خطة إسرائيلية لإخلاء مستوطنات الشمال

صدى وادي التيم-أمن وقضاء/

كسرت حادثة العاقبية رتابة المشهد المحلي العقيم التي تتكرر كل يوم خميس مع موعد عرض «مسرحية» الانتخابات الرئاسية في ساحة النجمة، مقتل جندي ايرلندي واصابة اربعة آخرين خلال خروج دورية لقوات»اليونيفيل» عن مسارها الاعتيادي، فتح باب الاسئلة على مصراعيها حول طبيعة هذا الحدث الاستثنائي غير المألوف في الجنوب، بعدما كانت الاشكالات المعتادة بين الاهالي والقوات الدولية تنتهي باشكالات محدودة وبسيطة تعالج ميدانيا. وفي غياب اي مصلحة مباشرة لاي طرف داخلي بتوجيه «رسائل» لليونيفيل، ثمة احتمالان لتفسير ما حصل، بحسب التحقيقات الجارية، اما خروج الامور عن السيطرة في هذه الحادثة والذي قد يكون نتيجة حالة ارباك ميداني سادت خلال التوتر بين مجموعة من الشبان والدورية، فحصل خلال خطأ غير مقصود ادى الى النتائج المأسوية، او قد يكون ثمة «طرف ثالث» اراد الاستفادة من الوقائع الميدانية لاحداث توتر على الارض لاسباب غير معلومة حتى الآن. والى ان تنتهي التحقيقات الرسمية، ثمة مؤشرات مهمة حملت دلالات واضحة تشير الى وجود رغبة لدى الاطراف الاساسية في عدم اعطاء الحادث اكبر من حجمه، ان لجهة مسارعة الحزب  الى قطع الطريق امام من يريد «الاصطياد في الماء العكر»، عبر نفي رئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا اي علاقة للحزب بالقضية ، رافضا زج الحزب بالموضوع، ومبادرته الى الاتصال بقائد اليونيفيل الجنرال أرولدو لاثارو متقدماً باسم الحزب بالعزاء بالجندي الذي سقط من الكتيبة الإيرلندية ومقدماً التعازي والمواساة لها ولعائلة الجندي. في المقابل، لم يتاثر العمل الروتيني للقوات الدولية في الجنوب، و كانت ردود الفعل الاولية الصادرة عن «اليونيفيل» متزنة الى حد كبير من خلال رفض التسرع في اي استنتاج يؤدي الى تشنج الموقف ميدانيا، فيما تبقى الكثير من الاسئلة دون اجوبة حتى الآن حول اسباب انحراف الدورية عن وجهتها الرئيسية واستخدامها طريق غير مدرج ضمن خارطة الطريق المرسومة سلفا. والى ان تتضح الملابسات، يتصاعد التوترعلى الجانب الآخر من الحدود حيث تربك الاجراءات الميدانية لجيش الاحتلال سكان المستوطنات مع الكشف عن خطة لاخلائها في اي حرب مفترضة مع لبنان الذي لم ينجح نوابه في جلستهم العاشرة في تقديم اي جديد رئاسيا، ودعوا القاعة العامة في اجازة تمتد حتى مطلع العام المقبل دون اي مؤشر جدي يوحي بان الرقم 11 سيكون مغايرا لكل الارقام السابقة، بعد ان اتضح ان كل الحراك الخارجي لا يزال دون الحد الادنى المطلوب لانتاج تسوية يستفيد منها لبنان.حادثة العاقبية
وفي انتظار ان تحسم التحقيقات ملابسات الحادثة التي تعرّضت لها آلية تابعة لقوات «اليونيفيل» بعد منتصف ليل اول من امس على الطريق البحرية بين الزهراني وصور عند محلة العاقبية، تشير المعطيات الى ان الجندي الايرلندي قتل وجرح ثلاثة من رفاقه اثر مرور سيارتهم في الطريق البحرية التي لا تسلكها عادةً، ما أدّى الى تعقُّبها من قبل شبّان من المنطقة، وقد أثار مرور الآلية في وقت متأخّر وخارج منطقة جنوبي الليطاني بمسافة بعيدة حفيظتهم وحاولوا إيقافها، إلا أنّ السائق رفض الوقوف وداس على أقدام أحد الشبان، ما أحدث غضباً بين الجموع الذين حاصروا الآلية. فسُجّل، في تلك الأثناء، إطلاق نار لم يحدّد مصدره، ما زاد غضب الجموع ودفع بالسائق إلى القيادة بينهم بسرعة قبل أن يصطدم بأحد المحال الملاصقة للطريق. ووفقا للمعلومات، فإنّ الشبان حاولوا إنقاذ الجنود قبل أن يأتي عناصر من الدفاع المدني لينتشلوا جثة السائق. وباشر الجيش وفريق من اليونيفيل التحقيق، فيما نُقل القتيل والجرحى إلى أحد مستشفيات صيدا. ووفقا لمعلومات «الديار»، فإنّ قيادة قوات الطوارىء الدولية لم تقدم اجوبة واضحة حيال انحراف الدورية عن مسارها، وابلغت قيادة الجيش انها ستركّز في تحقيقها مع الجنود الناجين عن سبب مرورهم في طريقهم إلى بيروت في هذه المنطقة، وتخلّفهم عن الموكب الذي سلك وجهة الأوتوستراد كما تجري العادة.

التحقيقات والملابسات
ووفقا لمصدر قضائي، فان 7 رصاصات اخترقت سيارة قوات اليونيفيل اصابت احداها الجندي القتيل برصاصة في رأسه، مشيراً إلى أن الرصاصات التي أصابت الجندي خلف المقود اخترقت مقعده من الخلف، واستقرّت إحداها في رأسه ما أدى الى وفاته على الفور. وارتطمت العربة إثر ذلك بعمود حديدي، ثم انقلبت. وقد وضع القضاء العسكري يده على التحقيق وأن الأجهزة الأمنية تطارد أشخاصا يُشتبه في تورطهم في الحادثة. وأورد الجيش الإيرلندي على تويتر أن قافلة، ضمت عربتين مدرعتين وعلى متنهما ثمانية أفراد، تعرضت بينما كانت متوجهة إلى بيروت لنيران من أسلحة خفيفة. وقال ان ما حدث بشكل أساسي، في اعتقادنا، هو أن ناقلتي جند مدرعتين كانتا في طريقهما من معسكرنا الرئيسي في جنوب لبنان إلى بيروت في مهمة إدارية عادية. ولفت إلى انه على الطريق انفصلت العربتان المدرعتان، واحدة منهما حاصرها حشد معاد، وجرى إطلاق أعيرة نارية ولسوء الحظ قتل أحد جنودنا لحفظ السلام. وهذه أول مرة يقتل فيها جندي من قوة اليونيفيل في جنوب لبنان منذ كانون الثاني 2015، حين قضى جندي إسباني بنيران إسرائيلية.

تبريد ولا تصعيد
من جهته، دعا رئيس وحدة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا الذي اتصل بقائد اليونيفيل معزيا، الى عدم اقحام الحزب  في الحادثة، وقال انّ ما حصل في العاقبية «حادث غير مقصود»، مؤكّداً أن لا علاقة للحزب بالأمر. وفي تعليقه على الحادثة، أقرّ الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي بأنّ الحادث وقع خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان، وقال إنّ «أفكاره مع سكان المنطقة الذين ربما أصيبوا أو شعروا بالخوف في الحادث»، لافتاً إلى أنّ «التفاصيل حول الحادث متفرّقة ومتضاربة، ونحن ننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط». وكان لافتا عدم تأثر عمل اليونيفيل في منطقة عملياتها، وتحركت آلياتها بشكل اعتيادي يوم امس. تجدر الاشارة الى ان مجلس الأمن الدولي قرر في 31 آب تفويضها لسنة واحدة. وتضمن قراره تعديلاً يتعلق بحركتها لناحية أنها لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل. وإثر الانتقادات اللبنانية أكدت قيادة اليونيفيل أنها تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير.

