الأزمة تُثقل كاهل المدخنين.. اعتزال لأصناف مستوردة ونزوح الى الوطني!

صدى وادي التيم _إقتصاد:

“فشة الخلق” أضحت مكلفة جدا بالنسبة للبنانيين عموماً والمدخنين خصوصا، في ظل الأعباء الاقتصادية المتتالية، فقد ارتفعت أسعار السجائر بوتيرة شديدة جداً دفعت بالكثيرين الى تغيير الأصناف التي اعتادوا تدخينها وليتحوّلوا الى تنفيخ أصناف ذات صناعة محلية او وطنية على سبيل المثال الـ “سيدرز” بكافة انواعه، السيلفر والازرق الطويل والقصير والسليم الرفيع “اللايت” والاختلاف يكمن في المذاق حيث ان بعضها ثقيل والأخر خفيف الا ان الحكمة في الاسعار التي هي مقبولة للجميع غير انها تتفاوت بين منطقة وأخرى.

الازمة لم تحمّس المواطنين على ترك التدخين بل التأقلم مع الظروف المستجدة بتغيير عادات “الهاي لايف” الى حياة “التسكيج” ومن أنواع معروفة كالمالبورو، الكانت، والونستون الى التبغ العربي او “دخان اللف” اضافة الى السيجارة الالكترونية التي شاعت مؤخرا لا سيما لدى السيدات والتي تعرف بسيجارة الموت نظرا لخطورتها على الصحة والى جانبها ما يعرف بـ “الايكوس” والتي يتراوح سعر الماكينة بين الـ 170 و200$ بحيث يتم وضع أنواع مخصصة من الدخان فيها لتشتعل عن طريق الحرارة. ويجب ان لا نغفل عن “النرجيلة” والتي امست عادة شائعة في المجتمع اللبناني وحتى السائحين القادمين الى لبنان باتت تستهويهم المطاعم والمقاهي التي يتم فيها تقديم “الشيشة” بطريقة مميزة ومبتكرة الا انها عدا كونها مضرة بالصحة فسعرها بات خياليا بحيث ان بعض المطاعم تتقاضى على النرجيلة 600 ألف ليرة بعد ان كان سعرها 20 الفا.

الدخان المستورد يحتاج الى ميزانية

تصاعدت أسعار الدخان دفعة واحدة خاصة تلك الأصناف المستوردة ونعني الدافيدوف، الكولواز ليتجاوز سعر العلبة الواحدة الـ 50 ل.ل ما دفع بأكثر من 80% من اللبنانيين بحسب إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية للنزوح باتجاه “السيدرز”.

والجدير ذكره ان هذا النوع كان غير معروفا او منتشرا كما الحال اليوم وغير متداول لدى المدخنين الا قلّة قليلة من كبار السن نظرا لثقله وأيضا بسبب سعره المنخفض.

“السيدرز” يجمع اللبنانيين

تبدّلت الأمور 360 درجة، بحيث ان المستهلكين باتوا يقبلون على “السيدرز” بكافة انواعه ليكون أكثر سلعة محلية يجمع اللبنانيون على شرائها بالإشارة الى ان شركة الريجي عزّزت من صناعته وعمدت الى ابتكار أنواع جديدة من الفئة ذاتها.

من 1000 ليرة الى 16000 ألف

عمدت شركة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” الى اقرار رفع الدولار الجمركي لديها لاعتبارات عدة منها:

أولا: عدم قدرة الدولة في حسم الجدل الحاصل في إقرار الدولار الجمركي ما دفع “بالريجي” للبت في هذا الامر دون تخوفها من تراجع مبيعاتها او تأثرها بالواقع الاقتصادي القائم والذي تعاني منه شريحة كبيرة من اللبنانيين.

ثانيا: ارتفاع سعر الصرف للدولار في السوق الموازية دفع بـ “الريجي” الى أخذ إجراءات تصب في إطار حماية نفسها من خلال تحديد دولار جمركي تقريبي يناسب مبيعاتها دون ان تتأثر سلبا او تراجعا، بل على العكس سجّلت مستويات عالية وُصفت بالجيدة جدا من قِبل الباعة والمحلات والسوبرماركت الكبيرة.

وفي هذا الإطار لُوحِظ ان الأزمة لم تصرف الناس عن التدخين بل جعلتهم يستعيضون عن الدخان المستورد والاغلى كلفة وسعرا بالمحلي الصنع. وبالتالي تم رفع أسعار السجائر دون تردد وهذا الامر طال أيضا كافة أنواع الدخان من المعسل والسجائر الالكترونية والتبغ الحر.

