العطور المركّبة تُغني عن الأصلية!
صدى وادي التيم – متفرقات /
مهنة تركيب العطور بدأت تزدهر وتلقى رواجاً كبيراً في لبنان مع تفاقم الأزمات، فالعطور الأصلية غالية الثمن، وليس بإمكان الناس شرائها، لذلك يستبدلونها بالعطور المركّبة الرخيصة والمماثلة، خصوصاً في السنوات الأخيرة بعدما إعتمدوا نمطاً جديداً في حياتهم «البديل عن الأصيل في كلّ شيء».
مازن صلاح نسب (34 عاماً) واحد من هؤلاء الباعة الذين يحترفون تركيب العطور في صيدا، وقد إستقرّ في محل جدّه لابيه، في شارع الأوقاف في السوق التجاري، يقف وسط مئات قناني العطور، ليمزج «الأسنس» مع الأوكسجين والمثبّت ليصنع عطراً مركّباً برائحة جميلة، يُضاهي الأصيل.
يقول نسب لـ»نداء الوطن»: «تعلمت مهنة تركيب العطور على أصولها في برج حمود – بيروت، عند أحد كبار محترفيها، كنت أذهب كل يوم وأعود إلى المدينة وفي جعبتي سرّاً جديداً من أسرارها، حتى أصبحت أُتقنها منذ سبع سنوات وإستقرّيت في هذا المحل وبدأت أكسب قوت يومي الذي يُمكّنني من تأمين معيشة أسرتي. دخلي من بيع العطور جيّد ويؤمن قوت اليوم من دون الحاجة إلى أحد، وما يساعدني هو شهرة المحل الذي يقع في الشارع الرئيسي للسوق التجاري في المدينة، وغالبية زبائني من خارج المدينة وتحديداً من مناطق بيروت والإقليم والجنوب، والسبب في ذلك الثقة التي إكتسبتها بالخبرة وصدق التعامل مع الناس، الهدف ليس البيع فقط وإنما تشجيع الزبون للعودة مجدّداً».
ولم يخف نسب «أنّ الأزمة الإقتصادية أثّرت على كلَّ شيء مع تبديل أولويات الناس في الحياة، ولكنّ مهنة تركيب العطور بقيت مزدهرة لأنّها في الأصل أرخص قياساً على أسعار العطور الأصلية أو المستوردة من الخارج»، موضحاً أنّ «سعر القنينة سعة 20 ملم، يبدأ من 80 ألف ليرة لبنانية وتصل إلى 300 ألف ليرة، حسب الحجم من دون النظر إلى نوع العطر نفسه في كثير من الأحيان»، قبل أن يختم «بإعتقادي أنّ تركيب العطور فنّ وذوق مع الخبرة… والحمدلله برعت فيه بشهادة الناس».
فرض تفاقم الأزمة نمطاً جديداً في الحياة، يقوم على التخلّي عن الأصيل والذهاب إلى البدائل، ولم يكتفِ اللبنانيون بالتخلّي عن الكماليات وغالبية الضروريات لمواجهة الغلاء وإرتفاع الأسعار، بل لجأوا الى عادات لم تكن معهودة من قبل، منها على سبيل المثال لا الحصر، عودة بعض العائلات التي كانت تسكن بالإيجار إلى مسكن العائلة، بسبب إرتفاع الإيجارات وبالدولار الأميركي، ومنها عزوف الشباب عن الزواج بسبب التكاليف الباهظة، وارتفاع نسب البطالة وتراجع إقامة الأعراس والحفلات في المطاعم والقاعات وقد باتت قليلة جدًاً لصالح المنازل، ومنها التخلي عن إقامة المناسبات واللقاءات الصباحية أو المسائية، التي كانت تجمع الأهل والأقرباء والجيران على شرب القهوة والشاي بعد ارتفاع اسعارهما، فضلًا عن السكّر والمستلزمات الأخرى؛ لصالح الانكفاء والاكتفاء بجلسة عائلية محدودة