مواقف مستنكرة
وفي المواقف، أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً هاتفياً بقائد قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان اللواء أرولدو لازارو قدم فيه التعزية. من جانبه، أبدى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي «أسفه العميق للحادث الاليم»… وأجرى اتصالين بقائد الجيش العماد جوزيف عون والقائد العام لليونيفيل الجنرال آرولدو لازارو واطّلع منهما على ملابسات الحادث. كما أبرق إلى رئيس إيرلندا مايكل دانيال هيغينز والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس معزياً ومعبّراً عن تضامنه معهما في هذا الحادث الأليم. وفيما توعد وزير الداخلية بمعاقبة المتورطين، دانت وزارة الخارجية والمغتربين الحادث، وأشارت إلى أنّها تتابع «باهتمام كبير مع السلطات اللبنانية المعنية كافة واليونيفيل التحقيقات».

اخلاء المستوطنات
وعلى الجانب الآخر من الحدود، ادى تسريب خطة عملانية لاخلاء المستوطنات في حال نشوب حرب مع الحزب الى حالة من القلق والاضطراب في اوساط المستوطنين، في ظل القلق الواضح من ضعف القدرة الدفاعيّة أمام احتمال دخول ال م ق او م ة الى شمال فلسطين المحتلة، فاضافة الى عمليات التحصين البطيئة في تلك المستعمرات حيث خضعت مستوطنة واحدة من أصل 21 متاخمة لخط المواجهة في الشمال والتي تقرر تحصينها منذ تموز من العام 2018، افاد تقرير لصحيفة «معاريف» ان الجيش الاسرائيلي لم ينجح حتى الآن في سدّ الفجوة المثيرة للاستغراب بين الكلام عن تعاظم الحزب بسلاحٍ هجومي وبين النقص في الرد الدفاعي الأساسي، ولهذا كشفت عن انتهاء المؤسسة العسكريّة من بلورة خطة إخلاء المستوطنات المحاذية للحدود، بعدما حازت موافقة قائد المنطقة الشمالية في الجيش في انتظار عرضها على طاولة القرار لدى المؤسسة السياسية في تل أبيب. وأشارت الصحيفة الى ان الخطة وضعت بناءً على التقديرات السائدة لدى الاستخبارات العسكريّة بأنّ المواجهة المقبلة في الشمال ستتمدّد سريعًا الى داخل المستوطنات، ما يحتّم العمل والاستعداد لمواجهة هذا الخطر. وتنص خطة الإخلاء على سحب المستوطنين من أكثر من عشرين مستوطنة قريبة من الحدود في اتجاه أماكن أكثر أمنًا في الوسط والجنوب، و «هناك مستوطنات سيُطلب من سكانها السير مسافات طويلة قبل نقلهم بالحافلات، فيما سينقل سكان مستوطنات أخرى بصورةٍ أسرع، وكلّ ذلك بحسب ظروف المستوطنة وأوضاعها». ولفتت «معــاريف» الى أنّه في حــال نــفذت الخطــة فــي المواجهة المقبلة شمالاً، فستكون المرّة الاولى منذ الاعلان عن «إسرائيل» عام 1948 تنفذ فيها عملية إخلاء مستوطنات
وقرر الجيش الاسرائيلي خطة الإخلاء بصمت، من دون ضجيجٍ ومن دون إعلان، «خوفًا من ردّ فعل العدو». وتخوف مصدر عسكري اسرائيلي رفيع المستوى من حصول مشاكل عند إعلام المستوطنين بضرورة إخلائها. وقال «التهديدات تغيّرت بشكلٍ جوهريٍّ». بات لدينا عدوّ من نوع آخر. وهذا يلزم الجيش الاسرائيليّ بتأهيل مختلف للجنود على المستوى المهنيّ والذهنيّ، موضحًا أنّ «الهدف هو إنشاء قوة يكون عمادها جنود الاحتياط من المستوطنات نفسها، بدلاً من توزيعهم على الفرق العسكرية المختلفة.»

المصدر:الديار

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!