرين من راشيا وعيحا وبكيفا وعين حرشة وعين عطا وكفرمشكي ومجدل بلهيص وينطا وكفرقوق ودير العشائر الكوكبة الأولى من الحزب في منطقة راشيا، ناشرين مفاهيم وقيم الحرية والواجب في منطقة كانت وستبقى قلعة من قلاع الكرامة.

عذراً إن خانتني الذاكرة فالأسماء التي عددتها يصعب استرجاعها على كثرتها، لكني لن انسى تلك الجملة التي قلتها لي عند المغادرة، “علينا بالعلم، فالعلم هو السلاح الأمضى في معركة تحرير وتوحيد الامة”.

وقال: نعم يا رفيقي، لم تكن هذه الجملة شعاراً فقط في مسيرتك، بل كانت نهجاً دائماً، عملت على أساسه وبه في بيتك ومحيطك. ساهمت بفعالية لإنشاء المؤسسات التربوية، والجمعيات التي ترفد هذا الاتجاه. اعطيتها من جهدك ومالك وثباتك الكثير…

فكان لك ما أردت: غيث علم، ورفيق نور وفارس معرفة وزهرات زرعتهن منارات وعي في معارج الحياة.

وتابع: غادرتنا يا رفيقي والأمة التي ناضلت من اجل استنهاضها تسبح في بحر الظلمات. كياناتها مشلعة، شعبها يئن من الجوع والفساد، والمحسوبيات والظلم. ثرواتها توزع إكراميات على منظومة النهب العالمية. استقلالها وسيادتها باتا حلماً لماضٍ جميل.

اما لبنان الكيان الذي اردناه نطاق ضمان للفكر الحر ومساحة لحرية الرأي، يتراقص مصيره على كف عفريت، فليس هناك من تباشير لرئيس جديد للجمهورية، او أمل بحكومة قادرة، ونواب الامة يحضرون لمسرح دمى معلقة خيوطه بالإرادات الخارجية. 

في لبنان فقط الطائفية تنتعش والاقتصاد ينكمش,

في لبنان فقط المذهبية تقوى والمواطنية تهوى.

في لبنان فقط العلم ينحسر والجهل ينتصر.

في لبنان فقط الدولار يرتفع والاحتكار ينتفع.

يتحدثون عن وطن معافى، والحقيقة أن لبنان هذا بنظامه الحالي، لم يخرج من العناية المركزة منذ الولادة، وسيبقى كذلك، منتجاً للأزمات، والاقتتال الداخلي ولصراع المغانم والمصالح الفئوية للطائفة والعشيرة والمنطقة. 

يتحدثون عن علاج قريب بواسطة البنك الدولي، نحن نعرف والكل يعرف ليس لدى البنك الدولي إلا مسكنات غير قادرة على شفاء مريض، انتشر السرطان عميقاً في جسمه النحيل. ويعرفون ونعرف ان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمات حقوق الإنسان ليست إلا ادوات تنفيذية بأيدي منظومة النهب العالمية، إنها أدوات تكريس الاستعمار بوسائل أخرى. ألم يقل انطون سعاده في بدايات التأسيس أن عصبة الأمم ومن ثم منظمة الامم المتحدة من بعدها هي تجمع الدول المنتصرة في الحرب وتقوم على صيانة مصالح هذه الامم. ورغم ذلك يقوم البعض عندنا، بالدعوة الى تدويل الأزمة وتسليم الخارج ما تبقى من رميم لبنان.

يتحدثون عن الانفتاح على العالم العربي، ويقاطعون الشام مفتاح التواصل الوحيد براً وبحراً وجواً بل يمعنون بالتآمر مع من يضمر شراً بها، رغم الأواصر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية التي تجمعنا، ورغم التضحيات الجسام التي قدمتها في سبيل البقاء على وحدة لبنان واستقلاله وسيادته.

ان الحرب الدولية على الشام، لم تكن بأهدافها المعلنة حول الديموقراطية وحقوق الانسان والمطالب المعيشية بل من اجل إخضاع مركز الجذب الحضاري الانساني، مركز الرفد القومي التحرري ليتسنى تقسيم المقسم واخضاع ما تبقى من وهج مقاوم في امتنا، ولعلكم تسمعون اليوم ونسمع سيمفونيات الفدرلة والامن الذاتي. ان هذه السيمفونية هي الصدى الحقيقي لما يريده الغرب وما يسعى الى إنجازه وعلى امتداد المشرق بكياناته كلها.

وأضاف زيتوني: رفيقي الامين حمد، كم راهنت على وعي شعبنا وأصالته رغم الكلوم التي حفرت عميقاً في وحدته وأطاحت مراراً في تطلعاته وأعاقت طموح استقلاله، غير ان قبس الثورة الذي بدأ يتكثف في الضفة الغربية وكل فلسطين، يتجسد الآن اعمالاً بطولية استشهادية على مدار الساعات. هذه العمليات اعادت الروح والنبض الى شعبنا مثبتا الايمان بالانتصار.

وختم المندوب المركزي كلمته: نم قرير العين يا رفيقي في عليائك، فنضالك، وصراعك، وثباتك، وعطاءاتك لن تذهب هدراً في حزب يعمل تحت طبقة الصياح والثرثرة لأمة لن تقبل بالأمر المفعول، امة آمنت أن القوة هي القول الفصل في إحقاق حقنا على كل ذرة تراب من أرضنا المقدسة.

نَم قرير العين:

لأن الأجيال التي أعطيتها من لدن سيرتك، ستشكل رافعة النهضة التي ستغير وجه التاريخ.

عزاؤنا أنك ستبقى في وجدان حزبك ورفقائك وأهلك ومعارفك حياً،

قائلين:

في ناس متل الجوهرة اللي بيتاجها   وفي ناس تاجها قطعة سراب

في ناس تحت التراب مخلّدة    وفي ناس ماشية بقبرها فوق التراب

..ووضع حجر أساس وإكليل وتحية حزبية

وبعد الكلمات تم وضع الحجر الأساس للوحة التذكارية التي ستقام في باحة المنفذية تقديراً لعطاء الراحل زيتون.

ثم توجهت الأسرة وهيئة المنفذية في راشيا وضيوف إلى مدفن أخذ التحية الحزبية.

    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى