الحكومة العتيدة إلى… 2021
هي المفاضلةُ المزدوجة «بين شرّيْن»، على جبهتيْ «كورونا» الذي «يَجْرِفُ» بأرقامِه المُرْعِبة «الأمنَ الصحي»، والحكومة التي يَحْرف الصراعُ السياسي وعصا العقوبات الأميركية مسارَها عن منطلقاتِ المبادرة الفرنسية التي لم يبْقَ منها إلا… العنوان.
… العودةُ إلى الإقفال التام بهدف إعطاء متنفّس للقطاع الصحي المتهالك وتوسيع القدرة الاستيعابية ودوْر المستشفيات الخاصة في «تصفيحِ» البنية العَلاجية بمواجهة «كورونا» مع ما لذلك من تداعياتٍ على اقتصادٍ يكاد أن «يلْفظ أنفاسَه» تحت وطأة الانهيارِ المالي، أو تَرْك عَدّاد الإصابات (تقترب من المئة ألف) والوفيات (تجاوزتْ 723) يحصد المزيد من الضحايا فيما العالم دَخَلَ ما يشبه «العدّ العكسي» لمقارعة «كوفيد -19» بلقاحٍ أعلنت شركة فايزر أمس أنه فعّال بنسبة 90 في المئة وفق نتائج المرحلة الثالثة من التجارب.
… تأليف حكومةٍ «كيفما كان» يدْفعُ باتجاهها الائتلافُ الحاكِم (تحالف ا ل ح ز ب – التيار الوطني الحر) وتعيد إنتاج تجربة الرئيس حسان دياب وهذه المَرة مع الرئيس سعد الحريري، بما يجْعل مثل هذه التشكيلة من «اختصاصيين مزيَّفين» يشكّلون واجهة للقوى السياسية تولَد ميتةً تجاه المجتمع الدولي الذي لن «يُعطي قرشاً» للبنان قبل إطلاق الإصلاحات وبلوغِ اتفاق مع صندوق النقد الدولي… أو ترْك الحكومة العتيدة «معلَّقة» لحساباتٍ متداخلة محلية وإقليمية حتى السنة الجديدة أو أبعد، بما يعني جعْلَ البلاد التي لم يعُد يفصلها عن الارتطام بالقعر إلا مسافة قصيرة تسرّع الخطى نحو السقْطة… القاتلة.
هكذا كانت بيروت أمس عيْناً على «كورونا» والاستعدادات لخطة جديدة لمحاولة إبطاء «الكارثة» التي تطلّ برأسها مع الشتاء المُخيف، وعيْنا أخرى على عملية تأليف الحكومة التي جاءت العقوباتُ الأميركية على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بمثابة «حمولة زائدة» على مسارها الذي كان أصلاً مُثْقَلاً بتعقيداتٍ ذات صلةٍ بشكلها وتوازناتها وآلية تسمية وزرائها الاختصاصيين وبرنامجها المالي – الاقتصادي.
واليوم تكشف السلطةُ أوراقَها في ما خص الخيار الذي ستعتمده بمواجهة «كورونا» وسط تقديراتٍ بأن الإقفال التام الذي «يستغيث» القطاعُ الصحي وهو يطالب به مقابل تَرَدُّدٍ من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ورفْضٍ «بأعلى صوت» من الهيئات الاقتصادية، صار شبه مؤكَّد ابتداءً من الخميس ولفترة تناهز 3 أسابيع، وهو ما من شأنه توفير «اوكسجين» للمستشفيات والكادر الطبي الذي أصابه «كوفيد – 19» بقوةٍ حيث يقبع 17 طبيباً في العناية المشدّدة وأكثر من 100 في الحجر المنزلي (وتوفي 3 أطبّاء)، وتالياً السماح لهذا القطاع بالتحضُّر للموجة الثانية من الوباء الفتّاك الذي استهلك الغالبية العظمى من الأسرّة في الغرف العادية والعناية الفائقة.
وفي الوقت الذي سيُبلْور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع اليوم الاتجاه الرسمي بإزاء «كورونا»، بقي الملف الحكومي تحت تأثير «صدمة» العقوبات على باسيل والتي تزداد مؤشرات أنه ستكون لها «تتمات» متوالية قبل تَسَلُّم جو بايدن مقاليد الحُكْم وفق لائحة من عشرات الشخصيات السياسية وغير السياسية ستقع في «شِباك» إما قانون «ماغنتسكي» واما «قيصر»، في سياقٍ يتوّج الضغط الأقصى الذي مارستْه إدارة دونالد ترامب على « ا ل ح ز ب » ووسّعتْه أخيراً إلى حلفائه، وبما «يربط أيدي» الإدارة الجديدة وفق مفهوم «الاستمرارية».
وبدا واضحاً في بيروت أن مساعي تأليف الحكومة انتقلتْ إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيداً، أعطى أوّل إشاراتها المعَلنة باسيل في «مرافعته» الأحد دفاعاً عن نفسه وعن علاقته بـ «ا ل ح ز ب »، وهو الذي كان التقى، بحسب ما علمت «الراي»، الأمين العام ن ص ر ا ل ل ه (قبل العقوبات) وسمع منه تَفهُّماً لأي توجُّه يراه مناسباً في ما خص كيفية ملاقاة الضغط الأميركي الذي يُمارَس عليه.
وإذا كانت إطلالة باسيل أول من أمس، اعتُبرت بمثابة إيذانٍ بخروجه «من الظلّ» في مسار التأليف الذي كان يتم حصراً بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، على قاعدة إشهار شروطِه «الناسِفة» للمعايير التي يعمل عليها الرئيس المكلف، فُهم عشية كلمةٍ لل ن ص ر ا ل ه غداً أن ا ل ح ز ب » غادر بدوره «المنطقة الرمادية» التي كان رَكَن إليها في الفترة السابقة بحيث اختار عدم خوْض معارك حلفائه، وهو ما «بات من الماضي» بعد العقوبات على الرافعة المسيحية للحزب الذي لن يتردّد في «ردّ التحية» لرئيس «التيار الحر» ومحاولة «تعويضه» الصفعة الأقسى التي تلقّاها من واشنطن بمفاعيلها المتدحرجة.
وبمعزل عن تفاصيل العقد الحكومية، فإن الواضح أن «ا ل ح ز ب » بات معنياً بتعويم وضعية باسيل وحِفْظ حجمه في اللعبة السياسي بما يفضي إلى «تنويمٍ» ولو جزئي لتأثيرات العقوبات الأميركية، وسط أجواء أفادت أن الحكومة الجديدة قد تكون رُحِّلتْ إلى الـ 2021، من دون أن يملك أحد تصوراً لكيفية تعاطي الحريري مع الوقائع المستجدة واندفاعة باسيل التي يُتوقّع أن يلاقيها ن ص ر ا ل ل ه اليوم.
المصدر: الرأي