ومن هنا امست الأسعار محكومة بأمرين:

أولهما: زيادة الأسعار باعتماد الريجي لسعر دولار جمركي تقديري.

ثانيهما: سعر الدولار في السوق الموازية الى جانب رفع الأسعار من قبل التجار بشكل إضافي ضاربين عرض الحائط السعر المنطقي للسلع ليتماشى مع جشعهم ليضيفوا الى ارباحهم أرباحا إضافية.

وفي سياق متصل، فإن التهافت على شراء “السيدرز” دفع بالشركة المنتجة الى رفع سعره، فبعد ان كان سعر العلبة يتراوح بين 750 ل.ل أضحت بـ 16 ألف ليرة وبعض المحلات تبيعها بـ 18 ألف ليرة.

80 في المئة غيروا أنواع دخانهم

سوبر ماركت في الاشرفية تقول لـ “الديار”: ” ان نسبة الطلب على الدخان الوطني ارتفعت الى أكثر من 50% والذين ما زالوا يشترون المستورد هم من فئة المراهقين”.

صاحب محل “على الطريق” في كورنيش المزرعة يقول لـ “الديار”: حوالى 80% من زبائنه غيروا دخانهم لينتقلوا من الأصناف المستوردة الى المحلي بسبب ارتفاع الأسعار التي تأثر بها اللبنانيون جميعا بحكم الازمة الاقتصادية. ويضيف حتى البنغاليون والسريلانكيون أمسوا يدخنون السيدرز.

وطني وأكثر…

مع ارتفاع أسعار الدخان كان لا بد لجورج من تغيير النوع الذي كان يدخنه ولينتقل من المالبورو الأبيض الى السيدرز السيلفر. ويشرح لـ “الديار: قائلا: لم أكن اعي ما هو السيدرز الا انني كنت فقط اسمع بالاسم من بعض الأشخاص وانه صناعة وطنية ولم اعتقد يوما انني سأتحول اليه كبديل عن المالبورو الذي ادخنه مذ كان عمري خمس عشرة سنة بالإشارة الى ان السيدرز ثقيل على الصدر جداً.

ويتابع، “في البداية الامر كان صعبا ولم اتعود بسرعة عليه حتى ان صدري كان يؤلمني بسبب انتقالي من نوع خفيف الى آخر ثقيل، غير انني مع مرور الوقت تعودت وتكيّفت وتأقلمت على الامر حتى بات عاديا بالنسبة لي.

اما علي. ح من الهرمل فيدخن التبغ الحر او الدخان العربي كما هو معروف كما انه يزرع هذا النوع في ارض تعود لعائلته يقول لـ “الديار”” مصائب قوم عن قوم فوائد فقد تحسّن مبيع هذا الصنف وأضحى الطلب عليه مرتفعا حتى بتّ غير قادر على تلبية طلبات زبائني القدامى والجدد.

ويشير علي الى أصناف هذا النوع من التبغ وهي ثلاثة: الأحمر والاشقر والاسمر ولا اختلاف بين هذه الأنواع الثلاثة الا في المذاق بحيث ان بعضها ثقيل والأخر خفيف. اما عن الأسعار فيقول سعر الكيلو حوالى 250 ألف ليرة ويكفي لحوالي الشهر والنصف وهذا يعتمد على المدخن بحسب استهلاكه اليومي.

التهريب باب من أبواب رفع سعر الدخان

بعض التجار أفادوا “الديار” بمعلومات عن العلاقة ما بين ارتفاع سعر السجائر بالتهريب، معتبرين ان ارتفاع سعر صرف الدولار وملامسته الـ 40 ليس السبب الأوحد. بل أيضا العقوبات التي تخضع لها سوريا بفعل قانون قيصر جعلت اللبنانيين يعانون فوق معاناتهم بحيث يتم تهريب اصناف من الدخان المستورد اليها ويباع اضعافا مضاعفة وبالفرش دولار وهذا الموضوع سنتطرق اليه في تحقيق منفصل مع شركة “الريجي”.

الازمة التي خيّمت بثقلها على اللبنانيين لم تدفعهم لترك التدخين بل لـ التنفيخ على مصابهم عسى ان تخفف هذه السيجارة بعضا من الثقل على القلب والنفس وعلى أمل ان يفكر المدخنون في صحتهم قبل جيوبهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!