بيار صادق كان على حقّ
صدى وادي التيم – متفرقات /
في أحد كاريكاتوراته المعبّرة في صحيفة “النهار” في التسعينيات من القرن الماضي، كتب الراحل بيار صادق “مش معقول هل بلد… لا بيطيق احتلال… ولا بحافظ على استقلال!”. وكأنه بذلك يلخّص تاريخ وطن، لطالما بقي اوطاناً متعددة على مساحة جغرافية واحدة.
بالأمس حلّت ذكرى استقلال أعلن في العام ١٩٤٣. فاذا به لم ينجح، منذ اعلانه، في توحيد الأمة اللبنانية المرجوة، وفي تثبيت استقلالها عن عواصف الشرق والغرب. فبقيت أبوابه مشرّعة “على الميلين”، فيتأثّر بمتغيرات العالم، ويستحضر وصايات واحتلالات بالأمن والعسكر حيناً، وبالسياسة والاخضاع في أحيان كثيرة.
لقد اثبتت التجارب أن البيت اللبناني يحتاج الى ان يتصارح، فيتصالح مع نفسه، ليقرر ماذا يريد. ترهّل الجسم اللبناني بفعل الحروب المستمرة بالمدفع والاقتصاد والسياسة، وبات يحتاج الى عملية جراحية لمفهوم الدولة والاستقلال، حتى لا يبقى جمهوريةً مع وقف التنفيذ.
هل تبقى الصيغة اللبنانية ام تتطوّر؟ هل يرغب جميع اللبنانيين في العيش معا؟ وعلى أي اساس ووفق أي نظام سياسي واقتصادي واجتماعي وتربوي وثقافي؟
يحتاج الأمر الى جرأة وشجاعة، والى رجالات دولة يكونون على قدر التحدّي، فلا يعيدون استيلاد التجارب السابقة، ولا تبقى معهم الجمهورية تعرج وتسقط عند كل خضّة.
فالقضية ليست مجرّد انتخاب رئيس، وليست مسألة شخص، بل رؤية وبرنامج ومشروع وأهداف… وقدرة على التطبيق بالطبع. الى شخصية لا تخشى طرح الاسئلة الكبرى، والعمل على ايجاد الأجوبة لها، وترجمتها عملياً، او وضعها على الأقل على سكة التطبيق.
من هنا، فليشكّل الفراغ الرئاسي فرصة لتجربة جديدة ومرحلة جديدة. لعقلية مختلفة وذهنية حكم مختلفة. فتكرار الأسلوب نفسه، سيؤدي الى النتائج نفسها، الى كفر بالدولة، وحقائب سفر، وهجرة متصاعدة، وشعب حزين بائس… ولا يغشكم تراقص الخصور نهاية كل أسبوع على أنغام الفن الهابط… إنه النكران للواقع، أو الهروب منه.
المصدر: كبريال مراد في موقع mtv