سهيل صقر لمجلة ألامن: الشاعر الزجلي صاحب رسالة إنسانية قبل كل شيء
صدى وادي التيم-من الصحف اللبنانية/
الشاعر الزجلي سهيل صقر:
الشاعر الزجلي صاحب رسالة إنسانية قبل كل شيء
عذوبة الصوت للشاعر الزجلي تشكل نسبة كبيرة من مقومات نجاحه
أستمديت من مناخ بلدتي “الكفير” منبع المفكرين والشعراء الكثير من هذا الأرث الثقافي التراثي
لا يمكن لشاعرالزجل إعتلاء المنابر ما لم يكن مثقفاً حافظاً الكثير من مفردات القصائد وأنواع الغناء
نواكب العصر والتطور لتقديم ما يناسب الجيل الجديد
التحضير المسبق ضروري إنما يجب التحضر نفسياَ وذهنياً للإرتجال
الشاعر الزجلي سهيل صقر من رواد الأدب الشعبي التراثي، يمتلك موهوبة فذّة في نظم الشعر الزجلي والصوت الرخيم الذي يصدح بشتى أنواع الغناء: “العتابا، المواويل، الحدى ،المعنى، مخمس مردود، قرادي” تمكن في خلال فترة زمنية قصيرة من إثبات حضوره على الساحة الفنية لألوان هذا الطرب وإعتلائه سلم الشهرة والنجاج والنجومية على نطاق واسع لإمتلاكه المؤهلات الفنية والثقافة العامة والحضور المحبب، إضافة لإحيائه حفلات الأفراح والاتراح ومعظم المناسبات الخاصة، فهو يتطرق بقصائده الزجلية إلى كافة المواضيع الحياتية التي يعاني منها المواطن والمجتمع على حدٍ سواء بإسلوب ولهجة محببة جعلته يدخل قلوب المستمعين والمشاهدين دون إستئذان، وبات محط ملايين المتابعين المعجبين على مواقع التواصل الإجتماعي، في كافة. انحاء العالم ومقصد الكثيرين لاحياء حفلات ومناسبات شتى لتميزه بالصوت الشجي وسرعة الخاطرة والإرتجال، حيث لكل مقام مقال، وهو يعتبر الفن بالنسبة إليه أبعد من موهبة، إنه رسالة إنسانية صرفة. وكما ورثه عن أبائه فقد أورثه لإبنته ميرا التي تمتلك حساً فنياً وصوتاً رقيقاً، وولده ربيع في موهبة نظم الشعر، وهمايسيران على خطى والدهما في هذا اللون الغنائي..
“مجلة الأمن” قصدته إلى حيث يقيم في بلدة راشيا الوادي، وكان معه هذا الحوار..
*لأجل التطرق بداية لآساس هذه الموهبة التي تمتلكها هبةً من الله عزّ وجل، كيف تسللت إلى داخلك بفرادة في تعدد أنواعها ومواضيع الشعر الزجلي من العتابا، القرادي، المعنّى، مخّمس مردود وغير ذلك، فما هذه الميزة بشخصكم؟
أولاً الشكر لحضوركم الكريم، وإيمانكم وثقتكم بموهبتي وهو فخر وشرف كبير لي بتسليط الضوء والإضاءة
على موهبتي.
في البدء هذه الموهبة نعمة ربانية رافقها نعمة الصوت الذي يشكل نسبة كبيرة في مسيرة الشاعر الزجلي، بحيث إذا لم يمتلك صوتاً عذباً يفقد الكثير من حضوره الفني، لذا من أهم المقومات هو الصوت الذي أتى بالوراثة عن جدتي منذ طفولتي وعليه توقعت إنتقال هذه الوراثة إلى إبنتي ميرا التي تمتلك صوتاً عذباً وشجياً، وإبني ربيع موهبة نظم الشعر الزجلي.
وفي البداية لا بد من التوقف عند البيئة التي رافقت طفولتي في ضيعتي الكفير في أعالي منطقة حاصبيا، حيث التعايش المذهبي بأبهى صوره عنوانا” للمحبة والألفة والتعاون على البر والخير، تلك البلدة التي انجبت عظماء على المستوى السياسيين والشعراء والأدباء والمفكرين والقادة الأمنيين والفنانيين والقضاة، وبرز منهم كُثّر في أكثر من مجال، وفيما خص الشعراء برز منهم في الزجل رفيق دمشقي وصالح نوفل يتشاركان في إحياء المناسبات من أفراح وأتراح وغيرها
لذا كانت ولادتي في المكان الصح مما يدفعك للتأقلم في هذا المناخ تستمد منه تلك الثقافات الفنية وتأثرت بحضور هذه النخب حيث كنت أرافقهم في السهرات والحفلات، وبالتالي تنمية الموهبة.
كل هذا وأنا بعمر الـ 12 عاماً،، ورويداً رويداً مع الوقت تسللت هذه الموهبة إلى داخلي وتعمقت بكياني بكل ثقة إلى حين دخولي إحدى الوظائف في الدولة وبالتالي الزواج، إنما إستمريت في متابعة معظم حفلات الزجل لكبار الشعراء، أمثال: زغلول الدامور، زين شعيب، خليل شحرور، أسعد سعيد، طليع حمدان وخليل روكز، حيث لكل منهم اسلوبه ونهجه واللون الخاص فيما يقدم من الزجل ما بين الفكر والإرتجال والغزل والوجدانيات وبهذا السياق تجذرت هذه الموهبة بداخلي وإتقاني لغة المنبر الزجلي وطريقة وعذوبة القاء القصيد والإنفعال بالاحاسيس ،وهنا لا بد من القول: الشاعر أيّ كان لا يمكن أن يمتلك ناصية الشعر ما لم يكن مثقفاً. يبقى شاعراً محدوداً، وللزجل أصول وقواعد وبداهة وسرعة خاطرةومواضيع منتقاة من حواضر المجتمع أو المناسبات ومواكية هذا المجتمع والتطور وتتكلم بلسانه أكان على الصعيد الإجتماعي أو الثقافي وشخصياً قاريء نهم للعديد من كتب الفلسفة والتصوف والأدب والتاريخ والروايات القصصية لمعظم الكتاب العرب والأجانب لهذا السبب برز عندي هذا النبوغ في العصر الذي نعيشه.
هذا مما عزز من حضوري المنبري، وحصل منذ وقت نقاش داخل المجموعة الزجلية، تناول ضرورة مواكبة العصر ونشر فن تراث الزجل الذي يعود تاريخه من الغناء السرياني باختيار مواضيع متنوعة تناسب العصر وجيل اليوم وميوله الثقافية والإجتماعية والإنسانية وألوان الزجل شاسع متنوع ما بين القرادي – الشروقي المواويل الموشح الصوفي بهذا الحال تمنحها الإيقاع المتناسب لهذا الجيل وأهم شيء معرفة وإختيار الموضوع الواجب التطرق إليه.
*هل من تحضير مُسبق وعناوين لكل حفل أو أحياناً يطلع معك الإرتجال حسب ظروف المناسبة بحيث لكل مقام مقال؟
– شخصياً لم ولن أدخل جوقة زجل مع كل إحترامي وتقديري للجميع كي لا أتقوقع فيها، أُفضّل أن أكون حراً بأعمالي الفنية مازجاً ما بين الزجل والتراث الشعبي والأغاني ا لتراثية لمعظم عمالقة الفن في لبنان وأتقنت لعبة الزجل مما مكنني من حصد شهرة واسعة ونجومية عالمية وحصولي على العديد من الدروع والشهادات التقديرية التكريمية.
وطبعاَ هناك تحضير مسبق لبعض المناسبات حول طابعها، عنوانها، الحضور والشخصيات المتواجدة مع أصحاب المناسبة وقد يحصل بعض الإرتجال من خلال الموهبة، والشاعر الزجلي يكون دائماً بحالة شرود معّرض لأي موقف يكون له إطلالة ودور في الكلام أو بطلب من الحضور فمن الضرورة بمكان التحضّر نفسياً وذهنياً لأي طاريء بكلمات شاعرية معبرة من وحي المناسبة ونستذكر في هذه العجالة ما قاله الشاعر أسعد سعيد يوماً الشاعر بلا ذاكرة ما بيسوى شيئاً. إضافة لذلك حفظ الكثير من القصائد والموشح والقرادي ومفردات أدبية، كل ذلك الإلتزام والتماشي مع العصر والتطرق بالشعر إلى أحداث محلية وعالمية آنية ومفارقات تحصل في المجتمع وشخصياً أتابع ذلك وأنقله إلى المشاهد والمستمع بلغّة وطريقة شاعرية زجلية مُبسّطة، وأعتبر الشاعر الزجلي صاحب رسالة، إنسانية وإحساس قبل كل شيء.
وأحياناً أتحاور زجلياً في بعض المواضيع المستجدة مع إبنتي ميرا وإبني ربيع، وهناأسترجع حكمة قالها الأديب مخائيل نعيمة: “للعادة سلطان على الناس لا يضاهيها أي سلطان في الدنيا”، وكل ما أحببت موهبتك وأعطيتها من وقتك وأحاسيسك، كلما أعطتك حضوراً وتألقاَ ونجاحاً، وميزتي هي موهبة الشعر والصوت والكاريزما واختيار المواضيع التي تخص الإنسان وتعالج مشاكله اليومية بعضها بمشاركة أبنائي فقد تمكنّا من الوصول إلى قلوب المشاهدين والمستمعين في كافة أصقاع الأرض محلياً وإغترابياً وفخور جداً بما وصلت إليه والكّم الهائل من رسائل التواصل اليومية معي من كافة دول العالم.
*كيف تنظر إلى مستقبل هذا الفن في ظل العولمة والتكنولوجيا ومجاراة العصر؟
الشاعر المصري الكبير مصطفى محمود يقول: “من يقرأ التاريخ لا يدخل إلى قلبه اليأس”، وشخصياَ أضيف: “من ليس له ماضٍ ليس له حاضر. يجب التعلق بالتراث والقيم التي تربينا عليها مع مجاراة العلم والتطور الذي يخدمنا إيجابياً وليس سلبياً وقد أنجزت شبه نقلة نوعية من التنوع الذي قدمته على خشبة منابر الشعر الزجلي مع أمنياتي وطموحي ترك بصمة معينة في هذا الحقل.
وبختام هذا الحديث لا بد من أن أعبر عن إعتزازي بهذا الوطن والتنوع في جمال طبيعته وفصوله كما في شعبه المضياف المحب والمخزون الفكري والثقافي والإجتماعي والفني الموجود لدى المواطن اللبناني تخطى أي مخزون آخر أو ميزة لدى آخرين في الوطن العربي مع كل الإحترام لباقي الدول والمجتمعات وكل تلك الصفات تجعلك محط إحترام وتقدير الآخرين وتقربهم منك.
ولكم جزيل الشكر والإمتنان على هذا اللقاء مع الود والتحايا والأمنيات لكافة الأسلاك العسكرية الساهرة على أمن الوطن والمواطن وكان لي شرف الإنتماء إلى أحداها.
المصدر:فؤاد رمضان “مجلة الأمن”